طريق التطبيع بين السعودية وإسرائيل..مفتوح بحذر

المدن - عرب وعالم

الثلاثاء 2020/09/22
تعكس الرسائل المتباينة حول إمكانية العلاقات السعودية-الإسرائيلية ما يقول محللون ومطلعون إنه اختلاف بين نظرة ولي العهد محمد بن سلمان، ووالده الملك سلمان إلى المصالح الوطنية.

وأوضحت السعودية موقفها الرسمي بشأن أطول صراع في المنطقة: العلاقات الكاملة بين المملكة وإسرائيل لا يمكن أن تحدث إلا بعد التوصل لسلام مع الفلسطينيين. مع ذلك، أشارت وسائل إعلام ورجال دين تدعمهم الدولة في السعودية إلى أن التغيير جارٍ بالفعل مع إسرائيل، وهو أمر لا يمكن أن يحدث إلا بتوجيهات من ولي العهد.

وتنقل وكالة "أسوشيتد برس" عن الحاخام مارك شناير، مستشار ملك البحرين الذي أجرى محادثات في السعودية ودول الخليج الأخرى لتعزيز علاقات أقوى مع اليهود وإسرائيل، قوله: "ليس سراً أن هناك صراعا بين الأجيال".

وأضاف أن السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان، أخبره أن الأولوية القصوى لشقيقه ولي العهد هي "إصلاح الاقتصاد السعودي". وتابع: "لقد قال هذه الكلمات بالضبط: لن ننجح من دون إسرائيل".

وذكر أنه "بالنسبة للسعوديين، فإن المسألة مسألة وقت فحسب. لا شك في أنهم سيقيمون علاقات مع إسرائيل".

من جهته، شدد الأمير السعودي البارز تركي الفيصل على أن "أي حديث عن خلاف بين الملك وولي العهد مجرد تكهنات". وقال: "لم نشهد شيئًا من ذلك".

ويقول محللون ومراقبون إن من غير المرجح أن تضفي السعودية الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل طالما أن الملك سلمان في السلطة. بينما سلم الملك السيطرة على الشؤون السعودية لنجله، إلا أنه تدخل في بعض الأحيان بل وحتى دعم بتصريحاته الفلسطينيين.

عندما أعلن البيت الأبيض في آب/أوغسطس أن الإمارات وإسرائيل اتفقتا على إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، وهي خطوة توافقت مع البحرين بعد أسابيع، امتنعت المملكة عن انتقاد الصفقة أو استضافة قمم تدين القرار، على الرغم من الطلبات الفلسطينية للقيام بذلك.

لكن وسائل الإعلام السعودية التي تسيطر عليها الحكومة أشادت بها ووصفتها بأنها تاريخية وجيدة للسلام الإقليمي. كما وافقت المملكة على استخدام المجال الجوي السعودي للرحلات الجوية الإسرائيلية إلى الإمارات.

ونُقل عن بن سلمان في صحيفة "ذي أتلانتيك"، خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة في نيسان/أبريل 2018 قوله إن إسرائيل اقتصاد كبير و"ثمة الكثير من المصالح التي نتشاركها مع إسرائيل". وقال إن الفلسطينيين والإسرائيليين لهم الحق في أرضهم، قبل أن يضيف أنه يجب أن يكون هناك اتفاق سلام لضمان الاستقرار ووجود علاقات طبيعية.

الأكثر دلالة، كان إعلان البحرين إقامة علاقات مع إسرائيل. ويقول محللون إن الخطوة لم تكن لتحدث من دون موافقة السعودية. وقال حسين إيبش، الباحث المقيم البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، إن هذا يشير بقوة إلى أن السعودية منفتحة على فكرة العلاقات الرسمية مع إسرائيل. "يشير لي ذلك أنهم على استعداد للنظر إلى هذا بأنفسهم في المستقبل، ربما". 

لكن الأمير تركي يرى إن الدول العربية يجب أن تطالب بثمن باهظ لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وقال إن إسرائيل تظل "حجر العثرة في كل هذه الجهود". وأضاف "وجهة نظري هي أنه إذا كنت تستدرك الآن المواقف السعودية بشأن فلسطين ... ترى ان أكثر من 90 في المئة من السكان يدعمون الموقف الرسمي للسعودية بأنه يجب أن تكون هناك دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية".

صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية قالت إن المعلقين الأميركيين محقون في الترحيب بالاتفاقيات بين الإمارات والبحرين وإسرائيل لأننا لا نرى كل يوم بوادر مصالحة بين العرب والإسرائيليين، وما يصاحبها من التبادل البشري والرحلات الجوية المباشرة بين تل أبيب والعواصم العربية.

مع ذلك ترى أن مثل كل الأخبار السارة في الشرق الأوسط، من المرجح أن تكون قصيرة الأجل وأن تترك فينا مذاقاً مراً. وأضافت أنه تحت مظهر "السلام" الخادع تعزز هذه الاتفاقيات 4 ديناميكيات شائنة تفوق بكثير المجاملات الحالية بين الحكومات العربية وإسرائيل.

أولا، أن "اتفاقات أبراهام" لا تنهي صراعاً واحداً في الشرق الأوسط، فلا توجد علاقات دبلوماسية بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، ولم تدخلا في صراع معها. والصراعات الفعلية في المنطقة تدور في اليمن وسوريا وليبيا ولبنان. واتفاقات "السلام" هذه لا تقربنا من إنهاء هذه الصراعات، بل إنها من المرجح أن تعمل على تفاقمها.

ثانيا، تطبيع العلاقات بين الإمارات والبحرين وإسرائيل من دون اتفاق سلام بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية يزيد تآكل احتمالات حل الدولتين.

ثالثا، من المتوقع أن يؤدي شعور الفلسطينيين العميق بالخيانة إلى زيادة "تطرفهم"، ومن المرجح أن يفاقم ذلك الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني. 

وأخيراً، سيؤدي تطبيع العلاقات مع إسرائيل إلى توسيع الفجوة بين الحكام العرب وشعوبهم. ولطالما كان الرأي العام العربي معادياً لإسرائيل، وغالباً تغذي الأنظمة العربية هذا العداء لصرف الانتباه عن إخفاقاتها، ولكن عندما شعرت هذه الأنظمة بالحاجة للاعتراف بإسرائيل كانت مقيدة بالعداء الذي أشعلته بين شعوبها.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024