السويداء": لماذا يفتح النظام باب "التسوية" لعصابة عريقة؟

المدن - عرب وعالم

الأربعاء 2019/09/11
فتح النظام باب "التسوية" لعصابة عريقة، أخطر مليشيات السويداء المسلحة، مقابل عودة أفرادها إلى "بيت الطاعة" وتنفيذهم لأجندات النظام في المنطقة بالشكل المطلوب منهم، رغم الانتهاكات الواسعة التي مارسوها في الفترة الماضية، بحسب مراسل "المدن" زين الحلبي.

وبحسب مصادر "المدن" فإن قائد مليشيا "حماة الديار" الموالية للنظام، التقى مع أفراد عصابة عريقة، كان معظمهم من عناصره قبل سنوات، وطرح عليهم "تسوية" زاعماً أنها من "أعلى المستويات"، وبكفالة من مفتي الجمهورية، ووزير شؤون القصر. وتكررت اللقاءات بين الطرفين، في عريقة، بحضور وجهاء البلدة. وقدم قائد "حماة الديار" ضمانات لأفراد العصابة، بإسقاط الحق العام عنهم، وإلغاء جميع إذاعات البحث الصادرة من فروع الأمن، ما عدا الدعاوى الشخصية التي عليهم متابعتها في المحاكم وحلها بالتراضي.

وأكدت مصادر "المدن" أن مبعوثاً من رئيس فرع الأمن الجنائي في السويداء، حضر أحد الاجتماعات وقدم تطمينات لأفراد العصابة الراغبين بـ"تسوية أوضاعهم"، وغض النظر عنهم، حتى يتمكنوا من حل جميع الدعاوى الشخصية عليهم.

في المقابل اشترط زعيم "حماة الديار" على أفراد العصابة الراغبين بـ"تسوية أوضاعهم"، وقف أي نشاط لهم بعمليات الخطف والسلب وقطع الطرقات، والتعاون مع أجهزة النظام الأمنية في المنطقة، بما يضمن "عودة الاستقرار الأمني لها". أما بالنسبة للسلاح المتوسط بحوزة العصابة، فيمنع استخدامه إلا بأوامر من الجهات "المعنية". وبالتالي تسعى "حماة الديار" لإعادة العصابة إلى كنفها، واستخدامها بطريقة تخدم النظام، بعدما بثت الرعب والإجرام في المجتمع.

عرض "التسوية" لاقى انقساماً بين أعضاء العصابة، رغم أن الأكثرية وافقت عليه. وكبادرة حسن نية منهم، اطلقوا سراح عنصر في "أمن الدولة"، كانوا قد خطفوه قبل أسابيع بعد استدراجه من دمشق. بل وعرض بعضهم تفتيش بيوتهم للتأكد من عدم تواجد مخطوفين فيها. بينما رفضت أقلية من أفراد العصابة "التسوية"، وطلبت "تسوية شاملة" للمطلوبين في السويداء، بذريعة أن "الدولة لن تصرف علينا إذا عدنا لحضنها".

عرض "التسوية" كشف حقيقة مخاوف تنامت لدى أهالي السويداء والوسط الديني الدرزي فيها، من الدور المشبوه الذي لعبه المفتي حسون في الأونة الأخيرة، وتدخله بقضايا خطف حلبيين، من خلال تواصله مع زعماء العصابات، للتفاوض معهم على إطلاق سراح مخطوفين.

وأكد زعيم "حماة الديار" للعصابة، أن المفتي حسون ووزير شؤون القصر، بذلا جهوداً كبيرة سعياً وراء "تسويات خاصة" لأبناء السويداء. وتم تكليف أحد مشايخ عريقة، بجمع الأوراق الثبوتية اللازمة لمن وافقوا على "التسوية"، ثم إرسالها إلى دمشق على أن تبدأ الإجراءات خلال فترة قصيرة.

وتوضح مصادر "المدن" أن مليشيا "حماة الديار" تسعى للعودة بقوة إلى الساحة بعدما تراجع نشاطها بشكل لافت وسحبت سلاح مقاتليها في الريف الشرقي، وقلصت عدد عناصرها، بأوامر من النظام قبيل أيام من هجوم "داعش" الدموي في تموز 2018.

وتزايدت انتهاكات وجرائم عصابة عريقة مؤخراً، وباتت تؤثر على السويداء والدروز بشكل سلبي، بعدما أوغلت في الخطف والقتل وطلب الفدية. العصابة بدأت مؤخراً تعترض سيارات مدنية من خارج السويداء، وشاحنات نقل البضائع، على طريق دمشق-السويداء، في ظل تعاون مفضوح من حاجز "المخابرات العسكرية" في منطقة المسمية. ودفع ذلك شركات كثيرة للامتناع عن إرسال بضائعها إلى المحافظة، أو الاعتماد على "ترفيق" فصائل محلية ومليشيات موالية لسياراتها.

كلية الأداب الثانية في بلدة عريقة، كانت أكثر المؤسسات المتضررة، إذ اختطفت العصابة 10 طلاب منها في الشهور القليلة الماضية، وأفرجت عن أغلبهم بعد دفع فديات تراوحت بين مليون وخمسة ملايين ليرة سورية، على الفرد الواحد.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024