حزب الشعب التركي المعارض يدعو موالين للأسد إلى اسطنبول!

المدن - عرب وعالم

الإثنين 2019/09/09
كشفت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام، عن نية شخصيات موالية حضور مؤتمر يبحث "المسألة السورية" ينظمه "حزب الشعب الجمهوري" التركي المعارض في مدينة اسطنبول.

في حين تحدثت مواقع تركية عن ورشة عمل لا مؤتمر، تعقد لمناقشة الملف السوري وتأثيره على الجوار. وتنعقد الورشة في 28 أيلول/سبتمبر، وسيكون ملف "المهجرين السوريين" أحد عناوينه الرئيسية.

وأكد مدير "مدرسة الإعداد الحزبي المركزية" التابعة لـ"حزب البعث العربي الاشتراكي" بسام أبو عبدالله، تلقي الحزب دعوة لحضور المؤتمر، قائلاً: "ستكون أول فرصة يتاح فيها للسوريين لأن يكونوا في اسطنبول، ويقدموا مقاربتهم لما يجري". وبيّن أن "حزب الشعب" يعمل على "تقديم مقاربة أخرى لهذا الملف، عبر دعوة شخصيات سورية قد لا تكون حكومية". وأضاف: "طالما أن حزب الشعب يقف ضد الحرب على سوريا ويعتبر أن السياسة التركية كانت خاطئة، وهذا الموقف بالنسبة لسوريا يعتبر موقفاً إيجابياً يمكن البناء عليه، وعلينا التفاعل معه بشكل إيجابي لأن الداخل التركي ليس رجب طيب أردوغان".

وأكد الصحافي سركيس قصارجيان، أيضا تلقيه دعوة لحضور المؤتمر، وقال: "الدعوة وجهت له باعتباره صحافياً مواكباً للأزمة السورية منذ بدايتها، ومتخصصاً في الملف التركي، وهي جاءت من قبل نائبي حزب الشعب".

وقال مدير "مؤسسة القدس الدولية" خلف المفتاح، الذي تلقى الدعوة أيضاً: "في حال كان هذا المؤتمر يشكل مصلحة سورية فإن حضوره سيحصل".

لكن الجانب التركي لم يصف الاجتماع بأنه مؤتمر، وقال إنه "ورشة عمل دولية بمشاركة متحدثين من دول الجوار والمنظمات والمؤسسات الدولية"، بحسب وكالة "أكي" الإيطالية.

وقال نائب رئيس "حزب الشعب" أونال شفيق أوز، إن الورشة ستناقش المشاكل الأساسية التي تواجه اللاجئين السوريين في ظل الأزمة الاقتصادية في تركيا إلى جانب العمالة، وستحاول تقديم حلول لمعالجة كل المشاكل المحددة. وأكد شفيق أوز أن تركيا شهدت أكبر موجة نزوح بسبب ما حصل في سوريا، في حين يعيش بعض اللاجئين السوريين خارج الولايات التي يتم تسجيلهم فيها، واصفاً ذلك بـ"الخطير".

ويعتبر "حزب الشعب الجمهوري" من المعارضين للسياسة السورية ل"حزب العدالة والتنمية" الحاكم، ودعا مراراً  إلى ضرورة عودة العلاقات بين تركيا والنظام السوري، وهدد خلال السنوات الأخيرة بترحيل اللاجئين السوريين في تركيا وانتقد الحكومة التي سمحت بدخولهم.

رئيس "حزب الشعب الجمهوري" كمال كليجدار أوغلو، كان قد قال في مقابلة أجراها مع صحيفة "خبر تورك"، في آب/أغسطس الماضي، بضرورة "دعوة جميع الأطراف في سوريا بمن فيهم ممثلون عن نظام الأسد إلى مؤتمر دولي عن اللاجئين السوريين".

وقال أوغلو: "بما أن الحكومة التركية لم تقدم على ذلك مسبقاً، سنقوم نحن بتنظيم هذا المؤتمر وسيكون هدفنا توضيح الحقائق في سوريا، بالإضافة إلى أننا سنقوم بدعوة جميع الأطراف الدولية المهمة". وأشار إلى أنهم سيدعون جميع الأطراف في سوريا بمن فيها الأطراف المدافعة عن الأسد والمعارضة، وقال "إذ يتوجب على تركيا رؤية الحقائق بكل أبعادها".

وأضاف أنه لن يكون هناك مدعوون من "وحدات حماية الشعب"، وقال "يمكن أن ندعو على سبيل المثال ممثلاً عن وزارة الخارجية في سوريا ليشرح سياسة الأسد ولكن سيكون هناك في الوقت ذاته معارض له على الطاولة نفسها، نسعى لتأسيس شيء شبيه بمؤتمر جنيف كما سندعو ممثلين لجمعيات خاصة باللاجئين".

وفي تموز/يوليو، دعا كمال كليجدار أوغلو، الى عقد محادثات رسمية مع نظام الأسد وعودة السفير التركي إلى دمشق، رغم أن الحكومة التركية كانت قد سحبت سفيرها من دمشق في آذار/مارس 2012، وقامت بدعم المعارضة السورية سياسياً وعسكرياً بعد اندلاع الثورة السورية، ما أثار حفيظة "حزب الشعب الجمهوري".

موقع "TRT" التركي كان قد قال إن حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، يواجه تغيُّراً حادّاً في سياسته تجاه سوريا، بعد الدعوة لعقد المؤتمر. فالحزب كان "يتبع نهجاً أكثر توازناً تجاه القضية السورية طوال العامين الماضيين. بيد أنَّ بعض الأحداث الأخيرة في السياسة الداخلية في تركيا والموقف السياسي المتغير لحزب الشعب الجمهوري بعد الانتخابات المحلية الأخيرة هما من أسباب التغيُّر اللافت للنظر في سياسته تجاه سوريا على ما يبدو".

الحزب وطوال سنوات الحرب في سوريا كان أقرب إلى نظام الأسد منه إلى المعارضة، ورفض التدخل الأجنبي في سوريا، وأصرّ على أنَّ الأسد يجب أن يشارك في عملية التوصُّل إلى حلٍّ في سوريا.

وعُقِد ممثلون عن الحزب لقاءات شخصية مع بشار الأسد، في عام 2011، و2012 و2013. وأظهر الحزب دعمه الكامل للأسد للتعاون في بعض القضايا التي تشمل الهجرة والصحافيين الأتراك المسجونين في سوريا. وكذلك أجرى الأسد لقاءً مع قناة الحزب في ذلك الوقت.

وبعد هجوم النظام الكيماوي على الغوطة في آب 2013، جمَّد الحزب تعاملاته المباشرة مع النظام السوري، واتَّبع نهجاً أكثر توازناً بين عامي 2013 و2016. وبعد محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في عام 2016، وصعود تحالف الحركة القومية والعدالة والتنمية، أيّد الجمهوري في البرلمان التركي قراراً يمنح الحكومة الإذن لإجراء عمليات عسكرية عبر الحدود في سوريا والعراق، ولكنه سجّل بعض التحفظات على العمليات.

تحفُّظات حزب الشعب الجمهوري على سياسة تركيا تجاه سوريا اختفت قبل الانتخابات المحلية التي عُقِدت في 31 مارس/آذار الماضي، ففي الفترة التي سبقت الانتخابات والوقت الذي أعقبها، أظهر الحزب التزاماً قويّاً بدعم عمليةٍ عسكرية محتمَلة عبر الحدود في سوريا.

إلا أن التحول الأخير في سياسة حزب الشعب الجمهوري تجاه سوريا يرتبط بديناميات الشؤون السياسية الداخلية في الأشهر الأخيرة منذ أن عزَّز الحزب قوته في الانتخابات المحلية الأخيرة، وعاد يتصرف تماشياً مع نهجه القديم تجاه القضية السورية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024