ليبيا: السعودية تمول هجوم حفتر وباريس تدعمه

المدن - عرب وعالم

السبت 2019/04/13
قالت صحيفة "وول ستریت جورنال" الأمیركیة إن السعودية تعهدت بتمويل هجوم قائد "الجيش الوطني الليبي" اللواء المتقاعد خلیفة حفتر، على العاصمة طرابلس.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين، أن الرياض تعهدت بدفع ملايين الدولارات لحفتر، لتمويل عمليته العسكرية لاستعادة العاصمة طرابلس. وأضافت أن حفتر، قبل العرض السعودي الذي تلقاه خلال زيارته للرياض في 27 آذار/مارس، واجتمع خلالها مع الملك السعودي وولي عهده، إضافة إلى وزير الداخلية ورئيس المخابرات.

صحيفة "لا ريبوبليكا" الإيطالية، قالت إن زيارة قام بها مبعوثون من قبل حفتر، إلى باريس، بهدف الحصول على موافقة الإليزيه على الهجوم الذي تشنه قواته على العاصمة طرابلس، بعد ساعات من بدء المعركة. وسافر الوفد، على متن طائرة من طراز "فالكون"، بعد ساعات من بدء الهجوم على طرابلس في 4 أبريل/نيسان. وأوضحت الصحيفة أن مبعوثي حفتر كانوا في باريس بعد ساعات قليلة من الإعلان عن بدء الهجوم على طرابلس، وأن طائرتهم غادرت مطار أورلي قبل فجر الجمعة متجهة إلى مدينة بنغازي، وقالت إن صدام نجل حفتر كان ضمن الوفد الزائر.

الصحيفة عادت لتؤكد أن الوفد ذاته، كان قد زار قبل ذلك، على متن نفس الطائرة العاصمة الإيطالية روما، لإجراء محادثات مع رئيس الوزراء جوزيبي كونتي بشأن هدنة محتملة في طرابلس.

السلطات الفرنسية، نفت علمها المسبق بمخطط الهجوم على طرابلس، وأكدت أنه ليست لديها أي أجندة خفية في ليبيا. إلا أن الحكومة الشعبوية في إيطاليا، تكرر اتهاماتها لفرنسا بالتدخل وخلق الفوضى في ليبيا، فيما يُعتقد أنه مبالغات إيطالية قُبيل انتخابات البرلمان الأوروبي المقبلة.

وفي باريس، قالت الخارجية الفرنسية إنّها "تتحدّث مع كافة أطراف" النزاع الليبي، من دون أن تؤكّد معلومات صحيفة "لا ريبوبليكا" الايطالية. وقالت متحدثة باسم الوزارة: "على غرار شركائنا، نتحدث مع كافة أطراف النزاع في ليبيا للتوصل الى وقف لاطلاق النار". وأضافت "لم يتم ابلاغنا بالحملة على طرابلس التي ندّدنا بها على الفور".

وبحث وزير الخارجية الفرنسي جان-إيف لودريان، مع نظيره القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، في باريس، الجمعة، "ضرورة أن توقف الأطراف المنخرطة في المعارك في ليبيا القتال"، بحسب الخارجية الفرنسية.

ويأمل حفتر المدعوم من سلطات مقرّها في الشرق وغير معترف بها دولياً، أن يوسّع نطاق سيطرته التي تشمل حالياً شرق البلاد وقسماً كبيراً من جنوبها إلى الغرب الليبي الذي تسيطر عليه حكومة الوفاق. في المقابل تقاوم القوات الموالية لحكومة الوفاق وتؤكّد عزمها على شنّ هجوم مضادّ.

وبعد مباحثات مطوّلة وافق الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه على إعلان دعا "الجيش الوطني الليبي" إلى "الانسحاب" من العاصمة وكذلك قوات أخرى أتت من مناطق أخرى للقتال. وفي بيان له، أعرب الاتحاد الأوروبي عن "قلقه لمشاركة عناصر إرهابية ومجرمين في المعارك، وخصوصاً أشخاص مدرجة أسماؤهم من مجلس الأمن الدولي" على قوائمه السوداء.

وقال مصدر أوروبي، لـ"فرانس برس" إنّ مجرمين وجماعات إسلامية متشدّدة، البعض منهم يخضع لعقوبات من الأمم المتحدة، التحقوا بخطوط الجبهة ضدّ قوات حفتر. وأضاف المصدر طالباً عدم كشف هويته "لم يدرك حفتر أنّه بمهاجمة غرب ليبيا كان يجازف" بانقلاب هؤلاء الأشخاص عليه. وتابع "لا يمكن لحفتر الاستيلاء على طرابلس" إلاّ إذا غيّرت القوات المسيطرة على العاصمة "ولاءها".

ورغم هذا النداء اشتدّت المعارك الجمعة على جبهات في الضاحية الجنوبية للعاصمة خصوصاً عين زارة ووادي الربيع والسواني.

وفي نيويورك طلبت الأمم المتحدة، الجمعة، "هدنة إنسانية" في المعارك في محيط طرابلس لتسهيل خروج المدنيين وتقديم مساعدة للمحتاجين إليها. وقال المتحدّث باسم المنظمة الدولية ستيفان دوجاريك للصحافيين إنّ "المعارك مستمرة" و"هناك استخدام متزايد للمدفعية الثقيلة التي يمكن أن يكون لديها عواقب كارثية خصوصاً في المدن". وأضاف أنّ "المعارك تمنع المدنيين من الهرب. شاهدنا استهداف طواقم طبية وسيارات إسعاف وهذا أمر غير مقبول بتاتاً"، مطالباً "بهدنة إنسانية ليتمكّن المدنيون من المغادرة بأمان ولنقل مساعدات".

وفي طرابلس دعت حكومة الوفاق مجلس الأمن الدولي إلى التحرّك لوقف هجوم حفتر، معربةً عن أسفها لانقسام المجتمع الدولي حول ليبيا. وقال محمد طاهر سيالة، وزير الخارجية في حكومة الوفاق، للصحافيين "نريد تدخّلاً سياسياً وليس عسكرياً". وأضاف "نأمل أن يتمكّن مجلس الأمن الدولي من أن يوقف القوات التي تهاجم العاصمة وأن يقنع الدول التي تدعمها بتغيير موقفها". وبحسب الوزير الليبي فإنّه يتعيّن على مجلس الأمن الدولي أن يدعو قوات حفتر إلى "الانسحاب إلى المواقع التي كانت فيها قبل الهجوم" على طرابلس. وأضاف "عندما يحصل ذلك ستتوقف القوات التي تدافع عن العاصمة" عن القتال.

ميدانياً، نفذت قوات حفتر الجوية غارات على مواقع من بينها مطار معيتيقة، في حين قصف سلاح الجو التابع لـ"حكومة الوفاق" قاعدة الوطية التي تسيطر عليها قوات حفتر.

وقالت قوات "عملية بركان الغضب" التابعة لحكومة الوفاق الليبية، الجمعة، إنها تمكنت من إجبار قوات حفتر على التراجع من نقاط ومواقع في محاور وادي الربيع وعين زارة جنوبي العاصمة طرابلس.

وأوضحت أن طائرة تابعة لقوات حفتر شنت غارات جوية على مواقع قوات بركان الغضب في وادي الربيع لتغطية انسحاب قوات حفتر من هذا المحور، مما أدى لمقتل جنديين من قوات الوفاق وإصابة آخر.

وكالة "رويترز" قالت إن طائرة تابعة لقوات حفتر هاجمت مطار معيتيقة، وهو المطار الوحيد العامل بشكل جزئي في طرابلس. وأضافت الوكالة أن المدافع المضادة للطائرات تصدت للهجوم.

في حين أعلن سلاح الجو التابع لحكومة الوفاق التي تسيطر على طرابلس، شن غارة على قاعدة الوطية (نحو 130 كلم جنوب غرب طرابلس)، وهي القاعدة الجوية الوحيدة التي يسيطر عليها حفتر في الغرب الليبي.

من جهتها، أعلنت قوات حفتر مواصلة تقدمها نحو طرابلس تحت غطاء جوي. وقال المتحدث باسم قوات حفتر إن هناك إصراراً لدخول العاصمة طرابلس.

وأظهرت أحدث بيانات للأمم المتحدة أن المعارك الدائرة منذ أسبوع أسفرت عن مقتل 75 شخصا، بينهم 17 مدنيا، وإصابة 323 شخصا ونزوح نحو 9500 شخص عن ديارهم. وقال مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، الجمعة إن نحو 1500 لاجئ ومهاجر محاصرون في مراكز احتجاز بسبب الصراع الليبي، وإن المخاطر التي تهدد حياتهم تزداد ساعة بعد ساعة، داعيا إلى إجلائهم على وجه السرعة.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024