"قوات سوريا الديموقراطية" تتقدم نحو أعزاز..وروسيا تكثف غاراتها

خالد الخطيب

الأربعاء 2016/02/10
سيطرت "قوات سوريا الديموقراطية" على قرى وبلدات دير جمال ومرعناز وتلة الشط، بالإضافة إلى عدد من المواقع المحاذية للطريق الدولي حلب–غازي عنتاب، من الجهة الغربية، في ريف حلب الشمالي. وذلك بعد اشتباكات متقطعة مع فصائل محلية تابعة للمعارضة المسلحة، تتكون من أبناء المناطق المستهدفة.

وجاء تقدم "قوات سوريا الديموقراطية" بعدما أعلن عدد من الكتائب التابعة للمعارضة، انضمامها إلى صفوف "جيش الثوار" –المكون العربي في "سوريا الديموقراطية"، وهو ما جعل دخول القوات المقتحمة سلساً للغاية.

وكانت المواقع التي خسرتها المعارضة مؤخراً على الضفة الغربية من الطريق الدولي، قد شهدت اشتباكات مسلحة منذ منتصف الربع الأخير من العام 2015. وحاولت "قوات سوريا الديموقراطية" بشكل متكرر، السيطرة عليها، لكن المعارضة كانت تتصدى لها باستمرار عبر "غرفة عمليات مارع" التي كانت تقاتل على جبهتين: "سوريا الديموقراطية" في الغرب وتنظيم "الدولة الإسلامية" شرقاً.

وتسارعت التطورات الميدانية بشكل عام، شمالي حلب، لصالح "قوات سوريا الديموقراطية" بعدما وصلت قوات النظام والمليشيات الشيعية إلى بلدتي نبل والزهراء المواليتين. الأمر الذي أشغل المعارضة واستنفذ معظم جهدها العسكري منذ مطلع شباط/فبراير، وعزز مطامع "سوريا الديموقراطية" وجعلها تتمدد بسهولة لتسيطر على كامل المناطق التي كانت ترغب في السيطرة عليها سابقاً، في وقت قياسي.

"سوريا الديموقراطية" بدأت تطمع بالمزيد، وتتجه أنظارها الآن إلى القرى والبلدات القريبة من أعزاز إلى الشرق من الطريق الدولي، والتي أصبحت خطوط مواجهة مسلحة تشهد اشتباكات متقطعة بشكل يومي تقريباً. وتحاول "سوريا الديموقراطية" فرض سيطرتها على مطار منغ العسكري وبلدة منغ، واللذين يشهدان اشتباكات عنيفة، الأربعاء، في ظل قصف جوي روسي عنيف يطال المطار ومحيطه.


ومع التقدم الأخير لها، أصبحت تسيطر بشكل كامل على قرى وبلدات مريمين وشوارغة والمالكية وتنب وكشتعار وأناب ودير جمال ومرعناز وتلة الشط وزراعة العلقمية والزيارة وخريبة، وعدد من المواقع  كالفندق شرقي الزيارة والمعمل التركي ومطحنة الفيصل. وهي مواقع كانت قد حررتها المعارضة منذ مطلع العام 2012.

وتمدد القصف الجوي الروسي في ريف حلب الشمالي، نحو المناطق الشمالية بالقرب من الحدود السورية-التركية من جديد، بعدما كان مقتصراً بشكل شبه كامل، خلال الأسبوع الأول من شباط، على الضواحي الشمالية القريبة من حلب في حريتان وعندان وحردتنين ومعرستة الخان ورتيان وبيانون وحيان. وتلك المناطق كانت وجهة القصف الروسي، أثناء شق الطريق نحو بلدتي نبل والزهراء. وشنت المقاتلات الروسية على مدى اليومين الماضيين أكثر من 100 غارة جوية، طالت كلاً من تل رفعت ومرعناز وعين دقنة وصندف ومحيط أعزاز ومارع. وكانت أعنف الغارات على كفر كلبين التي تسببت بمقتل عشرة أشخاص من المدنيين بينهم أطفال ونساء.


وتبدو المعارضة المسلحة في المنطقة الشمالية، والتي تتمركز في إعزاز ومارع وتل رفعت والضواحي التابعة لها، أمام خيارين لا ثالث لهما في ظل الضغط الجوي الروسي المتواصل: إما السماح لـ"قوات سوريا الديموقراطية" بتسلم كامل المنطقة، بما فيها الشريط الحدودي ومعبر باب السلامة، أو شن عملية عسكرية واسعة لإعادة فتح الطريق نحو حلب، وقطع شريان النظام عن بلدتي نبل والزهراء من جديد، فيما يُعتبر فرصة أخيرة للمعارضة إذا أرادت أن تبقي لنفسها موطئ قدم بالقرب من تركيا، تعزز من خلاله جبهاتها في حلب عامة ضد قوات النظام والمليشيات الشيعية.

من جانب آخر، تمكنت المعارضة من استعادة السيطرة على بلدة كفين شمالي نبل، بعد تبادل متكرر للسيطرة عليها من قبل قوات المعارضة والنظام خلال الأيام القليلة الماضية، وانتهت بانسحاب قوات النظام والمليشيات نحو مواقعها في ماير لتعود المعارضة وتتمركز فيها من جديد.

ولا تبدو قوات النظام والمليشيات عازمة على التمدد شمالاً، نحو تل رفعت وكفرنايا، وصولاً إلى أعزاز والحدود التركية. فهدفها الآن بحسب الوقائع الميدانية، هو التقدم باتجاه مراكز الثقل العسكري في الضواحي الشمالية لحلب والمحيطة بمعبر الكاستيلو، في عندان وحيان وحريتان وبيانون، وهي مناطق تتمركز فيها أعداد ضخمة من مقاتلي المعارضة.

وقد شهدت بلدة الطامورة والتلال المحيطة بها معارك هي الأعنف خلال اليومين الماضيين بين الطرفين، حاولت خلالها قوات النظام والمليشيات التقدم للسيطرة على مجموعة التلال باعتبارها مواقع استراتيجية تشرف بشكل كامل على المدن والبلدات في محيطها، وتؤهل قوات النظام لقطع طريق الكاستلو نارياً وحصار مدينة حلب، وتأمين بلدتي نبل والزهراء، وإبعاد خطر القذائف الصاروخية والمدفعية القادمة من مناطق المعارضة، عنهما.

عضو "المكتب الإعلامي" في مدينة عندان سامي رج، أكد لـ"المدن"، أن المعارضة تمكنت من إيقاع خسائر كبيرة في صفوف القوات المقتحمة، في محيط تلال الطامورة، وقتلت أكثر من خمسين عنصراً، الإثنين والثلاثاء، معظمهم من مليشيا "حزب الله" اللبناني والمليشيات العراقية. وتمكنت المعارضة من استعادة السيطرة على بعض النقاط جنوبي بلدة الزهراء في المناطق الفاصلة بينها وبين مدينة عندان.

من ناحيته، أكد القائد العسكري في "جيش المجاهدين" النقيب أمين ملحيس، لـ"المدن"، أن تعزيزات ضخمة دفعت بها المعارضة إلى ريف حلب الشمالي، خلال اليومين الماضيين، من ريف حلب الغربي وشمالي إدلب، لشن عملية عسكرية واسعة وإعادة فتح الطريق بين نصفي ريف حلب الشمالي. وأوضح النقيب ملحيس، أن "جيش المجاهدين" أرسل بتعزيزات جيدة، وقد تمركز المقاتلون فعلياً على عدد من النقاط بانتظار إشارة البدء. وأشار إلى أن المعركة القادمة هي تحدٍ كبير للمعارضة، أشبه بحرب استنزاف دموية، في ظل ما تتعرض له من ضغوط برية عبر القصف المكثف المدفعي والصاروخي، وجواً عبر الضربات الجوية الروسية التي حولت معظم مناطق ريف حلب  الشمالي إلى ركام، بعدما تم تهجير كامل سكانها تقريباً.

ولا تكفي تعزيزات المعارضة وتحضيراتها العسكرية حتى الآن لخوض معركة جدية مع النظام شمالي حلب، وهي لا تزال ترسل تعزيزاتها على خجل، ولا يوجد موعد محدد حتى الآن ولا دلائل تشير إلى قرب المعركة، خاصة بعدما انقسم ريف حلب الشمالي إلى قطاعين؛ شمالي وجنوبي، يصعب التنسيق بينهما بعدما قطعت قوات النظام والميليشيات المنطقة بالطريق نحو نبل والزهراء، وأصبح معه لكل قطاع غرفة عملياته الخاصة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024