جرحى روس في قصف على الحسكة..هل ردت تركيا؟

عقيل حسين

الجمعة 2020/07/17
التزمت كل من موسكو وأنقرة الصمت حيال الاتهامات الموجهة لتركيا بالمسؤولية عن القصف الذي طال موقعين في ريف الحسكة، شمال شرق سوريا الخميس، وأدّى الى سقوط جرحى في صفوف القوات الروسية وقوات النظام.

واستهدفت طائرة مسيّرة مقر اجتماعات في مدينة الدرباسية، شمالي الحسكة ما أسفر عن إصابة ستة عسكريين، بينهم ثلاثة روس وثلاثة من قوات النظام.

ونشرت وكالة أنباء "ANHA" الكردية صوراً وتسجيلًا مصورًا يظهر إسعاف جنود روس، قالت إنهم أصيبوا بالقصف الذي جاء بعد ساعات من قصف مماثل نفذته طائرة مسيّرة مجهولة الهوية على المنطقة نفسها، وأسفر عن جرح مدني.

وكان تلفزيون "روناهي" المقرب من الإدارة الذاتية الكردية قد نقل عن مصادر خاصة أنه خلال اجتماع قيادات من القوات الروسية في نقطة التنسيق للتحقيق في حادثة القصف التي تعرّضت لها النقطة صباح الخميس، استهدفت طائرة مسيّرة أخرى الاجتماع، وانفجرت فوق نقطة التنسيق التي تقع على طريق الدرباسية-الحسكة قرب مركز المدينة.

من جانبها، اتهمت قوى الأمن الداخلي في الإدارة الذاتية (أسايش) تركيا بالمسؤولية عن الهجوم، بينما لم يصدر أي تعليق رسمي من قبل تركيا أو روسيا حول الحادث.

وقال بيان صادر عن الأسايش الجمعة، إن "الطائرات التركية قامت باستهداف نقطة للقوات الروسية قرب الدرباسية، وأن التحقيقات مستمرة لمعرفة الأسباب التي دعت الى استهداف نقطة تتخذها القوات الروسية مقراً لها".

لكن حسابات تركية شهيرة على موقع "تويتر"، تروج للحكومة التركية، احتفت بالهجوم وألمحت إلى أنه جاء رداً على قصف روسي سابق لمنطقة خاضعة للنفوذ التركي شرق حلب.

وكان طيران روسي قد أغار على مركز مدينة الباب في ريف حلب الشرقي مساء الأربعاء، ما أسفر عن جرح 12 مدنياً. واتهمت المعارضة السورية موسكو بتنفيذ هذا الهجوم، على الرغم من عدم اعتراف روسيا به، بينما التزمت تركيا التي تدير المنطقة الصمت.

واستبعدت مصادر كردية مستقلة أن تكون أنقرة هي المسؤولة عن قصف نقطة الاتصال في مدينة الدرباسية، معتبرة أنه ليس من مصلحة تركيا القيام بهذه الخطوة في الوقت الحالي، على الرغم من تحرش روسيا بها في مدينة الباب.

ورجحت المصادر في حديث ل"المدن"، وقوف جماعات يسارية كردية مقربة من حزب العمال الكردستاني خلف الهجوم الذي تعمدت أن يؤدي إلى سقوط ضحايا من القوات الروسية بهدف زيادة التوتر بين كل من أنقرة وموسكو، اللتين تجمعهما علاقة شديدة الحساسية في العديد من الملفات الاقليمية، مثل المشكلة الحدودية بين أرمينيا وأذربيجان، والملف الليبي، والتطورات في سوريا بطبيعة الحال.

وذكّرت هذه المصادر بالهجوم الذي نفذته الجماعات اليسارية الكردية المتطرفة على الأراضي التركية بقدائف الهاون، غداة توقيع الاتفاق الأميركي-التركي لإقامة أول منطقة آمنة شمال سوريا عام 2018.

ورغم أن المصادر نفسها أكدت فرضية وقوف الروس خلف القصف الذي استهدف مدينة الباب، وقالت إنه كان رسالة ضغط تفاوضي موجهة إلى تركيا، إلا أنها قلّلت من أهمية إتهام الإدارة الذاتية الكردية لأنقرة بالمسؤولية عن الهجوم أو حتى إمكانية أن يأخذ به الروس الذين سيبنون موقفهم على تحقيقات جدية وليس على بيان اتهامي كردي أو تغريدات احتفائية تركية.

وكانت العلاقات بين تركيا وروسيا قد دخلت منعطفاً خطيراً في تشرين الأول/أكتوبر 2015، عقب إسقاط الجيش التركي طائرة روسية على الحدود مع سوريا، ما أدى لمقتل الطيار واقتراب البلدين من نقطة المواجهة العسكرية، قبل أن تعتذر أنقرة عن الحادث وتوسع من مجالات التعاون مع موسكو في ما يتعلق بالقضية السورية.

ويقود الجانبان مسار أستانة الذي يهدف إلى حل الصراع السوري بالتفاوض السياسي، ورغم عدم تحقيق المسار نتائج دبلوماسية مهمة، إلا أنه نجح بفرض هدنة على النظام وفصائل المعارضة في منطقة إدلب في 5 آذار/مارس، وهو الأمر الذي لا يبدو مرضياً للنظام وحليفته الأخرى إيران، اللذين يُعتقد بأنهما يسعيان أيضاً إلى تخريب التوافقات بين روسيا وتركيا حول إدلب.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024