إدلب..النظام يريد معركة لا يستطيع الانتصار فيها

المدن - عرب وعالم

الأحد 2020/09/20
خسرت قوات النظام والمليشيات الموالية لها أكثر من 10 مقاتلين بينهم ثلاثة ضباط على الأقل في قصف بري نفذته المعارضة السورية على مواقعهم المتقدمة في جبهات ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي.

في حين واصلت قوات النظام الأحد، قصفها لقرى جبل الزاوية بالمدفعية والصواريخ وسط تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الروسي في سماء المنطقة التي يسودها التوتر العسكري منذ الجمعة الماضي.

وبدأت قوات النظام الترويج لانطلاق جولة جديدة من المعارك ضد المعارضة في ادلب، ودفعت بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى جبهات جبل الزاوية وريف معرة النعمان الغربي والمناطق الجبلية في ريف اللاذقية الشمالي، وتناقلت شبكات موالية في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً للتعزيزات التي ضمت المئات من العناصر، والمدرعات والآليات العسكرية الثقيلة. بعض الصور التي تداولتها الشبكات يعود تاريخها إلى بداية العام 2020، والقسم الأكبر من الصور حديثة بالفعل وتظهر التحركات العسكرية وعمليات الانتشار.

الترويج للمعركة المفترضة بدأ بعد فشل الاجتماعات الروسية-التركية التي أجريت في أنقرة في 16 أيلول/سبتمبر بين وفدين عسكريين من الجانبين. ومن المحتمل استمرار التصعيد العسكري من جانب النظام إلى أن تستجيب تركيا للمطالب الروسية المفترضة والتي تم تسريبها من الاجتماعات الأخيرة، وفي قائمتها سحب النقاط التركية المتواجدة في مناطق النظام، وأهمها نقاط مورك والصرمان والعيس، وعدد آخر من النقاط التي تم إنشاؤها لعرقلة تقدم قوات النظام أثناء العمليات العسكرية أواخر 2019، أهمها نقاط أطراف سراقب، ونقطة معر حطاط على الطريق "إم-5".

وفي حال تحققت المطالب الروسية في سحب النقاط التركية الرئيسية فسيكون الحديث عن عودة المهجرين إلى مناطقهم برعاية مشتركة وانسحاب قوات النظام إلى حدود ما قبل أيار/مايو 2019 حديثاً من الماضي. ويسمح الانسحاب المفترض بنزع الصفة العسكرية عن المنطقة والتي ما تزال مجمّدة وشبه خالية من السكان منذ أن سيطرت عليها قوات النظام، وبالتالي سيكون بإمكان روسيا الإعلان لاحقاً عن فتح المنطقة لعودة المهجرين والنازحين في مناطق المعارضة، والادعاء بأنها ستعمل على ضمان عودة آمنة لهم، وهذا السيناريو تكرر أكثر من مرة منذ العام 2017 خلال العمليات العسكرية التي بدأت من شرقي سكة حديد الحجاز شمال شرقي حماة وشرق إدلب.

للمليشيات الإيرانية مصلحة أيضاَ في الانسحاب العسكري التركي من داخل مناطق النظام، وبشكل خاص من نقاط طوق حلب، في العيس والراشدين وعندان والشيخ عقيل. هذه النقاط تعرقل عملياً توسع نفوذ المليشيات الإيرانية بالشكل الذي ترغب به. وعلى ضوء الخلافات الروسية-التركية في الاجتماعات الأخيرة والحديث عن صفقة بين الجانبين تضمن انسحاب النقاط التركية من محيط إدلب مقابل دخولها منطقتي تل رفعت شمالي حلب ومنبج شرقها، قامت المليشيات الإيرانية بتعزيز تواجدها العسكري في محيط نبل والزهراء شمالاً تعبيراً عن رفضها المسبق لأي صفقة من هذا النوع تهدد منطقة نفوذها.

في الميدان لا يبدو الجيش التركي موافقاً على سحب نقاطه المتمركزة داخل مناطق النظام، بدا ذلك واضحاً من إجراءات التحصين التي قامت بها عدد من القواعد والنقاط العسكرية التركية. ولا تعني زيادة تحصينات نقاط المراقبة التمسك بمواقعها ووجودها فحسب، بل تعبر عن خشية حقيقة من استهداف قد يطاولها خلال الفترة القادمة كجزء من التصعيد العسكري المتوقع.

التصعيد الروسي الذي يسير بشكل تصاعدي قد ينحو باتجاه كثافة يومية أكبر في خروق وقف إطلاق النار براً وجواً، وضرب أهداف في مناطق عمق سيطرة المعارضة، كذلك تنفيذ عمليات برية محدودة بهدف الاستطلاع بالقوة وزيادة الضغط.

وفي الغالب لن يتطور التصعيد في وقت قريب على الأقل إلى مواجهة مفتوحة لأسباب عديدة، أهمها تصلّب الموقف التركي الرافض حتى الآن لتقديم أي تنازلات، وتعزيز الخط الدفاعي جنوبي الطريق "إم-4" في جبل الزاوية بعد أن دخل المزيد من الأرتال العسكرية التركية خلال اليومين الماضيين إلى منطقة العمليات المهددة بالاجتياح، بالإضافة لعدم كفاية تعزيزات النظام المتجمعة في جبهات إدلب لخوض مواجهة مفتوحة مع المعارضة لأن العدد الأكبر من المليشيات الروسية (قوات النمر والفيلق الخامس) قد تمّ نقله إلى ليبيا، ومن المفترض أن يتم الاعتماد على الفرق العسكرية النظامية (الفرقة التاسعة والفرقة 11 والفرقة السابعة والحرس الجمهوري) وهي قوات ذات جاهزية أقل من القوات التي تدربها وتدعمها روسيا بشكل مباشر.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024