بين سوريا ولبنان.:تهريب البشر يتزايد برعاية "الرابعة" و"الحزب"

أحمد الشامي

الأربعاء 2019/03/20
زادت حركة تهريب البشر من سوريا إلى لبنان، وبالعكس، خلال الشهور الثلاثة الماضية، بعدما باتت منظمة باشراف مباشر من مليشيات "الفرقة الرابعة" و"حزب الله"، على جانبي الحدود، بالتعاون مع شبكة من المهربين المحليين.

من سوريا إلى لبنان

مصدر مطلع، قال لـ"المدن"، إن أبرز الطرق التي يسلكها النازحون من سوريا باتجاه الأراضي اللبنانية هي الطرق الجبلية والوديان الوعرة، على جانبي نقطة المصنع الحدودية. وتؤدي تلك الطرق إلى بلدة مجدل عنجر اللبنانية. هذا بالإضافة إلى الطرق الحدودية الواصلة ما بين بلدة سرغايا السورية وبلدتي معربون وحام اللبنانيتين.

ويتواصل السوريون الراغبون بمغادرة سوريا، بسبب خضوعهم للملاحقة الأمنية أو الطلب للخدمة العسكرية، مع مُهربين من أبناء المناطق الحدودية الذين ينسقون بدورهم مع "الرابعة"، التي تحدد وتعطي للمُهرّبين نسبة من أجور التهريب، عن كل شخص يصل الى الأراضي اللبنانية.

وتُؤمّنُ "الرابعة" سيارات تحمل لوحات عسكرية لنقل السوريين النازحين من سوريا، لضمان عدم اعتراضهم من قبل حواجز عسكرية لمليشيات أخرى. وتنقل السيارات النازحين إلى نقطة التجمع، التي غالباً ما تكون في مناطق نفوذ "حزب الله" داخل الأراضي السورية وعلى مقربة من الحدود.

ومن هناك، تبدأ قافلة النازحين، التي لا يزيد عددها عن عشرة أشخاص، مسيرها مع حلول الظلام برفقة عناصر من "حزب الله" حتى مسافة قصيرة ضمن الأراضي اللبنانية، حيث يتسلمها مُهربون لبنانيون يعملون مع الحزب، لاكمال المسير داخل الأراضي اللبنانية. ولا يخلو المسير في الأراضي اللبنانية من المخاطر بسبب الألغام الفردية والتي غالباً ما تتسبب بوقوع قتلى وجرحى بين النازحين.

وتبدأ أجور التهريب بـ100 دولار للأشخاص غير الملاحقين أمنياً ممن يجدون صعوبة بدخول لبنان بشكل رسمي بسبب تعقيد الإجراءات على الحدود، والذين غالباً ما يكون سفرهم إلى لبنان بغرض زيارة أقارب في المخيمات. في حين تبدأ تكاليف تهريب الملاحقين أمنياً والمطلوبين للخدمة العسكرية بـ500 دولار وتصل إلى 1500 دولار. وأحياناً تتخطى هذه المبالغ، بحسب إمكانيات الأشخاص الهاربين المالية، وقدرة عناصر "الرابعة" والمُهرّبين على تحصيل أكبر قدر ممكن من المال منهم.

مصادر محلية متقاطعة من بلدة مجدل عنجر اللبنانية، أكدت لـ"المدن"، أن الجيش اللبناني كثف من دورياته في المناطق التي يستخدمها المُهربون للوصول الى لبنان، منذ مطلع شباط/فبراير، تزامناً مع شروعه باغلاق المعابر غير الشرعية مع سوريا، للحد من عمليات تهريب الأفراد والبضائع. ولم تؤثر هذه الخطوة كثيراً على عملية التهريب، بسبب جغرافية المنطقة الوعرة، ما يُسهّلُ عملية التخفي فيها، هذا عدا عن تأمين مليشيا الحزب للقوافل، منذ لحظة دخولهم الأراضي اللبنانية وحتى الوصول إلى بر الأمان.

وأشارت مصادر "المدن" إلى أن المُهرّبين يتخلون عن قافلة النازحين ويتركونها لمواجهة مصيرها، إذا ما اقتربت منها دوريات الجيش اللبناني. وعند وقوع القافلة بيد الجيش اللبناني، يتم تحويلها إلى وحدات الدرك في المخافر الحدودية، والتي تتبع الإجراءات القانونية بحق الموقوفين، وفقاً لما يتناسب مع دخول الأراضي اللبنانية بطريق غير شرعية.

من لبنان إلى سوريا

يتعاون عناصر "حزب الله" و"الفرقة الرابعة" أيضاً، على تأمين عودة السوريين من لبنان إلى سوريا، من دون تسجيلهم في قوائم "العودة الطوعية". وغالباً ما يكون هذا النوع من العائدين، هم من الملاحقين أمنياً في سوريا، ممن يتجنبون أيضاً العودة بشكل نظامي عبر المعابر الشرعية.

وتكلفة هذا النوع من الرحلة المعاكسة هي 300 دولار على الشخص الواحد. ويعود انخفاض التسعيرة، لعدم وجود ضمانات من "الحزب" و"الرابعة" للعائدين وفق هذه الطريقة بعدم اعتقالهم عند الوصول إلى مدنهم أو بلداتهم، من قبل أي جهاز أمني.

وقد اعتقل "الأمن العسكري" أشخاصاً عادوا بهذه الطريقة إلى ريف دمشق، بهدف زيارة ذويهم، خلال الشهور الثلاثة الماضية. ولم يتمكن أحد من معرفة مصيرهم بعد. ووفقاً لمصدر "المدن"، فإن الأهالي الذين تشجعوا وطالبوا "الأمن العسكري" بالكشف عن مصير أولئك المفقودين، قيل لهم إنهم لا زالوا في لبنان، ولم يدخلوا الأراضي السورية!.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024