المتطوعون السوريون في المليشيات الإيرانية..ضحية الصراع مع روسيا

يزن شهداوي

الأحد 2018/12/02
مؤشرات التوسع الروسي وتقليص النفوذ الإيراني تزداد يوماً تلو الآخر، مع إحكام القبضة الروسية على معظم المواقع الإيرانية، وتلك التابعة لمليشيا "حزب الله" اللبناني، لا سيما في مناطق الساحل السوري وحمص وحماة.


هذه الحال انعكست بشكل واضح على مئات المتطوعين الشبّان في صفوف "الحرس الثوري" الإيراني، الذي سلّم، وفقاً لتقديرات وعمليات توثيق قام بها نشطاء، نحو 90 في المئة من مقراته في تلك المناطق إلى الجانب الروسي.


وفقاً لنشطاء، بلغ عدد المتطوعين المدنيين في صفوف "الحرس الثوري" حوالى 1500 من محافظة حماة، وحوالى 300 متطوع من ريف حمص الشمالي، وكان مقر المليشيا الإيرانية مقراً رئيسياً لهم، بالقرب من قرية تل قرطل جنوبي حماة.


ويشرف على المركز ضابط إيراني يدعى "الحاج أبو نداء"، بالإضافة إلى شخص آخر يدعى "أبو الخير"، وهو سوري الجنسية من أهالي مدينة مصياف، يبلغ من العمر 58 عاماً، وقد أنهى وظيفته كمساعد في المخابرات الجوية منذ بداية الثورة السورية، ليلتحق في ما بعد بصفوف "الحرس الثوري"، وأصبح يمتلك سلطة نافذة في محافظة حماة تضاهي أعلى سلطة أمنية فيها.


الناشط الميداني في حماة عامر الياسين، قال لـ"المدن"، إن عمليات التطويع في أواخر العام الماضي إتجهت بشكل كبير إلى "الحرس الثوري"، بسبب المغريات الأمنية والمالية التي تقدم للمتطوع، علاوةً على إعفائه من الخدمتين الإلزامية والإحتياطية إذا ما حقق خدمة لمدة تزيد عن ثلاثة أعوام في صفوف المليشيا الإيرانية. وأضاف أن المتطوعين يقبلون بعد اعتناقهم المذهب الشيعي.


ومؤخراً، قام "الحرس الثوري" بكافة تشكيلاته برفقة قيادات "حزب الله" الموجودة في حماة، بإخلاء اللواء 47، الذي يعد من أكبر المقرات الإيرانية في سوريا، وسلّمها إلى الفرقة الرابعة تحت إدارة روسية مباشرة على ذلك اللواء. كما نُزعت  كافة الأعلام الإيرانية والرايات الطائفية التي رفعت على أبواب اللواء، وتم استبدالها بالعلم السوري، وقد كتب على باب اللواء "قوات الفرقة الرابعة أسود سوريا".


الصحافي السوري مكسيم الحاج، قال لـ"المدن"، إن مصير المئات من الشباب السوري بات مجهولاً، في خضّم التحولات السياسية في سوريا إثر التنازع على إستلام الوصاية في البلاد. فمنذ العام 2014 إلى أواخر العام 2017، كانت إيران هي الدولة المتحكمة في زمام الأمور في سوريا، برفقة القوات الرديفة لها من مليشيات لبنانية وأفغانية وعراقية الأصل، الأمر الذي حوّل أنظار الشباب السوري من التطوع في فروع المخابرات السوري، إلى تلك المليشيات، حتى بلغ عدد المتطوعين في عموم سوريا الآلاف.


ومع بداية العام الحالي، آلت الأمور أكثر إلى روسيا، التي فرضت سيطرتها على المقرات العسكرية المهمة كافة، والمراكز الحيوية في سوريا، فباتت تنتشر في محافظة حماة في أكثر من خمسة مراكز موزعة بين المدينة والأرياف، وكذلك الأمر في حمص؛ فيما تشير أنباء إلى أن المنطقة المقبلة ستكون طرطوس.


وأضاف الحاج، أن هذه التحولات هيمنت على أحوال المتطوعين في الميليشيات الإيرانية والشيعية بشكل عام، إذ بات مصيرهم مجهولاً، خصوصاً أن عمليات التطويع كانت بمغريات الإعفاء من الخدمة، والخدمة في مناطق سكن المتطوع، والرواتب الشهرية المرتفعة التي وصلت في بعض الأحيان إلى 155 دولاراً أميركياً. لكن الإيرانيين اليوم بدأوا يتخلون عن هذه المغريات، بعدما أصبح في عهدتهم ما يقارب السبعة آلاف متطوع في عموم سوريا، حيث أن قيادات الميلشيات الإيرانية بدأت بإرسال هؤلاء المتطوعين إلى الشرق السوري في مناطق دير الزور وما حولها، كما بدأت تتملص من ميزة الإعفاء وأصبح المتطوع لديها مطلوباً للنظام لتأدية إحدى الخدمتين كسائر المدنيين، وبدأت مستحقاته الشهرية تتناقص.


ورغم ذلك ليس في إمكان المتطوع فسخ عقد تطوعه بسبب الشروط الجزائية التي تلاحقه أمنياً.


يقول محمد، وهو شاب عشريني من مدينة حماة، نقلاً عن أحد أصدقائه المتطوعين في "الحرس الثوري"، بأنهم يسعون إلى فسخ عقودهم بأقل الخسائر، وسط محاولاتهم التطوع في المليشيات التي تشرف عليها روسيا، مثل الفيلق الخامس. لكنه يوضح أن إيران منعت نقل متطوعيها من ملاكها إلى الملاك الروسي، حتى إنتهاء عقد المتطوع، وبدأت حكومة النظام تلاحقهم وتضع أسماءهم على حواجزها للقبض عليهم وسوقهم للخدمة الإلزامية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024