الاستفتاء الأوروبي:بريطانيا في مأزق سياسي طويل الأمد

المدن - عرب وعالم

الخميس 2016/06/23
صوّت البريطانيون والإيرلنديون الشماليون  ومواطنو "الكومنولث"، الخميس، في استفتاء تاريخي حول استمرار عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي، وسط انقسام شديد بين معسكر "البقاء" بقيادة رئيس الحكومة ديفيد كاميرون، ومعسكر "المغادرة" بقيادة عمدة لندن السابق وعضو حزب المحافظين بوريس جونسون.
انطلق الاستفتاء صباحاً، بدعوة حوالي 46,5 مليون ناخب مسجّل، للإجابة على سؤال وحيد وهو "هل يجب أن تبقى المملكة المتحدة عضوا في الاتحاد الأوروبي أو تغادره". وتغلق صناديق الاقتراع عند الحادية عشرة مساء، وتنطلق من بعدها مباشرة عملية الفرز في 382 منطقة محلية، على أن تبدأ النتائج بالصدور ابتداءً من صباح الجمعة.

وكان رئيس الوزراء المحافظ كاميرون، قد دعا إلى الاستفتاء تحت ضغط من حزبه الحاكم وحزب مناهض للإتحاد الأوروبي. وبالرغم من أن الاستفتاء ليس ملزِماً قانونياً للحكومة بالتقيّد بنتيجته، إلا أنه من المؤكد أن تفرض النتيجة مزيداً من الضغط على المشهد السياسي البريطاني.

وفي حال قرر البريطانيون الخروج من الاتحاد، فإن مستقبل كاميرون كرئيسٍ للحكومة سيكون محط تساؤلات، بالرغم من ميل معظم الأطراف إلى إبقائه رئيساً للوزراء، كونه الشخص الأقدر لخوض مفاوضات الخروج الصعبة التي قد تدوم لمدة سنتين، بحسب المادة 50 من "معاهدة لشبونة" التي تقرَّر على أساسها النظام الداخلي للاتحاد الأوروبي.

في هذه الحالة، تبقى بريطانيا جزءاً من الاتحاد وملزمة بقوانينه طوال فترة المفاوضات، وفي حالة عدم توصل الطرفين إلى الاتفاق في غضون عامين، فإن بريطانيا بإمكانها، في هذه الحالة، اللجوء إلى قوانين المنظمة العالمية للتجارة. أما في حال صوّت البريطانيون بوضوح لصالح البقاء، فإن كاميرون أمام تحدٍ كبير في رأب الخلافات داخل حزبه والمحافظة على منصبه.

وتهيمن قضيتا الهجرة والاقتصاد بشكل كبير على حملتي المعسكرين. وهزّت حادثة جريمة قتل نائبة في مجلس العموم، مؤيدة للاتحاد الاوروبي، المشهد قبل أيام من انطلاق الاستفتاء، فيما أفادت وكالة "رويترز" إن آخر استطلاعين أشارا، في وقت متأخر يوم الأربعاء، إلى تقدم معسكر "البقاء".

وتظهر معظم استطلاعات الرأي انقساماً حاداً في آراء البريطانيين، خاصة بين الناخبين الشبان المؤيدين بأكثريتهم للبقاء، مقابل أكثرية رافضة للأكبر سناً. كذلك تختلف الأصوات بين لندن واسكتلندا المؤيدتين للاتحاد الأوروبي، ووسط انجلترا الرافض. ويحاول المعسكران استمالة حوالى 10 في المئة من الناخبين الذين لم يحسموا موقفهم بعد، بحسب آخر الاستطلاعات.

ويقول معسكر "الخروج" إن اقتصاد بريطانيا سيستفيد من الانسحاب من الاتحاد، بينما يحذر كاميرون من أنه سيحدث فوضى مالية عارمة، مع العلم إن المتعاملين والمستثمرين والشركات يستعدّون لتقلبات في الأسواق المالية العالمية، قد تكون أسوأ من الأزمة المالية عام 2008، أيا كانت نتيجة الاستفتاء.

وللجانب السياسي تشعباته أيضاً في هذا الاستفتاء، إذ أعلنت الزعيمة الاسكتلاندية نيكولا ستورجين إنه إذا اختارت بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإنها قد تدعو إلى استفتاء على الخروج من المملكة المتحدة.

الاتحاد الأوروبي يواجه بدوره أزمة وجودية، فخروج بريطانيا من الاتحاد قد يصحب معه "تأثير دومينو" ويدفع بدول أخرى، غير راضية عن سياسة الاتحاد، إلى الانسحاب، فيما يحاول جاهداً معالجة الأزمة الاقتصادية وقضية اللاجئين.

وحثّ زعماء أجانب، من بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما والرئيس الصيني شي جين بينغ، بريطانيا على البقاء في الاتحاد الأوروبي، فيما حذرت بنوك دولية من أن قيمة الاسترليني قد تهبط بشكل حاد إذا صوتت بريطانيا لصالح الخروج.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024