لقاء مصالح بين الأسد وأردوغان..في وجه "قسد"

المدن - عرب وعالم

الإثنين 2020/08/03
غضب تركي سوري من توقيع الولايات المتحدة الاتفاق النفطي مع قوات سوريا الديموقراطية (قسد) الذي تم الإعلان عنه في 30 تموز/يوليو الماضي، والذي يضع النظام السوري وأنقرة في الخانة نفسها لأول مرة.

ولا يبدو أن هذا الاتفاق النفطي الذي وقعته "قسد" مع شركة استثمار وتكرير نفط أميركية سيمرّ دون تبعات سياسية إقليمية، وردود أفعال قد لا يكون ممكناً التنبؤ بها، خصوصاً من جانب الدول المتضررة من توقيعه، على الرغم من تباين مواقف هذه الدول أو تصارعها، لما يتضمنه هذا الاتفاق من اعتراف أميركي رسمي بسلطة الإدارة الذاتية الكردية.

وزارة الخارجية التركية دانت الاثنين، في بيان، الاتفاق، معتبرة أنه يتجاهل القانون الدولي. وقالت إن "وحدات حماية الشعب الكردية، تظهر بوضوح طموحها للانفصال عن سوريا والاستيلاء على موارد الشعب وثرواته".

وشدد البيان على "ضرورة عودة الموارد الطبيعية السورية للشعب السوري"، معرباً عن أسف أنقرة "لدعم واشنطن هذه الخطوة التي تتجاهل القانون الدولي، وتهدد وحدة أراضي سوريا وسيادتها، وتوفر غطاءً لتمويل الإرهاب".

وقبل ذلك دانت وزارة خارجية النظام السوري في بيان، الاتفاق بأشد العبارات، واصفة إياه ب"السرقة الموصوفة متكاملة الأركان، بين لصوص تسرق ولصوص تشتري". وأضافت أن "هذه الخطوة تشكل اعتداءً على السيادة السورية، واستمراراً بالنهج العدائي الأميركي تجاه سوريا، المتمثل هذه المرة في سرقة ثرواتها وإعاقة جهود إعادة الإعمار"، حسب تعبير خارجية النظام.

وكانت الولايات المتحدة قد كشفت عن توقيع "قسد" مع شركة النفط أميركية (دلتا كريسنت انرجي ال ال سي) اتفاقية لاستخراج النفط ومعالجته وتسويقه من الآبار التي تسيطر عليها "قسد" بدعم الولايات المتحدة وقوات التحالف الدولي في شمال شرقي سوريا.

وكنوع من تبريد الأجواء، وتطييب خاطر الروس، قالت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، إنها تدرس طلبات جديدة بهدف الاستثمار في مناطق سيطرتها. وأوضح الرئيس المشترك للإدارة عبد حامد المهباش أن الإدارة الذاتية بصدد دراسة طلبات لشركات روسية وأميركية بهدف الاستثمار في مجالات خدمية مختلفة.

يأتي ذلك في حين لم يصدر حتى الآن عن المعارضة السورية، الممثلة بالائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أية ردة فعل، فيما جاءت ردود الفعل التركية والرسمية السورية متناغمة، ما يعني أن هناك احتمال تقارب سوري-تركي في هذا الملف، قد ترعاه روسيا، المطالِبة بشكل علني بإخراج القوات الأميركية من سوريا، حيث تصف موسكو وجودها بأنه غير شرعي، ولم تأتِ بطلب من حكومة النظام المعترف بها دولياً.

اتفاق المصالح هذا بين النظام السوري وأنقرة إذا تحقق، يسهم بعرقلة جهود إقامة سلطة حكم ذاتي كردي على الحدود مع تركيا، لكنه سيقلق المعارضة السورية وتنظيماتها المسلحة، التي وضعت كل بيضها في سلة الأتراك.

وتسيطر قوات التحالف الدولي بقيادة أميركية على أهم حقول النفط والغاز في شرق سوريا، وأبرزها حقل "العمر" النفطي، الذي يعدّ أكبر حقول النفط في سوريا مساحة وإنتاجاً، وحقل "التنك"، وهو ثاني أكبر الحقول، ويقع في بادية الشعيطات بريف دير الزور الشرقي.

بالإضافة إلى حقل "كونيكو" للغاز، وهو أكبر معمل لمعالجة الغاز في سوريا، كما يُستفاد منه في إنتاج الطاقة الكهربائية ويقع في ريف دير الزور الشمالي.

وتعتبر الولايات المتحدة أن من أكبر المكاسب التي حققتها في الحرب ضد تنظيم "داعش"، السيطرة على حقول النفط شرقي سوريا، التي كانت تشكل مصدر عائدات رئيسياً للتنظيم.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أعلن عقب إعلانه سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا، في تشرين الأول/أكتوبر 2019، بقاء عدد قليل من الجنود الأمريكين في سوريا لحماية آبار النفط، غير أن واشنطن أرسلت بعد ذلك تعزيزات إلى شرقي نهر الفرات، في خطوة رأى فيها مراقبون تراجعاً من جانب الأميركيين عن تقليص وجودهم في هذه المنطقة الغنية بالثروات.

وكان إنتاج سوريا من النفط قد بلغ 380 ألف برميل يوميا قبل اندلاع الثورة عام 2011. لكن القطاع مُني بخسائر كبيرة، ولا تزال غالبية حقول النفط والغاز تحت سيطرة قوات "قسد" التي يسيطر عليها الأكراد، وتتهمها تركيا بأنها الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف كإرهابي عالمياً.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024