التنسيق الامني مستمر:فلسطينية مُعتقلة بتهمة العمل ل"داعش"

أدهم مناصرة

الإثنين 2019/05/27

كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، عن اعتقال السلطة الفلسطينية لشابة تدعى  آلاء فهمي بشير، منذ نحو أسبوعين، لإحباط تنفيذ "عمليّة انتحارية لصالح داعش داخل إسرائيل".

مصدر أمني قال لـ"المدن"، إنه لا يستطيع تأكيد أو نفي الخبر، بحجة أن عملية التحقيق مع المعتقلة قد انتهت وأن الأمر بات الآن أمام القضاء، والأخير هو المخول قانوناً بالإفصاح عن القضية من عدمه. لكن المصدر عاد وقال إن إخراج الموضوع للرأي العام "يضرنا سياسيا".

ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" النبأ عما أسمته مسؤولاً فلسطينياً، قال إن "الشابة الفلسطينية آلاء بشير البالغة ثلاثة وعشرين عاما من قرية جينصافوط قضاء قلقيلية، كانت تنوي تنفيذ العملية من خلال حزام ناسف". وتزعم المصادر أن آلاء اعترفت بتواصلها مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا وغزة، من خلال أحد تطبيقات الهاتف، فيما يفيد مصدر لـ"المدن" أن التطبيق هو "تيليغرام".

ودرست بشير الشريعة الإسلامية، وتعمل كمعلمة للقرآن، وكانت الأنباء التي رصدتها "المدن" في بداية الإعتقال قد تحدثت عن أنها تنتمي لحركة "حماس"، قبل أن يتم النشر إسرائيلياً حول انتمائها لـ"داعش" وأنها تنوي تنفيذ عملية لصالح التنظيم.

وكان جهاز الأمن الوقائي في قضاء قلقيلية أعلن يوم الرابع عشر من مايو/أيار الجاري، عن تفاصيل اعتقال الشابة آلاء بشير من قرية جينصافوط. وقال في بيان، إن "معلومات وردت للجهاز حول قيام جهات خارجة عن الإجماع الوطني باستغلال الظروف النفسية والإجتماعية الصعبة التي تمر بها المواطنة آلاء بشير، والعمل على تجنيدها وتحريضها بمساعدة بعض أعضاء الميليشيات المسلحة الداخلية الخارجة عن القانون من أجل القيام بأعمال تمسّ الأجهزة الأمنية الفلسطينية".

وأضاف البيان: "قام جهاز الأمن الوقائي بالقبض عليها، وسماع أقوالها، وأنه تمّت إحالتها إلى النيابة العامة من أجل اتخاذ الإجراءات القانونية بحقّها".

وتفيد معلومات "المدن" أن الأجهزة الامنية الفلسطينية تحقق مع عدد آخر من الفلسطينيين على صلة بآلاء بشير.

ويرى مراقبون أن السلطة الفلسطينية مهتمة جداً لإظهار أهمية دورها الأمني امام إسرائيل واميركا، خاصة وأن جهاز الأمن العام الإسرائيلي "الشابك" يقف إلى جانب الدفاع عن السلطة الفلسطينية وأهمية التنسيق الأمني معها من أجل حفظ الهدوء في الضفة الغربية، وذلك في سبيل مواجهته سياسات الحكومة الإسرائيلية التي تصعد خطواتها اتجاه السلطة والتحذير من مغبتها.

وللدلالة على أهمية التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية رغم التوتر السياسي غير المسبوق الحاصل بينها وبين الإدارة الأميركية وإسرائيل، فإن واشنطن ضغطت على تل أبيب من أجل السماح بإدخال عشر آليات مصفحة لصالح الأمن الفلسطيني مؤخراً. وقد وصلت هذه المصفحات إلى جهاز الأمن الوطني ومقرها الرئيس في مدينة نابلس، ولكن يتم الإستعانة بها في بعض العمليات في مدن أخرى عند الحاجة.

ويبدو أنه بالرغم من التوتر السياسي الحاصل، فإن كلاً من السلطة الفلسطينية وإسرائيل وأميركا، مجمعون على ضرورة حماية الوضع الراهن وعدم السماح بإنفلات الأمور الميدانية وفقدان السيطرة، ما دفع الولايات المتحدة لإدخال هذه المصفحات لتعزيز مكانة السلطة وثباتها.

مصدر مطلع آخر، يقول لـ"المدن"، إن إعتقال الشابة آلاء بشير تم بناء على "معلومة إسرائيلية" وصلت للسلطة الفلسطينية، لتقوم الأخيرة بإعتقالها، ما يدل على استمرار "التنسيق الأمني" بين الجانبين.

وكانت آلاء تنوي وفق المزاعم أن تنفذ عملية انتحارية في مكان مكتظ بالإسرائيليين، الأمر الذي سيؤدي إلى عدد كبير من القتلى في صفوفهم وفق الإدعاءات، لكن في المقابل هناك مَن يقول إنه بالرغم من صحة النبأ بالعموم، إلا أن ثمة تضخيماً ومبالغة إسرائيلية إزاء "الفعل" الذي كانت آلاء بشير تنوي أن تقوم به.

وفي السياق، يؤكد خبير الجماعات الإسلامية الدكتور مروان شحادة لـ"المدن"، أن ما هو معروف أن كلاً من تنظيم "القاعدة" ومن بعده "داعش" قد فشلا سابقاً في تنفيذ أي عمل عسكري ضخم في داخل الأراضي الفلسطينية، غير أن هناك محاولات على هذا الصعيد عبر فرع "تنظيم الدولة" في شبه جزيرة سيناء.

وكان فرع "داعش" في سيناء قد أطلق صواريخ قبل عامين باتجاه مدينة إيلات الإسرائيلية لتقع في أماكن مفتوحة دون إحداث أي إصابات او أضرار، فيما تمكنت إسرائيل من قتل واغتيال العديد من عناصر التظيم في سيناء بينما كانوا يهمّون بعملية إطلاق الصواريخ.

ويرى شحادة أنه بعد تلقي "داعش" ضربات كبيرة في سوريا والعراق وانهيار دولته، فإنه يعكف الآن على وضع خطط لتنفيذ عمليات ضد أهداف إسرائيلية؛ ذلك أن تنفيذ هذا النوع من العمليات في هذا الوقت تحديداً سيؤدي إلى تنشيط دائرة الإستقطاب والتجنيد في صفوفه وزيادة "معجبيه".

ويضيف مروان شحادة "قبل حوالى عام ونصف العام، أطلق داعش 13 إصداراً مرئياً كانت تستهدف التحريض على اليهود بالتزامن مع عمليات طعن بالسكاكين نفذها فلسطينيون".

ويتابع شحادة "زعيم داعش ابو بكر البغدادي يدرك تماماً أن فتح أي جبهة مع إسرائيل ستكون رافعة له ولتنظيمه لإستقطاب المزيد من المؤيدين والعناصر والقيادات سواء على المستوى المحلي والإقليمي أو العالمي".

من جانبه، يؤكد الباحث بشأن الحركات الإسلامية الدكتور حسن أبو هنية لـ"المدن"، إنه بالرغم مما يتطلبه موضوع آلاء من الدقة والبحث بكل التفاصيل قبل الحكم على اي شيء، إلا أنه من الناحية العملية فإن تنظيم داعش بعد ظهور زعيمه ابو بكر البغدادي في شريط مصور مؤخراً، كان إيذاناً بإكتمال مرحلة الهيكلة والتخلي عن مشروع "تنظيم الدولة" السياسي القائم على التمكين والسيطرة على الأراضي إلى التحول لخلايا سرية.

ويشير أبو هنية إلى ان تنظيم "داعش" ترجم ذلك بوجود خلايا ونشاط لها في مناطق للمرة الأولى في الصومال وأفغانستان وباكستان والهند والنيجر وبروكينا فاسو، وغيرها. ولهذا، لا يستبعد أبو هنية ان تكون هناك محاولات من التنظيم للعمل ضد أهداف إسرائيلية في إطار استراتيجيته الجديدة القائمة على التحول إلى خلايا.

وكانت السلطة الفلسطينية قد اعتقلت العديد من الفلسطينيين رجالاً ونساءً في السنوات الأخيرة، بتهمة التواصل مع "داعش" في سوريا والعراق عبر الشبكة العنكبوتية، لكن لطالما تنتهج السلطة السرية التامة وترفض التعليق الإعلامي على الموضوع.

وكانت إسرائيل قد حكمت الفلسطينيين محمود وخالد مخامرة ويونس زين من بلدة يطا قضاء الخليل، بزعم تنفيذ عملية "سارونا" في تل أبيب عام 2016 والتي اسفرت عن مقتل 3 إسرائيليين وجرح 41 شخصا.

وجاء أسرهما بعد أن زعم جهاز "الشاباك" الإسرائيلي أن خالد مخامرة اعترف خلال التحقيق باستيحاء العملية من تنظيم "داعش"، وأن التنظيم يحظى بشعبية كبيرة في بلدته يطا، وأن "معظم المواطنين ينتظرون دخول التنظيم إلى البلاد من أجل الانضمام إليه والقتال في صفوفه"، بحسب إدعاءات "الشاباك".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024