هيئة الرقابة الإدارية: ذراع السيسي الضاربة في مصر

محمد عبدالمعطي المحمد

الثلاثاء 2017/03/28

تستمر رحلة صعود هيئة الرقابة الإدارية في الحياة السياسية المصرية، وتعزز موقعها مع موافقة مجلس النواب المصري على ترشيح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لتجديد ولاية محمد عرفان في منصب رئيس الهيئة لأربع سنوات جديدة تنتهي في أبريل/نيسان 2021.

وعقب شهرين من وصوله إلى الحكم في أغسطس/آب 2014، زار السيسي مقر هيئة الرقابة الإدارية، لحضور اجتماع اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الفساد، ليلقي كلمة تقليدية عن مكافحة الفساد ومعايير اختيار القيادات في مؤسسات الدولة، لتسجل هذه الزيارة بداية تنامي دور ونفوذ الهيئة بين مؤسسات الدولة المصرية.


وفي شهر مارس/آذار الحالي، وثقت "المدن" 20 "عملية" لقضايا الهيئة واشتباكها وتداخل أذرعها في مؤسسات الدولة الخدمية، بدءاً من ضبط مشرف في الهيئة القومية للصرف الصحي، وضبط مدير مشروعات في مشروع "تحيا مصر" الإسكاني، والعديد من القضايا في وزارات الثقافة والصحة والتخطيط،، وشركات تسويق المعادن، وشركات بترولية، وضبط محافظ حلوان الأسبق، ومفتشي آثار، وتشكيلات عصابية لسرقة البنوك.


أسباب عديدة تقف وراء صعود هيئة الرقابة الإدارية وتنامي دورها في مصر، منها محاولة السيسي صنع دوائر مؤسسية حاكمة خاضعة له، غير تلك التي صنعها سلفه الرئيس الأسبق حسني مبارك، واعتمد عليها طوال 30 سنة من مدة حكمه، وهو ما يتوازى مع تحجيم دور الجهاز المركزي للمحاسبات، وإقالة رئيسه هشام جنينة، وشن حملة إعلامية موسعة عليه، لحديثه عن وصول تكلفة الفساد في مؤسسات الدولة إلى 600 مليار جنيه، بالإضافة إلى حملات الإقالة المستمرة وإحالة العديد من وكلاء جهاز المخابرات العامة إلى المعاش.


وفجرت الرقابة الإدارية العديد من القضايا مؤخراً كانت لها تبعاتها في مصر، أبرزها إلقاء القبض على وزير الزراعة الأسبق صلاح هلال، وكذلك القبض على الامين العام المساعد لمجلس الدولة المستشار وائل شلبي، قبل وفاته في مقر احتجازه داخل الهيئة منتحراً، بحسب الرواية الرسمية، وهي الراوية التي ترفضها أسرته وتشكك فيها.


ويعمل مصطفى عبدالفتاح السيسي، الابن الأكبر للرئيس المصري، ضابطاً في الهيئة بعد تخرجه من الكلية الحربية، إذ تعد الهيئة "مخزناً" لضباط الجيش الذين يشكلون النسبة الأكبر من العاملين فيها، وكثيراً ما أسندت البيانات الرسمية وتقارير الهيئة دوراً لنجل السيسي في العديد من العمليات.


كما ظهر رئيس الهيئة الحالي اللواء محمد عرفان، في العديد من المناسبات والاحتفالات الرسمية إلى جوار السيسي، الذي يضع فيه ثقة كبيرة، حيث تزامل الاثنان في الكلية الحربية وتخرجا عام 1977 على الرغم من أن السيسي يكبر عرفان بعامين. وبينما استمر السيسي في السلك العسكري، التحق عرفان بالرقابة الإدارية عام 1986، ليستمر في الهيئة وصولاً إلى رئاستها، بعد اختيار السيسي له في أبريل/نيسان 2015، رئيساً.


الثقة الكاملة للسيسي بزميل دفعته عرفان، تظهر في اصطحابه له في العديد من المناسبات الرسمية، وإلقاء عرفان لكلمات رآها مراقبون تجاوزاً لدور الهيئة، بالإعلان عن تخصيص مليار جنيه لمشروعات الري والصرف الصحي في محافظتي البحيرة والاسكندرية، وأيضاً لتفقد عرفان ميناء سفاجا البحري، قبل يوم من افتتاحه رسمياً، وصولاً إلى مراجعة وتقييم عمليات التطوير، والحديث عن دور رئيسي للميناء في تنمية الصعيد، وكذلك الحديث عن تكليف السيسي للحكومة بتوفير السلع بأسعار ما قبل تعويم الجنيه وتحرير سعر صرف الدولار.


وآخر ما أسند إلى عرفان من قبل السيسي هو ملف انتقال عدد من التحالفات الدولية العاملة في النقل البحري، من ميناء شرق بورسعيد، إلى ميناء يوناني، احتجاجاً على قرار من وزير النقل المصري بمضاعفة الرسوم المالية المفروضة على الحاويات، وهو ما مثل ضربة قوية لمصر.


وعلى الرغم من الدور المنوط بالهيئة لمكافحة الفساد، إلا أن اتهامات الفساد طالت قياداتها عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني، إذ قُدّم العديد من البلاغات للنائب العام ضد رئيس الهيئة الأسبق اللواء هتلر طنطاوي، الذي اتهم بالاستيلاء على أراض. والرئيس الأسبق للهيئة اللواء محمد فريد التهامي، الذي أقاله الرئيس المعزول محمد مرسي عقب العديد من البلاغات، تقدم بها الضابط بالرقابة الإدارية معتصم فتحي للنائب العام، بتهم التستر على فساد الرئيس الأسبق حسني مبارك، وإخفاء الحقائق، وفرم المستندات.


الجدير بالذكر أن الرئيس الأسبق عدلي منصور أصدر أول قراراته بعد تعيينه من قبل السيسي رئيساً لمصر، في 4 يوليو/تموز 2013، بتعيين التهامي مديراً للمخابرات العامة، ويقول كثيرون إن تعيين التهامي في الواقع هو قرار السيسي وما فعله منصور كان التوقيع عليه فقط، إذ يعرف التهامي في الأوساط السياسية المصرية، بأنه أستاذ السيسي ومعلمه.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024