"الفيلق الخامس- اقتحام":فكرة روسية لحلّ مليشيات الشبيحة

رائد الصالحاني

الخميس 2016/12/22
حصلت "المدن" من أحد ضباط "الفرقة الرابعة" التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الأسد، على معلومات تتعلق بـ"الفيلق الخامس"، الذي تم الإعلان عن تشكيله في الثاني والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ليكون ضمن صفوف الجيش السوري والقوات الرديفة.

وقال الضابط إن "الإدارة العليا للفيلق ستكون روسية عبر ضباط سوريين، وأن الاسم المرشح حالياً لقيادته هو اللواء طالب بري القائد السابق للأسطول البحري السوري، وسيكون بداية لحصر الميليشيات الأجنبية في جبهات معينة والتحكم بكافة المسلحين السوريين الموالين للنظام الذين سينضوون تحت اسم الفيلق الخامس".

ودعا النظام المدنيين للانضمام "بشكل طوعي" إلى الفيلق وفق شروط نشرها الإعلام الرسمي. وبدأ النظام حملات ترويج للانضمام إلى "الفيلق" تمثلت برسائل قصيرة عبر مشغلي الخليوي في سوريا، للمواطنين بشكل عشوائي، مع وضع منشورات داخل ربطات الخبز في بعض المحافظات تدعو الشباب إلى التطوع.

العميد في "الفرقة الرابعة" أكد أن "الفيلق الخامس" هو فكرة روسية لا علاقة للنظام بها والذي لن يكون له دور إلا في عمليات التنسيق والتجميع فقط. و"سبب إنشاء هذا الفيلق يعود إلى رغبة روسيا في حلّ الميليشيات السورية الموالية للنظام التي باتت عبئاً لا يحتمل في جميع مناطق سوريا، فأينما تحل يحل الفساد والمشاكل، فضلاً عن تحول بعضها إلى مافيات مسلحة غير تابعة لأحد تصول وتجول دون رادع". ذلك بالإضافة إلى الرغبة في سحب الشباب السوريين المتطوعين في الميليشيات العراقية والإيرانية، وإلحاقهم في صفوف "الفيلق الخامس" بمغريات مادية ورواتب تصل إلى 150 ألف ليرة سورية (حوالى 270 دولار أميركي). وقال الضابط إن الأمور إن استمرت على هذا الحال فإنها ستخرج أكثر عن سيطرة النظام في الأوقات القادمة، خاصة مع تأمين محيط ريف دمشق وحلب. فالميليشيات المسلحة أصبحت خطراً ويجب استبدالها بأسرع وقت.

مصدر خاص أكد لـ"المدن" أن النظام أصدر أوامر مباشرة لحلّ مليشيا "درع القلمون" التابعة لـ"الدفاع الوطني"، والتي ضمت متطوعين، ومعارضين أو مقاتلين سابقين في صفوف المعارضة بعد "تسوية أوضاعهم" مع النظام، وسيتمّ ضمّ كامل عناصر المليشيا إلى "الفيلق الخامس" مع بداية العالم المقبل. وأكد المصدر أن النظام أصدر تعميماً على مخاتير الأحياء في دمشق وريفها الخاضعة لسيطرته، ومدراء الدوائر الحكومية بترشيح نسبة 10 في المئة من الشباب القاطنين في تلك المنطقة والعاملين في تلك الدوائر، لضمّهم إلى صفوف "الفيلق" في غضون أيام "تحت طائلة العقوبة في حال التقصير". ووصل تعداد المقاتلين المنضوين في "الفيلق" إلى 12 ألفاً، وصدرت صباح الخميس، قوائم تضم اسماء 80 ألف شاب منهم موظفون، تم اختيارهم عن طريق المخاتير ومدراء القطاع العام، ليكونوا ضمن ملاك "الفيلق". ومن يتم اختياره لـ"الفيلق" يُعفى من "الخدمة الاحتياطية" في صفوف قوات النظام.

وحصلت "المدن" على معلومات تؤكد استدعاء فروع أجهزة الأمن في دمشق، خاصة فرع "الأمن العسكري" عدداً من قيادات مليشيات "الدفاع الوطني" و"جمعية البستان الخيرية" التابعة لرجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال الأسد، للتحقيق معهم على خلفية قضايا فساد وتشبيح وأعمال غير شرعية قاموا بها بمشاركة مجموعاتهم المسلحة، ووجهت لهم الأوامر بترك مناصبهم خلال أيام والتوجه للالتحاق في صفوف "الفيلق الخامس-اقتحام".

"الفيلق"، بحسب ضابط "الفرقة الرابعة"، سيكون من "كافة طبقات وطوائف الشعب السوري، ولن تكون المناصب حكراً على طائفة معينة، فالروس أرادوا هذا الأمر ليبعدوا فكرة حكم المليشيات الطائفية، وقبل الوصول إلى مرحلة حشد شعبي سوري كما في العراق". وأضاف أنه سيتم استدعاء الضابط المتقاعدين الذين انضموا إلى "اللجان الشعبية" و"كتائب البعث" و"الدفاع الوطني" ليتسلموا مناصبهم من جديد في صفوف "الفيلق". ورجح الضابط أن يتم حل ميليشيا "جمعية البستان" بعد المشاكل الكثيرة التي سببتها.

الضابط الذي خدم في 15 منطقة ساخنة، لا ينكر حجم الكوارث التي تسببها مليشيات "الدفاع الوطني" هذه الأيام، في المدن الخاضعة لسيطرتهم وفي المناطق التي يسيطرون عليها من جديد. فمهام المليشيات انتقلت من الأمور العسكرية إلى حماية تجار "التعفيش" وتغذية أسواق المستعمل بالبضائع، فضلاً عن المشاكل والشجارات التي تحصل يومياً في كثير من المناطق. وأكد العميد أنها "ستتطور عندما يتم تأمين محيط دمشق على وجه الخصوص، وهو الأمر المفروض من قبل الروس".

وحول العتاد والتسليح أكد الضابط في "الفرقة الرابعة" أن السلاح سيكون روسياً وقد تم إعطاء الأوامر وتوزيع الأدوار لسلاح الطيران والمدفعية لمساندة الفيلق في الهجوم البري حين يأتي دوره للمشاركة في المعارك. ولا مؤشرات حتى الآن في "اقحام الفيلق على جبهات القتال مع الإرهابيين".

ومن المهم التمييز بين حملات التجنيد لـ"خدمة الإحتياط" التي يقوم بها النظام حالياً وبين "التطوع" في "الفيلق الخامس"، فالموضوعان مختلفان تماماً، إذ إن إعلان تشكيل "الفيلق الخامس" تزامن مع حملة جديدة للنظام في أغلب المحافظات، وتركزت في دمشق التي يقطنها أكثر من 6 ملايين نسمة، لاعتقال مئات الشباب عبر الحواجز العسكرية، وتنفيذ مداهمات للمنازل، مع صدور قوائم جديدة تحمل أسماء مطلوبين لـ"خدمة الاحتياط". ورغم نفي النظام عبر إعلامه رفع سن "الخدمة الاحتياطية" إلى 50 سنة، إلا أن ناشطي دمشق وثّقوا اعتقالات طالت رجالاً تعدت أعمارهم الخامسة والأربعين، وسوقهم إلى ثكنات عسكرية. وآخر تلك التجاوزات حدثت الأربعاء الماضي، عندما اعتقل عشرة أشخاص تتراوح أعمارهم بين 45 و47 سنة، على حاجز برزة، وتمّ "سحبهم على الاحتياط".

وكانت أجهزة النظام قد طلبت، الثلاثاء الماضي، من أئمة جوامع مدينة التل، التي هُجّرت المعارضة منها بعد اتفاق المصالحة، تضمين الخطب دعوة الشباب للإنضمام إلى "الفيلق الخامس"، وكذلك تمّ جمع المعلمين والمدرسين وطلب منهم حثّ الطلاب على الانضمام إلى "الفيلق". كما أن المفاوضين الروس المشرفين على "المصالحات" في ريف دمشق، أخبروا ممثلي تلك المناطق أن كل من يرفض الخروج إلى الشمال السوري سيكون "مجبراً على التطوع" في "الفيلق الخامس".

في المقابل، يرى عميد منشق عن النظام السوري مقيم في تركيا، أن النظام ليس بحاجة إلى "فيلق" جديد وتكاليفه العالية، فهو يقوم بحملات "تجنيد إجبارية" منذ سنتين تسببت باعتقال عشرات الآلاف وزجهم في الجبهات، مع انضمام طوعي لكثير من الشباب إلى صفوف المليشيات الموالية لتجنب الخدمة على الجبهات والبقاء في مناطقهم بعد التنازل عن رواتبهم الشهرية لقيادات المجموعات، عدا عن استقدام يومي للمليشيات الإيرانية والعراقية واللبنانية والمرتزقة من كل أنحاء العالم. لذا فمن غير المنطقي أن يكون النظام قد أنشأ فيلقاً جديداً لتطويع الشباب عبر حملات لم تتوقف أساساً.

ويؤكد الضابط المنشق، لـ"المدن"، على الخلاف الروسي الإيراني مشيراً إلى أنه من المستحيل أن يكون لإيران دور في ذلك "الفيلق" فهو سيكون تجميعاً لكل حامل سلاح "رغب بالتسوية" إضافة إلى حلّ مليشيات "الدفاع الوطني" وضمها إلى "الفيلق الخامس".

فكرة حلّ المليشيات الموالية ليست وليدة اليوم، وإنما يتم الحديث عنها منذ أكثر من سنة، كما أن موضوع "الفيلق الخامس" ليس جديداً، ففي مطلع عام 2015 انتشرت اشاعات كثيرة في دمشق حول حلّ المليشيات وضمها إلى "الجيش النظامي" وتسريح المتطوعين وانتداب موظفين من كافة الدوائر وإخضاعهم لدورات تدريبية لحماية المنشآت الحكومية واستبدال الحواجز العسكرية في دمشق بعناصر جديدة بدلاً عن قوات المخابرات والمليشيات الموالية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024