بينت طالب السيسي بكبح جماح حركة "حماس"

المدن - عرب وعالم

الثلاثاء 2021/09/14
وصفت صحف إسرائيلية اللقاء الذي جمع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت في شرم الشيخ الاثنين ب"الدافئ"، لكن هذا "الدفء" يخبيء خلفه مواقف متباينة، حيث أن بعض المواقف منسجمة، بينما هناك خلاف حول ملفات عديدة.

و"رغم ذلك توجد للقاهرة مصلحة خاصة بتحسين العلاقات مع إسرائيل لكي تتوسط الأخيرة بين مصر والولايات المتحدة".

وبحسب صحيفة "هآرتس" فقد طالب بينيت الرئيس المصري بأن تقوم مصر بكبح جماح حركة "حماس" ووقف تعاظم قوتها، وزيادة المراقبة وتشديدها في معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة لمنع "تهريب الأسلحة والأدوات القتالية لحركة حماس".

ونقلت الصحيفة عن مصدر سياسي إسرائيلي قوله إن "مصر ترى في العلاقة مع إسرائيل وحجة إعادة إعمار قطاع غزة مساراً وطريقاً إلى البيت الأبيض، لأنها بحاجة لهذه العلاقة لتخفيف ورفع الضغوط الموجهة ضد مصر في مسألة انتهاك حقوق الإنسان".

وأكدت "هآرتس" مطالبة بينيت للسيسي بتشديد المراقبة على معبر رفح "لمنع تهريب الأسلحة لصالح حماس". ونقلت عن مصدر سياسي قوله إن "تهريب السلاح إلى قطاع غزة يقلّص مفاعيل الإنجازات الإسرائيلية في العدوان الأخير على غزة في أيار/مايو، ويضر بقوة الردع الإسرائيلية".

من جانبها، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" إن السيسي استخدم كل مهاراته منذ كان ضابطاً في الاستخبارات لجمع كل معلومة ممكنة عن بينيت.

ووفقاً لمحللة الشؤون العربية في الصحيفة سمدار بيري فإن الرواية الإسرائيلية حول اللقاء تحدثت حول مطلب بينيت بأن "تعيد حركة حماس جثتي الجنديين الإسرائيليين والمواطنين الإسرائيليين، وأن إسرائيل تستعد لنقل مساعدات إلى قطاع غزة".

وتساءلت بيري "ماذا قالا عن إيران؟ وعن نقل الغاز الإسرائيلي من إسرائيل إلى لبنان، عن طريق مصر؟ ماذا يعتقدان حيال الوضع في سوريا؟ وحول مصادر مياه النيل التي تصب في سد أسوان وتقاسم مياه الشرب لمصر؟ وحول مشاكل الإرهاب؟ وحول باقي المواضيع المعقدة التي تشغل كل واحد من الزعيمين، أو كلاهما؟ لن نعلم".

وتابعت بيري أن مواقف مصر وإسرائيل حيال "الخطر الإيراني والوضع غير البسيط مقابل تركيا، ليست متباعدة". فقد كرر السيسي أمام بينيت الحديث عن الدور التركي في ليبيا.

وأفادت بأن السيسي طلب من بينيت استغلال علاقات إسرائيل الجيدة مع اثيوبيا "وإقناع أديس أبابا بعدم المس بضخ مياه النيل الأبيض والأزرق إلى مصر".

ولفتت بيري إلى أن اللقاء كان مليئاً بالرموز. فقد مارس بينيت ضغوطاً على مصر بهدف عقد اللقاء في العاصمة المصرية القاهرة، التي يعقد فيها السيسي لقاءاته مع زعماء الدول، والتقى فيها مؤخراً مع ملك الأردن والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وليس في منتجع شرم الشيخ غير الرسمي.

لقاء سلام دولي في مصر
وتابعت بيري أن السيسي ألمح لبينيت أنه يعتزم عقد "لقاء سلام دولي"، وقال إن "مصر ستجمع كافة الأطراف وتقود العملية، لكن ليس واضحاً متى سيحدث ذلك". ورأت أن هذه الأقوال كانت رسالة السيسي إلى الإدارة الأميركية.

وأضافت بيري أن لقاء السيسي وبينيت على انفراد بحضور مترجمين اثنين فقط، "لم يشعر السيسي بأنه آمن مع الشريك الإسرائيلي الجديد" من الناحية السياسية. والدليل هو أنه لو كان هذا لقاء عادي وليس اختباراً، لسمح بحضور وسائل إعلام. لكن مستشاري السيسي قرروا عدم المراهنة، وأن يتفق السيسي مع بينيت حول التصريحات للصحافيين في نهاية اللقاء، والباقي يبقى سرياً".

ووفقاً للمحلل السياسي في موقع "واللا" باراك رافيد فإن لقاء السيسي وبينيت دام ثلاث ساعات، "تحدثا خلالها حول التوتر في غزة، والعلاقات مع السلطة الفلسطينية، والملف الإيراني، والتعاون الأمني الإسرائيلي-المصري. وكما في لقائه الأول مع الرئيس الأميركي جو بايدن خصص بينيت قسماً كبيراً من الوقت للتعارف الشخصي مع السيسي".

وأشار رافيد إلى أن السيسي "صان علاقات شخصية جيدة مع بنيامين نتنياهو"، لكن الأخير لم ينجح في جعل السيسي يدعوه إلى لقاء معلن في القاهرة، "بسبب رفض نتنياهو طلباً مصرياً بأن ترافق زيارة كهذه مبادرات حسن نية إسرائيلية في المجال الفلسطيني".

وقال رافيد إن "الوضع معاكس في حالة بينيت. فالمصريون هم الذين بادروا إلى دعوته إلى زيارة علنية ولم يطلبوا مقابلاً في الموضوع الفلسطيني. حيث بذلت مصر جهوداً غير مسبوقة من أجل الإعلان عن زيارة بينيت. ونفذوا سلسلة طويلة من مبادرات إبداء حسن النوايا التي لم تظهر في العلاقات بين إسرائيل ومصر خلال السنوات الماضية. وبدا السلام البارد بين إسرائيل ومصر أدفئ أكثر من أي وقت مضى على مدار ساعات معدودة".

وتابع: "رغم أن إسرائيل طلبت الحفاظ على سرية اللقاء إلى حين عودة بينيت إلى إسرائيل، فقد أعلنت الرئاسة المصرية عن اللقاء فور إقلاع طائرة بينيت من تل أبيب متوجهة إلى شرم الشيخ. وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري ورئيس المخابرات عباس كامل، باستقبال بينيت في المطار ورافقاه إلى الجناح الرئاسي".

كذلك نشر المصريون صوراً ومقاطع فيديو من اللقاء إلى وسائل الإعلام المحلية. "وهذا ليس أمراً مفهوما تلقائياً في مصر التي توجد فيها حركة مدنية قوية ضد التطبيع مع إسرائيل".

ورأى رافيد أن "الدفء المصري وعلنية الزيارة ليسا مرتبطين ببينيت والسيسي. فالرئيس المصري بحاجة إلى إسرائيل أكثر من أي وقت مضى. ولذلك فإن علاقات جيدة مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة بالنسبة له هي أمر بالغ الأهمية من الناحيتين السياسية والأمنية. حيث يحتاج المصريون إلى مساعدة إسرائيلية للتوسط مع الجانب الأميركي في عدد من القضايا.

واعتبر أن "اللقاء بتوقيته الحالي يخدم مصالح السيسي. فمصر تريد ترسيخ مكانتها كوسيط في تحقيق تهدئة طويلة المدى بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024