درعا:حميميم تستعجل المصالحات..بعد فشل التفاوض مع الاميركيين

قتيبة الحاج علي

الأربعاء 2018/06/13
وسط حالة من الهدوء والترقب لما ستؤول إليه الأمور في جنوب سوريا، تواصل قوات النظام السوري الدفع بمزيد من التعزيزات العسكرية إلى مواقعها في منطقة "مثلث الموت" في ريف درعا الشمالي، بالإضافة لتعزيز تواجدها في محيط مدينتي البعث وخان أرنبة وبلدة حضر في ريف القنيطرة، مع استمرار عملياتها العسكرية في ريف السويداء الشرقي ضد تنظيم "الدولة الإسلامية".

وفي صورة مفاجأة، أعلنت شخصيات معارضة في درعا، تلقيها اتصالات من مركز المصالحة في قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية، حيث تمت دعوتهم للتفاوض على مصير المنطقة الجنوبية، وعقد اتفاقيات تسوية مماثلة لما عُقد في مناطق أخرى.

عضو "مجلس قيادة الثورة" في درعا، وأحد أبرز وجهاء المحافظة الشيخ فادي العاسمي، أعلن في تسجيل صوتي، اطلعت عليه "المدن"، عن تلقيه اتصالاً هاتفياً من المترجم الشخصي للجنرال الروسي "ألكسندر" المسؤول عن ملف المصالحات في قاعدة حميميم الروسية.

وفقاً للتسجيل، فقد أوضح المتحدث أنهم كانوا المسؤولين عن ملف المصالحات في حلب والغوطة الشرقية وجنوب دمشق وإدلب، وأخيراً في ريف حمص الشمالي، وطالب بالاجتماع مع وجهاء محافظة درعا بشكل "عاجل". وأضاف العاسمي، أن الجانب الروسي طلب الاجتماع قرب بلدة محجة. وأوضح "أجبته أن بلدة محجة محاصرة من قبل النظام وأن أي اجتماع مع الجانب الروسي في مناطق سيطرة قوات النظام مرفوض بالكامل، وعلى الجانب الروسي الضغط على النظام وإخراج جميع المعتقلين وإعادة الخدمات الأساسية والبنية التحتية إلى مناطق سيطرة المعارضة، ثم يكون القرار بالاجتماع بيد أهالي حوران جميعهم".

ونفى الشيخ العاسمي وجود أي حديث خارج هذا الإطار، منهياً بذلك الشائعات التي انتشرت خلال الأيام الماضية عن موافقة وجهاء من طرف "هيئة الإصلاح في حوران"، و"مجلس قيادة الثورة" على الاجتماع مع الجانب الروسي.

مصدر عسكري، طلب عدم الكشف عن اسمه، أوضح لـ"المدن"، أن الاتصالات الروسية بدأت تتكثف منذ نهاية الأسبوع الماضي، ملمحاً إلى وجود رابط بين الاتصالات الروسية مع شخصيات في درعا والأنباء عن فشل المفاوضات الأميركية-الروسية حول المنطقة الجنوبية.

وأكد المصدر أن المواقف المعلنة لمعظم فصائل المعارضة هي رفض خوض أي مفاوضات، لكنه أشار إلى أن "بعض الشخصيات وافقت على ذلك بالفعل، لاسيما في المنطقة الشمالية من درعا والقنيطرة".

يأتي ذلك في موازاة حملة اعتقالات تشنها الفصائل العسكرية في الجنوب السوري، بحق عدد من القيادات البارزة بتهم ترتبط بإجراء اتصالات مع الجانب الروسي، فبعد اعتقال فصائل عسكرية لعدد من قياديي "جبهة أنصار الإسلام" بالتهمة ذاتها، تم اعتقال قائد فرقة "فجر التوحيد" والمنسق العام لـ "الجبهة الوطنية لتحرير سوريا" براءة القبعاني، والمعروف بأبو محمد الأخطبوط، قبل أن يتم إطلاق سراحه والاحتفاظ به قيد التحقيق. كذلك، عزلت "ألوية سيف الشام" قائدها في محافظة درعا عاصم الصبيحي، وأحالته إلى التحقيق بالتهمة ذاتها.

المصدر أشار إلى أن التحضيرات العسكرية لقوات الأسد والتحرك الروسي لفتح قنوات اتصال مع الفصائل والشخصيات المدنية المعارضة في الجنوب السوري، هي "خطوة متزامنة ومتفق عليها، وتشير بكل تأكيد أن المعركة في حال وقوعها ستشهد مشاركة روسية". وأبدى المصدر تخوفه من أن يكون الجانب الروسي نجح في "استمالة بعض الفصائل، وتأجيل إعلان ذلك إلى وقت تكون المعارك محتدمة، بهدف إحداث خلخلة بين فصائل المعارضة".

وكانت روسيا نجحت مرات عديدة في التوصل إلى اتفاقات مع فصائل المعارضة في مناطق عديدة، كانت تجري المفاوضات خلالها مع وفود ولجان تحظى بدعم كافة أو غالبية الفصائل المعارضة في تلك المناطق، كما حصل مع اللجنة المدنية للمفاوضات في دوما، ولجنة المفاوضات في ريف حمص الشمالي، لكن المنطقة الجنوبية تشهد غياباً كاملاً للصوت "المتفق عليه"، وسط انتشار العشرات وربما المئات من الفصائل والجهات المدنية، وانحياز كل بلدة إلى "مجلس شورى" خاص بها، وهو ما يجعل الخروج بصوت واحد قادر على الحصول على تأييد كافة الفصائل والهيئات المدنية في الجنوب السوري، مهمة مستحيلة، على الأقل في المنظور القريب.

الحال التي تعيشها المنطقة الجنوبية، قد لا تُعتبر حجر عثرة أمام المساعي الروسية لفتح قنوات اتصال مع الهيئات المدنية والعسكرية على حد سواء، بل ربما تستغلها روسيا في عقد اتفاقيات محدودة، بين البلدات بشكل منفصل عن بعضها، وهو ما يضع فصائل المعارضة أمام تحدٍ عاجل في إنشاء كيان يتحمل مسؤولية القرار في المنطقة الجنوبية، عسكرياً ومدنياً.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024