الإدارة الكردية تستولي على أملاك الغائبين..سفهاء ومجانين؟

المدن - عرب وعالم

السبت 2020/08/08
أثار قرار الإدارة الذاتية الكردية في شمال شرق سوريا، بوضع يدها على أملاك الغائبين، ردود فعل مستهجنة، واعتُبر تجاوزاً على الحقوق الأساسية، مشبهين الإجراء بخطوات مماثلة كان قد أقدم عليها النظام السوري في مناطق سيطرته.

وأصدر المجلس العام في الإدارة الذاتية التابعة لقوات سوريا الديموقراطية (قسد) قانون"حماية وإدارة أملاك الغائب" لإدارة أملاك الأشخاص المقيمين خارج سوريا، في مناطق سيطرتها.
ووفقًا للقانون، يشمل مصطلح "غائب" كل شخص يحمل الجنسية السورية أو من في حكمه من مكتومي القيد المجردين من الجنسية السورية بإحصاء عام 1962، ويقيم إقامة دائمة خارج سوريا، ولا يقيم أحد من أقاربه من الدرجة الأولى أو الثانية في سوريا.

وكلّف القانون الجديد لجنة تعمل على حصر أملاك وأموال الغائبين، من أجل تأجيرها والانتفاع العام منها، من دون أن يكون لها الحق في بيعها أو التصرف بها.

وبحسب مواد القانون، يفقد الغائب حقه في ريع أملاكه إذا لم يحضر هو أو أحد أقاربه من الدرجة الأولى والثانية، خلال مدة أقصاها سنة لإثبات ملكيته، كما يعاقب القانون بالحبس مدة سنة مع غرامة لا تقل عن خمسة ملايين ليرة سورية "كل من تستّر أو تصرف أو أجّر أملاك الغائب خلافاً له".

وأثار القانون موجة استياء واسعة، خاصة وأن نسبة كبيرة من سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الإدارة الذاتية من المهجرين، وبعضهم نازح إلى مناطق أخرى داخل سوريا، وبعضهم بات لاجئاً في دول أخرى، ولا يمكن للكثيرين العودة في ظل الظروف الأمنية والسياسية الحالية، من أجل إثبات ملكيته.

وإذا كان ما سبق ينطبق على السكان من جميع المكونات بما فيهم الأكراد، فإن القانون الجديد يُعتبر، حسب الكثيرين، استهدافاً مباشرا للمكونات الأخرى التي هاجر الكثير من أبنائها من المنطقة بعد عام 2011، بينما يعيش عدد غير قليل منهم خارج البلاد مع عوائلهم وجميع أقربائهم في الخارج منذ عقود، وخاصة الغائبين من السريان والأثوريين.

وشبّه النشطاء القانون الجديد بقرارات النظام التي تستهدف الاستيلاء على عقارات وأملاك المهجرين، وخاصة المعارضين منهم، الذين لا يمكنهم العودة إلى مناطق سيطرته.

كما اعتبره آخرون مشابهاً لقرار حكومة الإنقاذ التابعة ل"جبهة النصرة" في إدلب، والذي قضى بوضع يده على أملاك الغائبين أيضاً، وفي مقدمتهم المسيحيين، وحصر حق الانتفاع منها بمكتب تابع لها تمهيداً للاستيلاء عليها.

قانونياً، فنّد المحامي أكرم شمو القانون الذي يتضمن الكثير من المخالفات الحقوقية والاجرائية، حسب تأكيده، بدءاً من المادة (٦) التي تقرر تعيين "قيّم" على الأملاك التي لا يتواجد أصحابها في موطنهم حالياً، مشيراً إلى أن القيمّ، بحسب القانون السوري والشرائع والأعراف في معظم الدول، هو القائم على إدارة أموال المجانين والمعتوهين والسفهاء أو المغفلين، وهو بمثابة الولي والوصي في إدارة أموال القاصرين، وبهذا فإن القانون يمنح سلطات الوكيل الى القيم ويعامل الغائب معاملة المجنون والمعتوه والسفيه والمغفل.

وأضاف شمو على "فايسبوك"، أنه "في المادة (٧) يُعطى للغائب المتضرر من القانون حق الاعتراض ورفع الدعوى، وهذا مستحيل، اذ كيف يكون المتضرر غائباً ويرفع دعوى اعتراض، وكيف سيتم تبليغ هذا الغائب؟ ثم هل للإدارة مصدرة القانون سفارات وقنصليات بالخارج حتى يتم مراجعتها وتقديم الاعتراض على احكامها فيما لو تبلغ الغائب بالاجراءات التي يفرضها هذا القانون على أملاكه وأمواله؟".

كما اعتبر المحامي شمو أن حصر الاعتراض بالمالك الغائب أو أحد أقاربه الرئيسين، وأهمال حق التوكيل يعتبر مخالفة واضحة لأبسط حقوق الانسان.

أما في ما يتعلق بالمادة (١٠) التي تقول بوضع ريع الأملاك في خدمة تنمية المجتمع، فهو تعدٍ صريح وواضح على حق الملكية المصان بالقوانين والأعراف الدولية والشرائع السماوية والإعلان العالمي لحقوق الانسان. كما أنه مخالف لنظام الغائب المعمول به في الكثير من الدول والشرائع، لأنه عادةً يجب وقف ريع أموال الغائب إلى حين عودته أو ثبات وفاته، وعندها تذهب إلى ورثته، أما أن يُصادر ربع الأموال لصالح المجتمع فهذا ابتكار جديد وسابقة خطيرة في التجاوز على حق الملكية، حسب المحامي أكرم شمو.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024