النظام السوري يجدد حملة إغراء المزارعين النازحين..بلا جدوى

مصطفى محمد

الخميس 2021/06/10
بعد فشله وروسيا في إعادة النازحين في إدلب إلى مدنهم وبلداتهم بريف حماة عبر المعابر "الإنسانية" قبل شهور، لجأ النظام السوري إلى محاولة استدراج بعضهم، بتقديم وعود بإعادة ممتلكاتهم وأراضيهم التي تمت السيطرة عليها من "الشبيحة"، مقابل العودة وإجراء تسوية غير مشروطة.

ويأمل النظام أن يحقق اختراقاً في الموقف الرافض للعودة والمتجذر بين أوساط النازحين، من خلال إقناع عدد محدود منهم بالعودة إلى مناطق سيطرته، لاستثمار ذلك إعلامياً وسياسياً.

وكشفت مصادر مطلعة ل"المدن"، عن تسجيلات صوتية مصدرها أشخاص في مناطق النظام، يدعون فيها النازحين أبناء المناطق التي سيطر عليها النظام خلال حملته العسكرية الأخيرة في الربع الأول من العام 2020، إلى العودة إلى حضن الوطن، ويتحدثون عن ضمانات بعدم التعرض لمن يرغب بالعودة بالاعتقال أو التنكيل.

ويوضح عضو "هيئة الحقوقيين السوريين" المحامي عبد الناصر حوشان ل"المدن"، أن التسجيلات المتداولة لم تخلُ من التهديدات، بحيث يحاول النظام استخدام أساليب الترغيب والترهيب معاً، لإقناع النازحين بالعودة، "مقابل الحديث عن تسوية الوضع الأمني، وإعادة الممتلكات، يتم التلويح بحرمان ملاك أراضي الإصلاح الزراعي منها، وإعادة توزيعها على الغير".

ويؤكد حوشان وهو من ريف حماة، أن ملكية أراضي "الإصلاح الزراعي" تحوّلت من ملكية حق الانتفاع إلى ملكية تامة، وذلك بموجب القانون رقم 61 لعام 2004، ويشدد على عدم قدرة النظام على إعادة توزيع الأراضي مطلقاً، حتى لو لم يتم تسجيلها أو نقلها في السجل العقاري.

ويحذر حوشان جموع النازحين من خطورة المضي وراء هذه الدعوات، التي تحركها مخابرات النظام، قائلاً: "الحقوق مضمونة، وستعود لأصحابها رغم كل التصرفات التي يقوم بها النظام، والتي هي باطلة من الناحية القانونية".

وبعد أن أكد حوشان، عدم عودة أي نازح إلى ريف حماة الخاضع لسيطرة النظام إثر هذه الدعوات، اعتبر أن الهدف من كل ذلك هو خلق شعور عام أنه مسأل رحيله قد حسمت بعد إجراء "مسرحية الانتخابات"، وأن على الجميع أن يسلم بالأمر الواقع.

وكان النظام السوري، قد عمد في صيف العام 2020،  إلى مصادرة مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية "الخصبة" في ريفي حماة وإدلب، وأقام مزادات لاستثمارها، وقال اتحاد الفلاحين التابع له إنه "يطرح بالمزاد الحق في استخدام وزراعة الأراضي المملوكة لسوريين غير مقيمين في مناطق سيطرة الحكومة".

لكن وحسب حوشان، فإن كل هذه الإجراءات غير القانونية، لا تعني حرمان أصحاب الأراضي من حقوقهم، لأنه لا النظام السوري ولا أي طرف آخر، يستطيع نزع الملكية الفردية من أحد، وهي مصانة بالدستور والقانون.

وعن القائمين على الأراضي الزراعية التي أُجبر أصحابها على تركها والتوجه نحو مناطق سيطرة المعارضة، يؤكد الناشط أحمد عبد الرحمن، من ريف حماة، أن غالبية القائمين عليها هم من الشبيحة أبناء المناطق ذاتها.

وحول التسجيلات الصوتية التي تدعو النازحين للعودة، يوضح عبد الرحمن ل"المدن"، أن غالبية النازحين وصلتهم مثل هذه الرسائل، وهي غالباً من أقاربهم الذين لهم صلة بالنظام، "في كل عائلة فرد أو أكثر على علاقة بالنظام، أو من الشبيحة". ويقدّر المساحات الزراعية التي تمت مصادرتها في ريف حماة بنحو 60 ألف دونم، قسم منها مزروع بالأشجار المثمرة (فستق حلبي، زيتون). ويقول: "ما جرى الى الآن هو استيلاء على الأراضي ومواسمها، دون التعرض لحقوق الملكية".

ويبدو أن موجة الجفاف الأخيرة، وارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج الزراعي، قد حدّت من الإقبال على زراعة هذه الأراضي من قبل شبيحة النظام، مما دفع بالأخير إلى محاولة الاستفادة منها في استمالة أصحابها للعودة إلى مناطق سيطرته أو ما يسميه ب"حضن الوطن".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024