أسلحة "أصدقاء سوريا" لـ"الجبهة الجنوبية":الإلتزام ب"التهدئة"

وليد النوفل

الجمعة 2018/06/22
لليوم الثامن على التوالي تستمر قوات النظام والمليشيات الرديفة بتصعيد عسكري "محدود" في الجنوب السوري عبر شن عمليات اقتحام لفتح ثغرات في جبهات المعارضة، وسط قصف هستيري على أرياف محافظة درعا، للضغط على المدنيين وفصائل المعارضة المسلحة في المنطقة للاستسلام.

ويعتبر الجنوب السوري عقدة تقاطع مصالح العديد من الدول الإقليمية، نظراً لحساسية حدوده مع الجولان المحتل والمملكة الأردنية، وكونه الخاصرة الجنوبية الغربية للعاصمة دمشق. وكانت المنطقة قد دخلت اتفاق "جنوب غرب سوريا" الذي توصلت إليه روسيا والولايات المتحدة والأردن في تموز/يوليو لـ"خفض التصعيد" في المنطقة وإبقائها بعيدة عن العمليات العسكرية.

وتشن قوات النظام منذ أيام حملة عسكرية محدودة من خلال التصعيد بشكل هستيري على ريف محافظة درعا عبر قصف القرى والبلدات براجمات الصواريخ والمدفعية الثقيلة ومشاركة محدودة لسلاح الجو السوري، في ظل غياب الطيران الروسي حتى اللحظة، والذي عادة ما اقترن تواجده خلال السنوات الأخيرة بكل حملة عسكرية برية لقوات النظام والمليشيات الأجنبية ضد فصائل المعارضة.

قاعدة حميميم الروسية كانت قد أعلنت مع وصول تعزيزات عسكرية للنظام إلى جنوب خلال الأسابيع الماضية أن روسيا لن تشارك في العمليات العسكرية جنوب سوريا، وأنها تحاول الحفاظ على "خفض التصعيد" و"حل النزاع" عبر سلسلة مصالحات وتسويات على غرار ما حصل جنوبي العاصمة دمشق.

مصدر عسكري من "الجبهة الجنوبية"، رفض الكشف عن اسمه كونه غير مخول بالتصريح للإعلام، قال لـ"المدن"، إن "الجبهة الجنوبية اتخذت قرار المواجهة العسكرية في حال لم يتراجع النظام عن عملياته العسكرية في المنطقة". كلام القيادي جاء بعد ساعات من إعلان تشكيل "غرفة عمليات مركزيّة" لمواجهة ما تشهده درعا والقنيطرة من تصعيد عسكري.

وتزامن ذلك مع حصول فصائل "الجبهة الجنوبية" على كميات قيل إنها "جيدة" من السلاح عبر دول "أصدقاء سوريا". وقالت مصادر "المدن" في "الجبهة الجنوبية" إنها حصلت على صواريخ "تاو" و"كورنيت" المضادة للدروع بالإضافة لأسلحة وذخائر أخرى خلال الأيام الأخيرة، من دون الحديث عن أي تفاصيل إضافية.

وقالت المصادر، إن دول "أصدقاء سوريا" أخبرتهم إنها "تدعم صمود فصائل الجبهة الجنوبية في مواجهة أي محاولات تقدم للنظام جنوب سوريا" وإن الدعم الذي حصلوا عليه "دعم دفاعي" للحفاظ على التهدئة.

وقال ثلاثة من القادة في "الجبهة الجنوبية" إن الدعم سيستمر في حال شن النظام أي عمليات عسكرية "مفتوحة" باتجاه الجنوب، وأن الأمر مرتبط بـ"صمود الفصائل وقدرتها على المواجهة والدفاع عن المناطق التي تسيطر عليها"، مشيراً إلى تخوف "أصدقاء سوريا" من حدوث عمليات "تسوية" و"مصالحة" للفصائل العسكرية على غرار ما حدث في القلمون "وهو ما قد يؤثر على مصير بقية الفصائل وإمكانية استمرار الدعم الدولي للجبهة الجنوبية".

وزارة الخارجية الأميركية، كانت قد أعلنت اعتزام الولايات المتحدة الرد بشكل حاسم في حال هاجمت قوات النظام منطقة "خفض التصعيد" في الجنوب، إلا أن خبراء ومحللين تحدثوا لـ"المدن" وقالوا إن الولايات المتحدة لا تريد التدخل عسكرياً في الجنوب السوري على غرار المناطق الكردية، إلا أنها ستدعم فصائل "الجبهة الجنوبية" لوجستياً لمواجهة تحركات النظام، إلى جانب ممارسة ضغط ديبلوماسي وسياسي على روسيا لوقف عمليات النظام سوريا كونها ضامناً لاتفاق جنوب غربي سوريا.

وترى مصادر "المدن" أن ما يجري في الجنوب في الوقت الحالي من عمليات "محدودة" لقوات النظام والمليشيات المساندة لها أقرب إلى أن تكون عمليات ضغط وسط الاجتماعات الدولية الجارية بين دول المنطقة للتوصل الى اتفاق حول مصير الجنوب، وأنه في حال عدم توصل الدول الأساسية لاتفاق سيكون المشهد مفتوحاً على كثير من السيناريوهات ربما يكون أقساها "عمليات عسكرية مفتوحة من خلال محاولات النظام فتح ثغرات في دفاعات المعارضة على العديد من المحاور والجبهات وفصل المنطقة لقطاعات محاصرة صغيرة يسهل السيطرة عليها".

ورجحت مصادر خاصة لـ"المدن" أن يقوم النظام بإعطاء ضمانات حقيقية لدول الجوار خاصة بإبعاد المليشيات الإيرانية عن الحدود الأردنية والجولان المحتل، وأن النظام قد يتوعد بسحب المليشيات الإيرانية وتحديد تواجدها في الجنوب بعد انتهاء عملياته العسكرية والسيطرة على المنطقة وتفعيل مليشيات محلية ولجان شعبية على غرار ما حصل في منطقة بيت جن. وهو ما قد يدفع دول "أصدقاء سوريا" للضغط على فصائل الجنوب للقبول بـ"المصالحة" و"التسوية".

وفي الوقت ذاته، ووسط هذه السيناريوهات المعقدة يقوم النظام والروس منذ أشهر، عبر وسطاء محليين، بالترويج لفكرة "المصالحة والضمانات الروسية" والتعهد لبعض الوجهاء والمجالس المحلية بالحفاظ على أمن المناطق التي ستدخل في "تسويات" مع النظام.

وقالت مصادر عسكرية في "الجبهة الجنوبية" إن "هؤلاء الوسطاء عرضوا على فصائل في الجبهة الجنوبية ضمانات ومقاعد في الدولة السورية، كما يقولون، والتحول إلى مليشيات رديفة ولجان شعبية تحكم القرى والبلدات التي تسيطر عليها في الوقت الراهن، بدعوى تجنيب السكان ويلات الحرب والمواجهة".

وشنّت "الجبهة الجنوبية" خلال الأسابيع الماضية حملات اعتقالات قالت إنها طالت عناصر وشخصيات تحاول الترويج لـ"المصالحات" و"التسوية" مع النظام، كما ألقت القبض على بعض المجموعات الصغيرة والقادة في المعارضة المسلحة ممن كانوا يحاولون التوجه لمناطق النظام.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024