"مغاوير الثورة" ومعضلة نقطة انطلاق معركة ديرالزور

سيباستيان حمدان

الإثنين 2017/08/07
بعد نجاح "جيش مغاوير الثورة" في انتزاع موافقة قيادة "التحالف الدولي" على تسلمه زمام عملية ديرالزور المقبلة، عاد"الجيش" لضرب إسفين في عرض العملية بعد الخلاف مع "اللجنة المؤقتة". الأمر لا يبدو أنه قرار داخلي لـ"مغاوير الثورة" بقدر ما هو ضغط من "التحالف الدولي".

وانتزع "جيش مغاوير الثورة" موافقة مشروطة من قيادة "التحالف الدولي" لتسلمه زمام عملية تحرير ديرالزور من قبضة "الدولة الإسلامية". وأتت الموافقة بعد مفاوضات دامت قرابة شهرين. وكانت مطالب "جيش مغاوير الثورة" دخول محافظة ديرالزور وتسلمه لها بشكل كامل، على ألا يكون تابعاً لأحد، وتحديداً "قوات سوريا الديموقراطية" التي ترفض بدورها أي عملية من دون التنسيق معها.

وأكد مصدر مطلع، لـ"المدن"، أن قيادة "التحالف الدولي" طلبت من "جيش مغاوير الثورة" الحصول على كامل التأييد الشعبي والعشائري، بالإضافة إلى دعم من المجالس المحلية والشخصيات المؤثرة، وموافقة كافة التشكيلات العسكرية. وعقب ذلك بدأت عملية تحضير لـ"وحدة المصير"، كما وصِفَت، وباتت الشخصيات المؤثرة عسكرياً ومدنياً في ديرالزور تسعى إلى اثبات قواتها، وذلك عبر إعلانها تشكيل "اللجنة المؤقتة" التي ضمّت شخصيات مؤثرة وقادة في "جيش مغاوير الثورة" و"أسود الشرقية".


(المصدر: LM)

تشكيل "اللجنة المؤقتة"، كان من المفترض أن يأخذ دوراً كبيراً في فرض تغيير على ساحة محافظة ديرالزور التي ستشتعل في وقت قادم، بحيث تخاطب الرأي العالمي، كونها المحافظة الأخيرة التي يسيطر عليها تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، بعد انتهاء معركة الرقة التي تسير وفق مراقبين كما خطط لها من قبل "التحالف الدولي". لكن ما جرى عقب تحديد البادية السورية كجبهة رئيسية لتحرير محافظة ديرالزور، هو تراجع "جيش مغاوير الثورة" عن تأييد الخطة، إذ يرى الجيش أن منطقة الشدادي الواقعة جنوبي الحسكة هي نقطة الوصول الأمثل إلى ديرالزور.

وأكدت مصادر "المدن"، أن الأمر قوبل بالرفض من شخصيات "اللجنة المؤقتة" التي ترى أن جبهة البادية السورية هي الخيار السليم للعملية. ويأتي رفض "جيش مغاوير الثورة" بعد ضغوط أميركية حول نقطة البداية بين البادية والشدادي.

كما أن "اللجنة المؤقتة" كانت بوابة لحشد الدعم الدولي لـ"جيش تحرير وطني" قد يتمكن من فرض نفسه كقوة مؤثرة قادرة على تحرير وإدارة محافظة ديرالزور، ليكون من بعدها نواة لـ"جيش وطني" يشمل جميع الأراضي السورية تحت مظلة "التحالف الدولي". رفض "جيش المغاوير" لنقطة البداية، ربما يُشكل في هذه اللحظة تعطيلاً لعملية ديرالزور، وربما تعطيلاً لتشكيل "الجيش الوطني"، بحسب مصادر مقربة من "التحالف الدولي".

وقالت "قوات سوريا الديموقراطية" في بيان رسمي لها، إنها لن تسمح بدخول قوات "اللجنة المؤقتة" إلى الشدادي في الحسكة ومنها إلى محافظة ديرالزور، في حال عدم التنسيق معها. وتهدف "قوات سوريا الديموقراطية" من فرض التنسيق إلى الهيمنة على قوات "اللجنة المؤقتة".

وذهبت "قسد" إلى أبعد من ذلك، إذ تريد إرسال "قوات الصناديد" لتحرير ريف ديرالزور الشرقي، في رسالة واضحة مفادها: "نحن من نمتلك مفاتيح الحرب هناك".

وعلى الرغم من ذلك، أيّد قائد "جيش أحرار الشرقية" لـ"اللجنة المؤقتة" واعطاها دعمه الكامل ما شكّل دفعة لها إلى الامام، وأكد أنه مستعد لحل "أحرار الشرقية" والتوحد والقتال عبر البادية السورية من أجل ديرالزور.

وتعتبر جبهة البادية السورية، من محور الزكف نقطة رئيسية للتوغل وتحرير نقاط مهمة مثل البوكمال أو مطار الحمدان الذي سبق وحررته المعارضة لساعات قليلة. وتكمن سهولتها في التقدم لأسباب عديدة ومنها كون المنطقة الممتدة من البادية إلى الحدود الإدارية لمحافظة ديرالزور وحتى بادية البوكمال صحراء متسعة، ما سيمنح القوات المهاجمة الأفضلية في وقت قصير إذا ما توفّر الدعم الجوي.

وفي البادية السورية لن تكون فصائل المعارضة تحت رحمة "قوات سوريا الديموقراطية"؛ كما أن البداية من هناك لتأسيس "جيش التحرير الوطني" أكثر معقولية من الوضع في الشدادي حيث ستكون البداية من الصفر. كما أن انتشار مليشيات النظام، التي طوّقت فصائل الجيش الحر في بادية التنف والزكف، قليل نوعاً ما، وسط تراجع مستمر من محور سرية الوعر، بشكل متكرر، ما يعني عدم وجود نقطة ثبات لمليشيات النظام تعيق تقدم الجيش الحر باتجاه ديرالزور، بشكل فعلي. ويُضاف إلى ذلك سهولة اختراق خطوط النظام، عبر ثغرات في البادية، التي يصعب التحكم بها.

مصادر "المدن" أشارت إلى أن تقدم قوات النظام من ناحية السخنة شرقي حمص يعد بطيئاً على عكس الدخول من ناحية الزكف. فالسخنة ومحيطها تُعتبر منطقة استراتيجية جبلية، تحتاج للسيطرة عليها جهوداً وامكانيات كبيرة، بالإضافة إلى العامل الزمني، والذي يُبطئ تقدم قوات النظام.

"جيش مغاوير الثورة" عارض فكرة بدء عملية ديرالزور من بوابة البادية السورية، بعدما كان موافقاً عليها في البداية. وهو الأمر الذي ضغطت من أجله قيادة "التحالف" التي ترى انطلاق العملية من منطقة الشدادي هو الأنسب، على الرغم من رفض الفكرة من بعض المكونات المدنية والعسكري لديرالزور. وقوات "التحالف" لا تزال تعوّل في الوقت الحالي على اتفاق داخلي لأبناء ديرالزور، بما لا يتعارض مع مصالحها واتفاقياتها، إذ تُمثّلُ فكرة الانطلاق من البادية خرقاً لاتفاقية مبرمة مع الجانب الروسي.

ومن جانب آخر، تبقى العوائق في البادية السورية موجودة، وتشمل صعوبة نقل قوات المعارضة في الشمال السوري، والتي أسسها ابناء ديرالزور، إلى التنف والزكف في البادية السورية.و يبقى الوضع الحالي لمعركة ديرالزور مرهوناً بتوافق ابنائها في وجه الإرادات الدولية، التي غالباً ما تكون غير عادلة ومنصفة في قرارات دعمها للفصائل المحلية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024