الجيش التركي يتوغل بسرعة.. و"قسد" تناور

عدنان الحسين

الخميس 2019/10/10
عادوت المقاتلات التركية قصف مواقع "وحدات حماية الشعب" الكردية، على الشريط الحدودي السوري، صباح الخميس، بعدما تمكنت قوات تركية وأخرى من فصائل "الجيش الوطني" من التوغل برياً في أكثر من محور على طول الحدود شرقي الفرات.

وتمكنت القوات التركية بمشاركة من قوات المعارضة من التوغل برياً بعمق 5 كيلومترات شرقي تل ابيض، وغربي رأس العين من قرية تل أرقم، وتمكنت من قطع الطريق الواصل بين المدينتين، بعد قصف جوي مكثف استهدف معظم نقاط وتمركزات "قوات سوريا الديموقراطية" في المنطقة. الجيش التركي وفصائل "الجيش الوطني" تمكنت صباح الخميس من دخول قرى بير عاشق والحاوي وكصاص شرقي ‎تل أبيض.

وشنت المقاتلات الجوية التركية عشرات الغارات استهدفت مخافر حدودية لـ"قسد" على طول الحدود مع سوريا ومعسكرات تدريب ومستودعات سلاح في كل من الدرباسية والقامشلي وعين العرب كوباني وبلدة عين عيسى، منفذة منذ ليل الأربعاء/الخميس، أكثر من 181 غارة جوية.



القصف الجوي تزامن مع قصف مدفعي مكثف استهدف اهداف كثيرة على عمق 10-20 كيلومتراً داخل الأراضي السورية، بالإضافة لاستهداف حواجز على أطراف البلدات والقرى المحيطة بمدينتي تل أبيض ورأس العين. وحاولت "قسد" التمويه للتشويش على القصف، وحرقت إطارات السيارات التي أحدثت غيمة سوداء، لكنها لم تثنِ الطيران عن القصف.

وأدى القصف التركي بحسب مصادر "المدن" المحلية الى مقتل أكثر من 10 مقاتلين من قوات "قسد"، وإصابة العشرات الذين نقلوا إلى مشافي عين عيسى بريف الرقة الشمالي، وإلى مشفى القامشلي، إضافة الى اصابة مدنيين في قصف على أحد أحياء مدينة القامشلي.

وخاضت القوات التركية اشتباكات عنيفة ضد "قسد"، وسمعت أصوات القصف والاشتباكات من مسافات بعيدة. وأعلنت "قسد" صد هجومين على الأقل باتجاه تل أبيض والدرباسية ورأس العين.

كما ردت "قسد" بقصف عشوائي استهدف مدن جيلان بينار واكجه قلعة وكركميش التركية، كما قصفت مدينة جرابلس السورية وتسببت بقتل مدني واصابة 7 أخرين. كما قصفت أطراف مدينة الباب ومدينة مارع بريف حلب، في تحرك لإشعال كافة الجبهات على محاور القتال ضد قوات المعارضة المدعومة من تركيا.

ورغم القصف الجوي والمدفعي دفعت "قسد" بعناصر وآليات باتجاه الحدود، كما رفعت سواتر وحفرت العديد من الخنادق، في نية لمواجهة الجيش التركي، رغم فرق القوة والعتاد العسكري.

وتعتمد "قسد" على نقاط قوة متعددة لمواجهة الجيش التركي أبرزها منع المدنيين من النزوح من المدن الحدودية، إذ رصدت مصادر "المدن" منع "قسد" لأهالي عامودا والدرباسية والقامشلي من النزوح، وحدثت مشادات كلامية مع المدنيين، بغية استخدامهم كورقة ضغط من أجل وقف القصف الجوي والمدفعي.

كما تعتمد "قسد" على الخنادق والانفاق التي لم تقم بتدميرها أثناء تنفيذ اتفاق "المنطقة الأمنة" بين تركيا والولايات المتحدة، والتي كانت أحد أسباب تسريع العملية العسكرية من قبل تركيا التي اكتشفت ان "قسد" تستمر بحفرها وتشييدها. وتنوي "قسد" التخفي والتحرك عبرها مما يعطيها مرونة في المناورة.

وتعتبر جغرافية المنطقة إحدى أبرز نقاط الضعف لدى "قسد" في المعركة، إذ لا توجد جبال أو غابات، ما يعرقل حركة عناصرها، على عكس مناطق عفرين، ما قد يساهم بحسم الجيش التركي السريع للمعركة.

من الجهة الأخرى، يتمتع الجيش التركي بأفضيلة كبيرة على كافة المستويات؛ نوعية الأسلحة والقوة النارية، والتفوق الجوي من خلال الطائرات الحربية المتطورة، والتي سبق وساهمت بشكل كبير بتسريع السيطرة على مدينة عفرين ومحيطها.

وينوي الجيش التركي التوغل في سبعة محاور متفرقة، يبدأ المحور الأول من غربي مدينة تل أبيض بنحو 15 كيلومتراً وبعمق 10 كيلومترات، كما سيتوغل من محور مدينة تل أبيض وهو المحور الرئيس بتعداد مقاتلين يصل لنحو 4000 مقاتل معظمهم من الجيش التركي. والمحور الثالث باتجاه بلدة سلوك، وسيكون الثقل فيه لقوات المعارضة السورية والجيش التركي مناصفة، ومن ثم في محاور عامودا والدرباسية ورأس العين والقامشلي.

ومن الواضح أن الجيش التركي لا يريد التوغل والمواجهة داخل مدن تل ابيض ورأس العين تحديداً، بل الالتفاف حولها، وذلك بدا من خلال القصف الذي استهدف كافة التحصينات حول تلك المدن تخفيفاً لحجم الخسائر التي تقع في حال وقوع مواجهات مباشرة.

ورغم أن عدد قوات المعارضة التابعة للجيش الوطني المشاركة في العملية العسكرية لا يبلغ سوى نحو 5 آلاف مقاتل إلا أنهم سيكونون بوصلة التحرك كون معظمهم من أبناء تلك المناطق، كما أن المكون العربي ضمن "قسد" قد يصبح بيضة القبان في حال حدوث انشقاقات متوقعة ما قد يشكل ضربة قوية لـ"قسد" بشكل عام.

ومع بداية العملية العسكرية والتوغل البري لا تزال التعزيزات التركية مستمرة بالوصول إلى الحدود الجنوبية، وهي أكبر تعزيزات تصل للمنطقة. وتتخوف تركيا من هجمات قد يشنها حزب "العمال الكردستاني" داخل الأراضي التركية، كانتقام من العملية شمال شرقي سوريا. لذلك جهّزت تركيا كافة الإمكانيات العسكرية والأمنية والتقنية من أجل العملية. كما أعلنت اقفال المدارس في القرى والبلدات الحدودية مع سوريا ليومين كإجراء احترازي بعد قصف "قسد" لها.

ويتوقع محللون ومراقبون أن تسرّع تركيا من توغلها العسكري، كسباً للوقت، بعد حملة التنديد الواسعة والانتقادات التي تعرضت لها العملية من دول عربية وأوروبية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024