المنطقة الآمنة: هل نصب ترامب فخاً لأردوغان؟

المدن - عرب وعالم

الأربعاء 2019/10/09
أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الأربعاء، أن التحضيرات التركية لعملية عسكرية محتملة في مناطق شرق الفرات السورية، مستمرة.

جاء ذلك في تصريح للأناضول، قبيل مشاركته في افتتاح العام الدراسي الجديد، في جامعة الدفاع الوطنية التركية في مدينة إسطنبول.

وأوضح أكار أن إرسال تعزيزات عسكرية إلى الوحدات العاملة قرب الحدود التركية السورية، ما زالت متواصلة. وأضاف أنه يتابع مع قادة القوات التركية عن كثب، الاستعدادات للعملية المرتقبة.

من جهة ثانية، دعا وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، إلى حل الأزمة في شمال شرق سوريا عن طريق الحوار بين أنقرة ودمشق والأكراد.

وقال لافروف في مؤتمر صحافي، الأربعاء، إن "موقفنا ينطلق من ضرورة حل المشاكل في سوريا عبر الحوار بين السلطة المركزية في دمشق وممثلين عن الأكراد، الذين هم سكان تقليديون لهذه الأرض". وأعربت موسكو في وقت سابق، تعليقاً على احتمال قيام تركيا بعملية عسكرية في شمالي سوريا، عن أملها في أن تلتزم تركيا في جميع الظروف بـ"وحدة الأراضي السورية". كما أكدت على ضرورة تفادي أي أعمال من شأنها أن "تعرقل التسوية السلمية في سوريا".

الرئيس الإيراني حسن روحاني، دعا تركيا كذلك إلى ضبط النفس وتجنب أي عمل عسكري في شمال سوريا وقال إنه يتعين على القوات الأمريكية مغادرة المنطقة.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء عن روحاني قوله "تركيا لديها كل الحق للقلق بشأن حدودها الجنوبية. نرى أنه ينبغي اتباع مسار سليم لإزالة هذه المخاوف... على القوات الأمريكية أن تغادر المنطقة... يتعين على الأكراد في سوريا... مساندة الجيش السوري".

في غضون ذلك، طالب "الحزب الديموقراطي التقدمي الكُردي في سوريا"، بـ"فتح قنوات للحوار مع الحكومة السورية ودعوة الجيش السوري للانتشار على طول الحدود السورية–التركية، والبدء بحوار جدي لحل القضية الكردية في سوريا ضمن الإطار الوطني السوري"، بعد إجتماع "استثنائي" للجنة الحزب المركزية.


وقالت اللجنة إنها "لا ترى أي مبرر أو مسوغ لهذه الذرائع التركية فالشعب الكردي في سوريا لا يشكل خطرا على الأمن القومي التركي، ولا يهدد المصالح التركية، ويتطلع إلى إقامة أفضل العلاقات مع تركيا على قاعدة حسن الجوار والمصالح المشتركة بين بلدينا سورية وتركيا". وأضافت "لذا فإن اللجنة المركزية تدعو تركيا إلى وقف مثل هذا التهديد، واللجوء إلى أسلوب الحوار لحل القضايا ذات الاهتمام المشترك".

وتحدث البيان عن "ضرورة البدء بتحرك دبلوماسي مع القوى الدولية والإقليمية الفاعلة في الشأن السوري لدرء خطر الغزو التركي للمناطق الكردية، وكذلك العمل مع حزب الاتحاد الديموقراطي للتفاهم حول سبل إبعاد خطر نشوب حرب في المنطقة التي لن تجلب سوى الخراب والدمار لأبناء المنطقة من كل المكونات".

وكالة "آكي" قالت إن قوات "قسد" تمنع المدنيين العرب من الخروج من تل أبيض، فيما فسره ناشطون بأنه "محاولة لاتخاذهم درعاً بشرياً" أمام الهجوم التركي المحتمل، وسط وجود "حركة خروج" لمقاتلي "وحدات حماية الشعب" الكردية مع أسرهم من المدينة ومن بلدة رأس العين، باتجاه بلدة عين العرب.

من جهتها، عبرت ألمانيا وبريطانيا عن قلقهما من خطط تركيا للتحرك العسكري. وقالت المتحدثة باسم الحكومة الألمانية إن أي تدخل عسكري "ستكون له عواقب أمنية وسياسية وإنسانية دامية".

وأبدى عدد من الزعماء الأوروبيين في لوكسمبورغ، قلقهم من تدفّق مزيد من المهاجرين بسبب الوضع في سوريا التي تُهدّد تركيا بشنّ عمليّة عسكريّة على أراضيها. وفي نصّ مشترك أُرسِل إلى وزراء داخليّة الاتّحاد الأوروبي، الثلاثاء، سلّطت اليونان وقبرص وبلغاريا الضوء على "الارتفاع الكبير في عدد المهاجرين الوافدين عبر طريق شرق البحر الأبيض المتوسط"، ورأوا في ذلك "مؤشّرات مقلقة على ظهور أزمة".

وقالت الدول الثلاث التي طلبت مزيداً من الدعم لشركائها الأوروبيين إنّ "العوامل الجيوسياسيّة، ولا سيّما النزاعات في المنطقة، خصوصاً في سوريا، ستؤدّي على الأرجح إلى استمرار هذا المنحى المقلق على المدى القصير أو المتوسّط".

وقال نائب الوزير اليوناني المكلّف أمن المواطن، للصحافيين "نحن قلقون جدّاً". وقال وزير خارجيّة لوكسمبورغ المكلّف أيضاً ملفّ الهجرة: "آمل ألا تحصل أيّ عمليّة". وأضاف "تخيّلوا أنّكم لاجئون سوريّون في تركيا. هناك خطر بأن يتمّ نقلكم في أحد الأيّام إلى شمال شرق سوريا من دون أن يكون لكم رأي في ذلك. إنّه عامل يُمكن أن يولد اندفاعاً (للهجرة) نحو أوروبا".

ولدى سؤاله عن هذا السيناريو خلال مؤتمر صحافي، أكّد المفوّض الأوروبي للهجرة أنّ الاتّحاد الأوروبي ملتزم "السلامة الإقليمية للدولة السورية". وقال إنّ الاتّحاد الأوروبي يدعو إلى "إنهاء الأعمال العدائيّة، وحماية المدنيّين، ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وبلا عوائق إلى كلّ أنحاء سوريا".

ووجهت الصحف البلجيكية انتقادات لاذعة لقرار الرئيس الأميركي سحب قوات بلاده من شمال شرقي سوريا. ووصفت صحيفة "لا ليبربلجيك" ترامب بـ"الأرعن" الباحث عن فترة رئاسية ثانية. وأضافت: "يعتبر القرار الأميركي طعنة في الظهر لحلفائنا الأكراد الذين قاتلوا بشجاعة ضد تنظيم الدولة الإسلامية". صحيفة "لوسوار"، رأت في القرار "تعبيراً فظاً عن جهل تام لما يجري في هذه المنطقة من العالم". وأشارت إلى "حالة تخبط خطيرة داخل الإدارة الأميركية".

صحيفة "لوفيف" وصفت القرار بـ"هدية مسمومة" يقدمها ترامب للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ما يضع أمامه تحديات كبيرة وهو الذي يعاني أصلاً من صعوبات وتعقيدات على الصعيد الداخلي".

وترى بروكسل أن "افساح المجال أمام عملية عسكرية تركية في شمال شرقي سوريا ينسف كل الجهود الدبلوماسية لحل الصراع في هذا البلد، وقد يؤدي إلى موجات هجرة جديدة".

القاصد الرسولي في حلب المطران جورج أبو خازن، قال بدوره لوكالة "آكي"، إن الهجوم سيؤدي "من المؤكد إلى تطهير عرقي"، مذكرا بأن هذا "ما حدث بالفعل في عفرين"، حيث "شنت القوات التركية العام الماضي عملية غصن الزيتون، التي أجبرت مئات آلاف الأكراد على ترك منازلهم وأرضهم". واشار المطران إلى أن "العالم يغلق عينيه، لكن هذا هو الواقع وهو يقلقنا"، محذراً أيضاً من "العواقب المحتملة على الأقليات المسيحية الأخرى، مثل الأرمن والسريان الذين يعيشون في الجزء المسمى: المنطقة الآمنة"، من الذين "تعرضوا تاريخياً للاضطهاد من قبل الأتراك"، حسب المسؤول الفاتيكاني.

بدورها، الحكومة الايطالية أعربت عن "القلق بشأن أنباء عن عملية عسكرية تركية وشيكة في شمال شرق سوريا". وحثت وزارة الخارجية الايطالية على "تجنب الأعمال الاحادية التي قد تتسبب في تداعيات مزعزعة للاستقرار" في المنطقة. ورأت أن "العملية السياسية في إطار الأمم المتحدة (قرار مجلس الامن رقم 2254) هي السبيل الوحيد لحل دائم للأزمة السورية".

صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية قالت إن الرئيس التركي يعمل على تعزيز نفوذ بلاده في سوريا، وإن المنطقة الأمنية "قد تكون، خلاف عملية احتلال عفرين وغيرها من المدن السورية، أكثر شمولاً. الهجوم، بالطبع، لن يكون عبر الحدود السورية. من المهم لأنقرة احتلال المدن التي توجد فيها قوات الدفاع الذاتي الكردية الآن. وهي كوباني، وتل أبيض، ومنبج، والقامشلي. ولكن، سيكون من الصعب القيام بذلك، لأن هناك في العديد من هذه المدن نقاط مراقبة ثابتة للتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة".

وأضافت أن "الجيش الوطني الجديد الذي شكلته أنقرة من فترة قريبة، سيشارك في العمليات الحربية المحتملة ضد الأكراد. فهذا الجيش المؤلف من 80 ألف مقاتل" يتبع "الحكومة المؤقتة في سوريا"، التي تعمل من مدينة غازي عنتاب، في تركيا. والهدف الرئيس لـ"الحكومة المؤقتة" هو الإطاحة بنظام الأسد.

صحيفة "أوراسيا ديلي" الروسية توقعت "مقاومة مستميتة من الأكراد الذين لا مكان يتراجعون إليه". وأضافت: "من الواضح أن خطط تركيا لا تقتصر على إنشاء منطقة أمنية. فأردوغان، يريد، من العملية المقبلة، مكاسب كبيرة، بما في ذلك لأغراض سياسية داخلية، وإلا فإن تنفيذها لا معنى له بالنسبة لأنقرة. من بين الأهداف الرئيسية، بالإضافة إلى إضعاف الأكراد السوريين وإبعادهم عن الحدود التركية مع قطع اتصال الأراضي المباشر بمناطق الأكراد في تركيا نفسها، إنشاء قواعد جديدة للجيش التركي في سوريا المجاورة. وقد سبق أن ألمحت القيادة العسكرية للدولة العضو في الناتو إلى أنها تريد أن تجعل هذا الانتشار دائما. مع أن ذلك يأتي على خلفية تأكيدات أنقرة المستمرة بأنها لا تزال ملتزمة بوحدة أراضي سوريا".

صحيفة "فزغلياد" الروسية قالت إن ترامب قد يكون نصب فخاً لأردوغان. وأضافت: "الأكراد، الآن، بالطبع، في موقف صعب، مستاؤون من أميركا ويحاولون البحث عن شركاء جدد، ولقد قاموا مؤخراً بزيارة روسيا". وأن الخطوة التي قامت بها واشنطن تجاه الأكراد، لا ينبغي تفسيرها كخسارة لترامب أمام أردوغان. إذ أنه "داخل الإدارة الأميركية، هناك مجموعتان من النخب التي تنظر إلى الوضع في المنطقة بشكل مختلف". و"هناك صراع مستمر بين مجموعتي الضغط. يبدو أن الكفة الآن تميل إلى جانب أردوغان".

و"الحجة الإضافية التي رجحت كفة أردوغان، ازدياد قوة تركيا العسكرية". إلا أن الصحيفة تداركت بالقول "إذا دخل أردوغان إلى هناك بالفعل ونشبت حرب كردية تركية حقا، فمن المستبعد أن يتمكن أردوغان من تحقيق انتصار سريع بخسائر بسيطة، لأن ردة فعل الأكراد ستكون قاسية بما يكفي. ولن يمر الأمر، من دون هجمات إرهابية في تركيا، والتي من الواضح أنها لا تخدم أردوغان. فوضعه الآن صعب للغاية في الداخل- أزمة داخل الحزب، ومنافسة. وإذا كان ثمن تعهده الكردي باهظا، فلن يجلب له ذلك سوى الخسارة".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024