إسرائيل مصرّة على روايتها لأحداث شبعا..ولا تعترف بفشل جيشها

المدن - عرب وعالم

الثلاثاء 2020/07/28
لا تزال إسرائيل مصرّة على روايتها لأحداث الاثنين عند الحدود الشمالية مع لبنان. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء، أن المجندات اللاتي تراقبن الحدود بواسطة كاميرات وتقنيات إلكترونية رصدن خلية "مسلحة" تتجه إلى موقع "غَلديولا" الإسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة. 

وبعد أن دخل أفراد الخلية لأمتار معدودة إلى المزارع، صدر الأمر وفتح الجيش الإسرائيلي النار باتجاههم بشكل مكثف. والخلية، التي ضمت بين ثلاثة الى خمسة مقاتلين، انسحبت عائدة إلى لبنان. "وقد انتهى الحادث من دون إصابات".

ويعني هذا الوصف في حال كان دقيقاً أن مقاتلي "حزب الله" لم يطلقوا رصاصة واحدة، وأن بيانه الصادر مساء أمس بنفي حدوث أي اشتباك مع القوات الإسرائيلية ينسجم بشكل كبير مع واقع الحدث.

وكتب المراسل العسكري للصحيفة يوسي يهوشواع أنه "بالإمكان الاستنتاج للوهلة الأولى أن حزب الله نفذ تهديده بشن عملية انتقامية، لكن ثمة شكاً إذا وصلنا إلى هذه النقطة. وبالنسبة للجيش الإسرائيلي، فإن مستوى التأهب ما زال مرتفعاً، والتعليمات للقوات لم تتغير وتمّ تقليل عدد الجنود في المواقع العسكرية" تحسبا من استهدافهم.

وأضاف أن نفي "حزب الله" وتلويحه بهجوم انتقامي سيأتي لاحقاً يعني أن "الحدث لم ينتهِ". وأشار إلى أن التقديرات في الجيش الإسرائيلي، قبل أحداث أمس، توقعت هجوماً حتى موعد أقصاها الخميس، عشية عيد الأضحى.

وحول عدم وقوع إصابات خلال أحداث أمس، نقل يهوشواع عن مصدر أمني إسرائيلي كبير قوله إنه "في الاعتبارات الحالية، ليس مؤكداً أنه سيكون من الصواب قتلهم"، بهدف منع التصعيد، وبادعاء أنه "توجد تحديات أخرى مقابل إيران في سوريا". واعتبر أن "علينا أن نتساءل حول اتخاذ هذا القرار، الذي يدلّ على وجود مشكلة في الردع مقابل حزب الله، لدرجة الامتناع عن استهداف مخربين في طريقهم لتنفيذ عملية".

وأشارت الصحيفة إلى امتناع الجيش الإسرائيلي عن نشر شريط فيديو لتسلل مقاتلي "حزب الله"، وذلك في الوقت الذي ينفي فيه الحزب وقوع أي حدث في مزارع شبعا. "وهذا يثير تساؤلات أيضا. والاعتبارات هنا أيضا هي الامتناع عن المس بحزب الله... والسبب هو الإدراك في الجيش أن نصر الله لم يقرر فعلاً شن عملية أخرى أو التمهيد لتهدئة".

من جانبه، اعتبر المحلل العسكري في "يديعوت أحرونوت" أليكس فيشمان أن انتهاء أحداث الاثنين من دون إصابات بمثابة "معجزة". بدوره، استنتج المحلل العسكري في موقع "واللا" الإلكتروني أمير بوحبوط من أحداث الاثنين، أن "إطلاق النار كان بهدف الردع وليس من أجل القتل، وهذا الاستنتاج الأرجح، والاستنتاج الثاني هو أن الجيش الإسرائيلي فشل".

وأضاف أنه "إذا كانت غاية إطلاق النار هي الردع، فإن الحديث عن تطبيق سياسة الاحتواء بإيعاز من المستوى السياسي. وإذا لم تكن هناك تعليمات باحتواء تسلل المخربين، فإنه بالإمكان تعريف الحادث على أنه فشل خطير جداً لقوات الجيش الإسرائيلي في المنطقة".

وتوقعت صحيفة "معاريف" ألا يتحدث الإسرائيليون عن سبب عودة مقاتلي "حزب الله" بسلام إلى لبنان دون إصابات. لكنها أشارت إلى أن الوضع كان بهذا الشكل دائماً. من جهة، واجب كلا الجانبين الرد، ومن الجهة الأخرى هناك محاولة مشتركة لعدم الدخول إلى مواجهة واسعة ومتدحرجة. ويبدو هذه المرة، وربما أكثر من المرات السابقة، أن الضائقات الداخلية وتبعات وباء كورونا عززت الحافز المتبادل على عدم تدهور الوضع إلى مواجهة شاملة.

من جهتها، رأت صحيفة "جيروزالم بوست" أن "حزب الله" كان واقعاً تحت ضغط جماهيري للرد على مقتل عنصره في سوريا، وسعت وسائل إعلام مقربة منه الى تسليط الضوء على هجوم أمس، ومزاعم تسلل مجموعة من الحزب خلف خطوط إسرائيل. ولكن بعد ساعات من المناوشات، وعدم قدرة الحزب على تحقيق أي "إنجاز" يذكر، أصدر بياناً نفى فيه وقوع أي اشتباك بين عناصره والقوات الإسرائيلية، أو أي محاولة منه للتسلل، بحسب الصحيفة.

وسألت الصحيفة: "رغم نفي الطرفين وقوع إصابات في صفوفهم، هل نفذ حزب الله هذا الحادث للتظاهر بتحقيق انجاز ما؟ وهل سيعتبر الحزب أنه حقق نجاحاً بهذه العملية؟". هناك خشية أن تخرج الأمور عن السيطرة إذا استمرت هذه المناوشات ما يؤدي إلى تصعيد أكبر.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024