إدلب:أبو العبد أشداء..آخر الاحتجاجات على"تحرير الشام"

خالد الخطيب

الإثنين 2021/04/12
بعد أن شارفت على تحقيق مرادها من العمليات الأمنية ضد تنظيم "حراس الدين" في إدلب، وجهت هيئة تحرير الشام الجزء الأكبر من حملتها الأمنية ضد السلفيين المنشقين عنها والمستقلين، وأظهرت عمليات الاعتقال التي نفذها جهازها الأمني خلال اليومين الماضيين أن "تحرير الشام" تمتلك قائمة بأسماء وتحركات الشخصيات المطلوبة.

ويبدو أن توسيع الحملة الأمنية أثار القلق في الأوساط السلفية المناهضة لتحرير الشام، ومهّد لخروج أبرز معارضيها، المنشق السابق وزعيم "تنسيقية الجهاد" أبو العبد أشداء في تسجيل مصور، ليكسر الصمت الذي كان سائداً في الأوساط السلفية داخل إدلب طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، وهي الفترة التي شنت خلالها تحرير الشام أعنف حملاتها ضد "حراس الدين" وأوشكت من خلالها على القضاء عليه كتنظيم رسمي يتبع لتنظيم القاعدة.

جرت العادة في الصراعات الداخلية والاقتتال بين التنظيمات السلفية في سوريا أن تكثر التصريحات والبيانات والاتهامات الرسمية في ما بينها، وأن يستدعي قتال التنظيمات وتنافسها تدخل منظرين وشخصيات سلفية عالمية لحل الخلاف وإصدار الأحكام والفتاوى، ولكن ذلك لم يكن موجوداً خلال الحملة الأمنية الأخيرة لتحرير الشام، ويبدو أن هذا انعكاس طبيعي لحالة الضعف والتشتت التي أصابت التيار السلفي المُطارد والذي بدا معترفاً بهيمنة تحرير الشام وسلطتها كأمر واقع.

هاجم  أبو العبد أشداء في التسجيل تحرير الشام وزعيمها أبو محمد الجولاني، واتهمه "بالمتاجرة بالمناطق السورية ودماء مقاتليه وانسحابه من مناطق في حماة وإدلب والاستيلاء على مقدرات المناطق المحررة، وإفشال أعمال عسكرية كانت خططها جاهزة للسيطرة على كامل مدينة حلب وتسليم مناطق ريف حلب الغربي للنظام في وقت قياسي".

وتناول  أشداء في التسجيل الذي حمل عنوان/ "سرطان الثورة وقوارب النجاة"، عدداً من النقاط، أهمها "حقيقة مشروع الجولاني، وعدد الإعدامات التي نفذها الجولاني منذ تحول جبهة النصرة الى هيئة تحرير الشام والذي زاد عن 1000 عملية إعدام، لم تتوفر فيها إجراءات القضاء الشرعي الصحيح ولا حقوق المعتقلين ولا مواساة أهاليهم ولا اعتراف بإعدام كثيرين منهم ولا شهادات وفاة لهم، وتم دفن الكثير منهم سراً في مقابر جماعية".

نقاط أخرى تناولها أشداء أبرزها أسباب غلاء الأسعار في إدلب ومسؤولية حكومة الإنقاذ ذراع تحرير الشام و"إذلالها" للناس، ونماذج من قوانين الجولاني، و"خدعة" وضع الجولاني على قائمة الإرهاب وكيف تتحقق مصالح الولايات المتحدة بوجود الجولاني، وما هي الحلول وقوارب النجاة.

تثير تصريحات أشداء تساؤلات عديدة حول مدى تأثيرها على الحملة الأمنية التي تقوم بها تحرير الشام ولماذا صدرت تصريحاته في هذا التوقيت؟، وهل يمكن أن تمهد تصريحاته لتحرك مناهض يضم السلفيين المطاردين لينقذهم من حملة الجولاني؟

الباحث في مركز جسور للدراسات عباس شريفة يرى أن "تصريحات أشداء لها دلالة مهمة في مضمونها المكثف بالمعلومات والاستنتاجات والتفسيرات التي قدمها وفي هذا التوقيت الذي اختاره في ظل ظروف خارجية وداخلية حساسة جداً بالنسبة لتحرير الشام".

ويضيف شريفة ل"المدن"، أن "الظرف الخارجي، وهو ما يجري الحديث عنه ضمن أوساط الباحثين والإعلاميين الغربيين عن ضرورة إعادة النظر في وضع تحرير الشام وتصنيفها على قوائم الإرهاب، والظهور الإعلامي للجولاني مع الصحافي الأميركي مارتن سميث إضافة للتحولات المفاجئة في خطب الجولاني حول العلاقة مع الغرب والعلاقة مع التنظيمات المتشددة والتي استفزت الكثيرين من السلفيين وسعي تحرير الشام الحثيث لتحسين صورتها وإنهاء عزلتها الدولية، كل ذلك يبدو مغرياً بالنسبة لأشداء لكي يخرج بتصريحات يحاول من خلالها إفساد خطط الجولاني".

ويتابع شريفة: "أما الظرف الداخلي، فهو يتجلى في استمرار الجهاز الأمني التابع لتحرير الشام بملاحقة عناصر ومكونات غرفة عملية فاثبتوا، ومنع قيام أي تشكيل سلفي متمرد مستقل لا يتبع لتحرير الشام في قرار الحرب والسلم"، معتبراً أن "تصريحات أشداء تُعبر فعلياً عن غضب التيار المناهض الذي يبدو مجمداً ولا يقوى على الحركة، وتحاول إيقاظ السلفيين وخلط الأوراق على تحرير الشام".

مصدر عسكري في "الجبهة الوطنية للتحرير" قال ل"المدن"، إن "تصريحات أشداء لن تغير شيئاً، لأن التيار السلفي المناهض لتحرير الشام غير قادر على أن يأتي بأي تحرك جدي، فالحملة الأمنية قضت على معظم قدراته العسكرية والبشرية وغيّبت أهم القادة والشخصيات السلفية المؤثرة، ومن تبقى منهم فهو مختبئ يخشى الاعتقال".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024