تحالف بوتين-ترامب: يا مسيحيي العالم اتحدوا!

حسين عبد الحسين

الإثنين 2016/08/01
نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تحقيقاً حول اسباب الكراهية التي يكنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تجاه المرشحة الديموقراطية للرئاسة، وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون.


وساقت الصحيفة أسباباً متعددة للكراهية، التي يعتقد الاميركيون انها دفعت بوتين الى قرصنة ايميلات "اللجنة المركزية" للحزب الديموقراطي، والتي اثارت إحراجاً لكلينتون وفريقها الانتخابي. ومن الاسباب التي اوردتها الصحيفة، أن بوتين أجبر كلينتون مرة على الانتظار طويلاً، وأحرجها امام الاعلام بإعطائها محاضرة حول ضرورة رفع أميركا لعقوباتها التي كانت مفروضة على ايران.


وتابعت الصحيفة أن كلينتون، على عكس رغبات رئيسها باراك أوباما، انتقدت انتخابات بوتين في العام ٢٠١١، ووصفتها بالمزورة، وقالت إن الروس يستحقون أن يسمع العالم اصواتهم. وعندما سأل اعلاميون، بوتين، عن ردة فعله تجاه تصريح كلينتون، اجاب انه "لن يجادل امرأة"، في استعراض قوة ذكوري واحتقار للمرأة.


لا شك ان الاسباب التي اوردتها الصحيفة تفسّر بعض كراهية بوتين لكلينتون وتأييده المطلق والعلني لمنافسها المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وهي كراهية صارت تنتشر في روسيا الى حد دفع المرشحة لانتخابات الدوما ماريا كونتاسوفا الى بناء حملتها الانتخابية على العداء لـ"كلينتون الشريرة"، وهو الوصف الذي يطلقه عليها ترامب. ودعت كوستانوفا الاميركيين، في رسالة اعلامية، الى التصويت لترامب بدلا من كلينتون.


لكن "نيويورك تايمز"، على غرار افلام هوليوود، صورّت تفضيل بوتين لترامب على كلينتون على انه ثأر شخصي، فيما حقيقة الأمور تشي بأن موقف بوتين استراتيجي بحت ومحسوب بالكامل.


يتصدر اسباب تأييد بوتين لترامب حملة الدعاية التي يشنها بوتين منذ سنوات لتشكيل جبهة مسيحية عالمية لمحاربة المسلمين، يكون هو بالطبع قائد هذه الجبهة. وينقل المسيحيون العرب عن سفراء روسيا إن هؤلاء يحثونهم على تأييد موسكو الارثوذكسية حامية الاقليات وقائدة تحالفهم، وان على المسيحيين العرب التمسك بالرئيس السوري بشار الأسد، الذي ينحدر من الاقلية السورية العلوية، وكذلك التمسك بالاقليتين الشيعية واليهودية في منطقة الشرق الاوسط.


وكانت وسائل اعلام روسية بثت، إبان بدء حملة روسيا العسكرية في سوريا، صوراً ظهر فيها رجال دين مسيحيين روس وهم يباركون صواريخ المقاتلات الروسية المتجهة الى السماء السورية.


ولأن بوتين يعمل على بناء جبهة مسيحية عالمية بقيادته، فهو أصدر قانوناً يعاقب المثلية الجنسية، وهو قانون أكسبه شعبية واسعة في صفوف اليمين المسيحي الاميركي، الذي يبني جزء كبيراً من سياسته على مكافحة المثلية والمثليين.


ولأن ترامب شعبوي، يقول ما يرغب مسيحيو اميركا في الاستماع اليه، فهو أعلن مراراً عن تقديره لبوتين "القوي"، الى حد أنه دعا الروس الى القيام بالمزيد من عمليات القرصنة لايميلات منافسته كلينتون.


ويبلغ التناغم بين بوتين وترامب، المسيحيين، ذروته باعلان الاثنين عداءهما لـ"تحالف الاطلسي"، وللمسلمين، أرهابيين أم لا في حالة ترامب. ويقدم الرجلان استعراضات قوة، مثل دعوة ترامب الى قتل عائلة اي مسلم يرتكب هجوماً ارهابياً.


كما يبلغ التناغم بين بوتين وترامب مراحل متقدمة في الشأن السوري، إذ يعتقد الاثنان بضرورة بقاء الأسد، حامياً للأقليات في وجه المجرمين المسلمين المزعومين. وتأييد بقاء الأسد للدفاع عن مسيحيي المشرق هي احدى ابرز النقاط التي يجمع عليها اليمين المسيحي الاميركي بكل اطيافه.


إن تأييد بوتين لترامب وعداءه لكلينتون، سراً وعلناً، لا يعود لأسباب شخصية كما تعتقد صحيفة "نيويورك تايمز"، فبوتين يعلم أن في السياسة الدولية لا اصدقاء دائمين ولا اعداء دائمين، بل مصالح دائمة. لذلك، يسعى بوتين لنيل رضى مسيحيي اميركا وتجييرهم لترامب، وتشغيل اجهزة استخباراته لمصلحة قرصنة ايميلات كلينتون بهدف احراجها لمصلحة ترامب. كذلك يقوم اللوبي الروسي في واشنطن بتنظيم الاميركيين من اصل روسي لانتخاب ترامب، وللتبرع لحملته الانتخابية.


هكذا استبدل بوتين شيوعية روسيا بمسيحيتها، فانقلب شعارها من "يا عمال العالم اتحدوا" الى "يا مسيحيي العالم اتحدوا".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024