هل تتضمن صفقة "القرن" إسقاط حكم "حماس" في غزة؟

أدهم مناصرة

الإثنين 2019/04/29

يبدو أن ما نشره موقع "مكور ريشون" الإخباري الإسرائيلي، الإثنين، حول وجود تقديرات إسرائيلية بأن صفقة "القرن" الأميركية تشمل إسقاط حكم حركة "حماس" في غزة، كان دافعاً "ضمنياً" لإعلان "حماس" عن نيتها إقامة هيئة وطنية لمواجهة الصفقة المزمع إعلانها في شهر يونيو/ حزيران القادم.

مؤشر آخر على ما يوحي لمخاوف "حماس" من الصفقة الأميركية، هو توجيه رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية قبل يومين نداء إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، من أجل اللقاء به وبقيادة حركة "فتح" لتذليل العقبات وصياغة استراتيجية وطنية لمواجهة المخطط الأمريكي "التصفوي" للقضية الفلسطينية.

مصدر مطلع قال لـ"المدن" إنه يعتقد بالفعل أن صفقة "القرن" تتضمن إنهاء حكم "حماس" في غزة وبسط السلطة سيطرتها على القطاع، كاشفاً عن أنه لمس خلال لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين إن لديهم "أُمنية قوية" لعودة عباس إلى غزة وألا تكون "حماس" في المشهد.

لكن هذا المصدر نقل عن المسؤولين الأميركيين قولهم "إن عناد عباس هو الذي يحول دون عودة السلطة إلى غزة". ولعلّ هذه النقطة- إن صحّت- ستكون الأمر الذي لا يعجب إسرائيل في صفقة "القرن"، فتل أبيب تريد "فتح" حاكمة للضفة، وأما "حماس" فتحكم غزة، للحيلولة دون حل قضية فلسطين عبر تقسيم الفلسطينيين وتشتيتهم إلى مجتمعات وكيانات متفرقة.

ويرى بعض المراقبين أن حركة "حماس" تستثمر المخاوف الفلسطينية من صفقة "القرن" للدفع بالمصالحة قدماً والخروج بصيغة اتفاق وطني، كخطوة تكتيكية من قبل الحركة. ويشير هؤلاء إلى أن "حماس" واثقة من أن المشروع السياسي الأميركي سيفشل على الأرض، لكنها تحاول أن تستفيد من هذا المشروع من ناحية رفع الحصار عن غزة، مع إدراكها أن خطة واشنطن السياسية ستفشل، لأن "حماس" أو السلطة الفلسطينية لن توقعا عليها.

بيدَ أنّ القيادي في "حماس" حماد الرقب يرى أن قضية "حكم حماس في غزة" ليست دافعاً لتجند "حماس" ضد الصفقة الأميركية، فقضية الحكم "أتفه شيء بالنسبة لحماس"، وفق تعبير الرقب. ويبين القيادي في "حماس" لـ"المدن"، أن مخاوف الحركة من الخطة الأميركية نابعة من كونها "تصفية للقضية الفلسطينية"، وليس من منطلق الخوف على الحُكم.

وتابع الرقب "لدينا رغبة جامحة للتخلي عن الحكم مقابل وجود إدارة حكم فلسطينية صادقة وجامعة للشمل الفلسطيني لكل من الضفة وغزة".

وحول ما إذا كانت "حماس" تمتلك معلومات عن صفقة القرن عبر الأطراف الدولية التي تلتقيها، أو الرسائل التي تصلها من الإدارة الأميركية، قال: "ليس بصورة رسمية وإنما من خلال علاقتنا الواسعة بمجموع الدول، فإنه يُسرب الينا بصورة كبيرة جدا عن الملامح العامة للصفقة الأميركية".

وكشف الرقب أن "حماس" كانت لديها معلومات مسبقة وقبل التنفيذ عن كل الخطوات التي أقدم عليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن القدس ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا"، وغيرها من الخطوات التي وصفها الرقب بانها تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية.

من جهة ثانية، قال الباحث الإسرائيلي في مركز بيغين- السادات للدراسات الاستراتيجية مدرخاي كيدار، في حديث إذاعي، إن كل ما يُنشر بشأن مضامين صفقة القرن، ليس سوى بالون اختبار لجس النبض. ويستبعد أن "أحداً سيتمكن من إنهاء حكم حماس في غزة"، موضحاً أنه لا يوجد أي جهة في العالم حتى إسرائيل نفسها، تريد اجتياح غزة.

ويقول كيدار "إن المسافة بين إرادة أميركا اعادة سيطرة السلطة على غزة وبين إزالة حكم حماس، هي شاسعة".

وفي السياق، قال القيادي في حركة "حماس" أحمد يوسف لـ"المدن"، إن تنصّل إسرائيل من تفاهمات التهدئة التي تم التوصل إليها برعاية مصرية، لن يكون دافعاً لـ"حماس" للذهاب إلى مواجهة عسكرية، مبيناً أن هذه المرحلة تقتضي "هدوء ما قبل العاصفة"، وذلك لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني من أجل مواجهة صفقة "القرن".

وأضاف يوسف أن "حماس" تريد الهدوء في غزة لأن لديها ما يشغل بالها لترتيب الوضع الداخلي ولم الشمل الفلسطيني لمواجهة الخطة الأميركية، ذلك أن موعد إعلان صفقة "القرن" قد اقترب، حيث ستتم عملية حشر السلطة في رام الله و"حماس" في غزة معاً والضغط عليهما، ضمن المخطط الأميركي.

وتابع يوسف "نحن نتحدث عن رؤية آنية وفترة زمنية قصيرة بخصوص تكريس الهدوء في غزة؛ لأن المرحلة تكتنفها أخطار. ما لم يكن هناك تصعيد اسرائيلي على غزة، فلا بأس من سكوت حماس على عدم تنفيذ إسرائيل لتفاهمات التهدئة الى حين وضوح الرؤية داخل الإطار الفلسطيني".

وجدد يوسف دعوته حركة "فتح" للجلوس مع "حماس" وإنهاء الخلافات. واعتبر أن الكرة في ملعب رئيس السلطة محمود عباس ورئيس حكومته محمد اشتية من أجل الإستجابة للدعوة. وأوضح أنه اذا كانت لدى عباس واشتية النية والرغبة بلقاء "حماس"، فتوجد إمكانية لذلك، خاصة وأن الطرف المصري موجود ويتابع بإستمرار على هذا الصعيد.

من جهة أخرى، ذكرت قناة "كان" الإسرائيلية أن السلطة الفلسطينية أعادت مبالغ مالية الى اسرائيل بعد أن قامت الأخيرة بتحويلها سراً الى السلطة. وقالت إن "إسرائيل قررت وبشكل سري وقبل فترة قصيرة من الانتخابات، نقل مئات الملايين من الشواكل للسلطة الفلسطينية، إعتقاداً منها بأنه إذا كان الأمر بعيداً عن الأضواء والإعلام، فمن المحتمل أن تقبل بها السلطة".

وأضافت: "عليه قامت بتحويل 660 مليون شيقل شهرياً، وبرغم الضائقة المالية والإقتصادية في الضفة، إلا أن السلطة الفلسطينية رفضت الأموال رغم وصولها فعلياً للبنوك الفلسطينية".

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024