مقاتلو ريف دمشق.. في إدلب

هارون الأسود

الأحد 2017/03/19
387 حافلة خضراء، نقلت 14270 مهجّراً من ريف دمشق، بينهم ما يقارب 4300 مقاتل من محيط العاصمة دمشق، كان لوجودهم بسلاحهم الخفيف على مدار أعوام تأثير كبير على النظام ومليشياته.

ويعُد مقاتلو داريا وثوارها، الأكثر نشاطاً في الشمال السوري، بعدما رفضوا "تسوية أوضاعهم" لدى أجهزة النظام الأمنية. في 27 آب/أغسطس 2016 خرج 1700 شخص من داريا، في 60 حافلة، في إعلان عن انتهاء النضال المسلح لمقاتلي "نخبة الخير" على أرض داريا، التي أطلق عليها اسم "أيقونة الثورة السورية". وبدأ "لواء شهداء الإسلام" فور وصوله إدلب، العمل على تأسيس بنية عسكرية منظمة، من خلال دورات تدريبية لعناصره على الأسلحة الثقيلة ومضادات الدروع، التي كانوا قد خاضوا كافة معاركهم في داريا سابقاً، من دون وجودها.

وتعتبر جبهة ريف حماة الشمالي، هي الأهم لكافة مهجّري ريف دمشق، لأن التقدم من خلالها هو بمثابة الخطوة الأولى نحو طريق العودة. وشارك "لواء شهداء الإسلام" في المعارك الدائرة على هذه الجبهة، سعياً لتحرير كتلة تل بزام وقرى معان وكوكب والكبارية، كما شارك في المعارك الدائرة في محيط مدينة حلب، على جبهات "ضاحية الأسد" وما حولها.

كتلة "الاتحاد الإسلامي ﻷجناد الشام" في داريا، والتي تضم "لواء المقداد بن عمرو" و"لواء سعد بن ابي وقاص"، انضمت بدورها إلى "الإتحاد الإسلامي لإجناد الشام" العامل في الشمال السوري، بعد التهجير، وشارك مقاتلوها في نقاط الحراسة على جبهات كفريا والفوعة، قبل أن يعلن "لواء المقدام" انضمامه إلى صفوف "حركة أحرار الشام".

وفي 13 تشرين الأول/اكتوبر 2016، خرجت من قدسيا والهامة في ريف دمشق، 28 حافلة، تضم 1275 مهجراً، منهم 650  مقاتلاً من "لواء شهداء العاصمة" و"لواء نسور دمشق" وكتائب أخرى. وحاول مقاتلو قدسيا والهامة، المهجّرون، الانخراط في جبهات ريف حماة الشمالي، إلا انهم لم يتمكنوا من ذلك بسبب انفجار سيارة مفخخة في أحد معسكراتهم. بينما حُلّ "لواء شهداء العاصمة" عقب اختطاف نائبه من قبل جهة مجهولة، والتحقت كتيبة منه لشهور قليلة بـ"ألوية صقور الشام" وشاركت في المعارك الدائرة في محيط حلب على جبهات 1070 ومنيان. فيما عمل "لواء نسور دمشق" في مناطق رباط المعارضة في ريف حماة الشمالي لشهور قليلة. بينما فضّل عدد من المقاتلين الانضمام إلى "هيئة تحرير الشام" والخضوع لدورات تدريب مكثفة.

وفي 3 كانون الأول/ديسمبر 2016 خرجت من مدينة التل 35 حافلة تضم 2000 مهجّر منهم 500 مقاتل من الجيش الحر فضّل أغلبهم الوقوف على الحياد، ريثما يتم فتح معارك في جبهات الشمال، في حين انضم جزء منهم إلى "هيئة تحرير الشام" ليخضعوا بعدها إلى دورات عسكرية مكثفة تمهيداً لنقلهم إلى الجبهات الساخنة. ومقاتلو التل سابقاً كانوا ضمن تشكيلات "شهداء التل" و"لواء الغرباء" و"كتائب الفتح" و"كتائب المعتز بالله"، وأغلبها قد انحلّ تلقائياً، أو دخل حالة من الخمول.

في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 2016 خرجت أكبر دفعة من ريف دمشق، وضمّت 4000 شخص من خان الشيح وزاكية والكسوة والمقيلبية والطيبة وكناكر وبيت سابر وبيت تيما وسعسع وكفر حور، منهم 1100 مقاتلاً، يعتبرون الأكثر تنظيماً بعد ثوار داريا. ويعود ذلك لأن أغلب فصائل المعارضة من تلك المناطق تتبع لقوى عاملة في الشمال السوري، وأهمها "أحرار الشام". الفصائل التي كانت تتواجد في خان الشيح، وفي محيط مخيّمه، كانت تضمّ بدورها مقاتلين من دروشا والكسوة وجديدة عرطوز وجديدة الفضل والمزة وكفرسوسة وداريا والقدم وقطنا والدير خبية. ويتبع عدد كبير من أولئك المقاتلين إلى "أحرار الشام" وفصائل عادت وشكّلت "هيئة تحرير الشام". وهم يعملون الآن في صفوف "الأحرار" و"الهيئة"، بينما انضم الفصيل العامل باسم "الإتحاد الإسلامي ﻷجناد الشام" إلى "فيلق الرحمن"، فيما ذهب أفراد "ألوية الفرقان" إلى مواقع تمركز فصيلهم شمالاً، ويعمل "لواء الفاتحين" على  نقاط رباط وحراسة حول جبهات كفريا والفوعة، أما "كتيبة أحرار داريا" فانضمت إلى صفوف "لواء شهداء الإسلام". وبالنسبة للفصيل الذي كان يعمل تحت اسم "جبهة ثوار سوريا/ألوية أبو دجانة" فقد انقسم لنصفين؛ أحدهما يعمل مناصراً لـ"هيئة تحرير الشام" والآخر يشارك في جبهات التركمان في ريف اللاذقية مع "الفرقة الساحلية الأولى". بينما حُلّت بشكل شبه كامل "جبهة أنصار الإسلام" و"كتيبة فرسان السنّة" و"لواء شهداء الشام". ويشارك المقاتلون الذين انضموا مؤخراً إلى فصائل الشمال، في المعارك ضد قوات النظام والمليشيات المساندة له. إلا أن عدم وجود جبهات مفتوحة في الوقت الحالي، يحول دون انخراطهم بأي نشاط سوى نوبات الحراسة فقط.

وفي 20 تشرين الأول/أكتوبر 2016 خرجت 70 حافلة من منطقة معضمية الشام، تُقلُّ 650 مقاتلاً مع عوائلهم، ويتبع أغلبهم لفصائل مدينة داريا، ومنها "لواء شهداء الإسلام" و"الاتحاد الإسلامي ﻷجناد الشام"، وهم يعملون حالياً في الشمال السوري مع ثوار داريا و"فصيل المقداد" الذي أعلن انضمامه إلى صفوف "حركة أحرار الشام". وحملت قوافل المُهجّرين من معضمية الشام عدداً من عوائل وأهالي داريا، ممن كانوا قد نزحوا في وقت سابق من داريا إلى المعضمية.

في 30 كانون الثاني/يناير 2017 خرجت 45 حافلة من وادي بردى، تُقلُّ 2150 مهجراً، منهم 500 مقاتل، انضم عدد منهم إلى "هيئة تحرير الشام" و"حركة أحرار الشام". وتحاول الفصائل الأخرى التي كانت تعمل في وادى بردى، وأهمها "لواء أبدال الشام" و"كتائب الحمزة" تأسيس قاعدة لها من جديد في مناطق الشمال السوري.

وفي 21 شباط/فبراير 2017 خرجت ثماني قوافل من سرغايا تُقلُّ 350 شخصاً منهم 150 مقاتلاً انضموا في الشمال السوري إلى فصائل وادي بردى، وكتائب من "أحرار الشام" ينشط فيها مقاتلو مدينة الزبداني.

أهالي مضايا والزبداني، خرجوا على دفعتين؛ الأولى في 28 كانون الأول/ديسمبر 2015، في 7 حافلات أقلّت 120 شخصاً بينهم ما يقارب 65 مقاتلاً جريحاً، مقابل إخلاء جرحى من مناطق كفريا والفوعة في ريف إدلب، أما الدفعة الثانية فكانت في 21 نيسان/إبريل 2016 وأقلّت 250 شخصاً في ثمان حافلات، ضمت 150 مقاتلاً يتبع أغلبهم لـ"حركة أحرار الشام".

وكان مقاتلون من الزبداني قد شاركوا في القتال مع فصائل وادي بردى أثناء اقتحام مليشيات النظام للوادي. إلا أن طبيعة اتفاقيات التهجير المبرمة لاخلاء مقاتلي الزبداني ومضايا، تختلف عن كافة اتفاقيات المناطق الأخرى في ريف دمشق، ﻷن مصير هاتين المنطقتين يرتبط بمصير منطقتي كفريا والفوعة المحاصرتين من قبل فصائل الشمال السوري.

نسبة مُهجّري ريف دمشق الذين غادروا مناطق الشمال إلى تركيا وما حولها، تبلغ حوالي 30 في المئة، وتتفاوت بحسب المناطق. وتتوزع العائلات المُهجّرة على كافة مناطق وقرى الشمال السوري، وأهمها مخيمات اللجوء الحدودية مع تركيا؛ في أطمه وسرمدا وباب الهوى وقاح، التي تُعتبر آمنة نوعاً ما من قصف الطيران الحربي، وﻷن أغلب من يقطنها ممن يعانون ظروفاً مادية صعبة. ويقطن عدد من المُهجّرين في مراكز إيواء ضمن القرى والمدن الرئيسية، كمدينة إدلب ومعرة مصرين ومعرة حرمة.

ويتوزع البقية على مناطق جسر الشغور وجبل الزاوية وسراقب وبنش ومعرة النعمان، ويعيشون في منازل مأجورة بأسعار رمزية، بسبب كثافة القصف العشوائي. بينما تقطن أعداد محدودة في سرمدا وكللي وأطمة والدانا، التي ترتفع تكاليف وأجور المنازل فيها، كونها لا تشهد حملات قصف عشوائي.

ويعاني مهجّرو ريف دمشق أوضاعاً إنسانية صعبة في الشمال السوري، لعدم وجود فرص عمل للمدنيين منهم، تزامناً مع التوتر بين فصائل المنطقة، والذي أفضى إلى تحييد عدد من المقاتلين المُهجّرين عن قتال النظام، لعدم وجود جبهات مفتوحة، خاصة عقب دخول المنطقة في حالة هدنة شبة تامة، بعد خسارة المعارضة مدينة حلب، وبدء محادثات أستانة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024