ما مصير مخيم الركبان بعد الانسحاب الأميركي؟

عمار حمو

الجمعة 2018/12/21
يواجه نحو 60 ألف مدني في مخيم الركبان على الحدود الأردنية – السورية، مصيراً مجهولاً بعد إعلان الولايات المتحدة الأميركية سحب قواتها من سوريا، بما فيها قاعدة التنف في منطقة الـ55، والتي تعدّ نقطة حماية للنازحين السوريين في الركبان.


ووقع سكان المخيم بين الرغبات المختلفة للأردن وروسيا، اللتين اتفقتا خلال الشهور الماضية على ضرورة حلّ مخيم الركبان من جهة، و بين أميركا التي أعلنت مؤخراً سحب قواتها من سوريا.


مصدر عسكري قال لـ"المدن"، إن "انسحاب القوات الأميركية من التنف هو نتاج مباحثات أميركية روسية أردنية، وهو في إطار المباحثات الدولية بخصوص إنهاء ملف مخيم الركبان". وأضاف "التصريحات الروسية – الأردنية السابقة حول ضرورة حلّ مخيم الركبان، وعودة قاطنيه إلى مناطق النظام، لا يمكن تطبيقه على أرض الواقع بمعزل عن أميركا، وقد يعجّل القرار الأمريكي بعملية حلّ المخيم".


وذكرت مصادر عسكرية من فصائل الجيش الحر العاملة في منطقة الـ 55، بأن قوات التحالف أبلغت الفصائل بقرار الانسحاب رسمياً. وأكد المتحدث باسم الشؤون المدنية والإعلامية في "جيش مغاوير الثورة" لـ"المدن"، أن قرار انسحاب القوات الأميركية صدر رسمياً، وقال "ننتظر التفصيلات كاملة، والمدة الزمنية، وطريقة تطبيق القرار".


ورغم أن التصريحات الأميركية تركزت على سحب قواتها من شمال شرق سوريا، التي كانت تدعم "قوات سوريا الديموقراطية"، بعد سلسلة من التهديدات التركية للأكراد على الحدود التركية، ومباحثاتها السياسية مع أميركا بصفتها داعماً رئيسياً ل"قسد"، ولكن الجنوب السوري لم يكن بمنأى عن القرار الأميركي.


في هذا السياق، قال سعيد سيف، المتحدث باسم قوات الشهيد أحمد العبدو لـ"المدن": "تواصلنا مع التحالف الدولي كوننا أحد الفصائل العاملة في منطقة الـ 55، وكونهم داعماً رئيسياً في المنطقة منذ سنوات عديدة من أجل فتح ممرات آمنة للمدنيين وفصائل الجيش الحر باتجاه الشمال".


وأضاف سيف "أميركا واحدة من خمس دول تشكّل التحالف، إلى جانب فرنسا وبريطانيا ودولتين عربيتين داعمتين، ولكن القرار بيد الأميركان، وأقل واجباتهم الضغط على الروس لفتح ممرات آمنة وتأمين المدنيين".


وسارع المكتب الأمني لقوات "الشهيد أحمد العبدو" بإصدار بيان، عقب الإعلان الأميركي، محذراً من الظروف الصعبة والاضطرابات السياسية في المنطقة، وأعلن اتخاذ تدابير أمنية في المنطقة، وطالب سكان المخيم بالإبلاغ عن أي شخص غريب يدخل المخيم أو تحرّك مشبوه لأشخاص في المنطقة.


في هذا السياق، قال سيف، إن "التحالف في التنف هو نقطة الحماية لمنطقة الـ 55 بما فيها مخيم الركبان والحديث عن انسحاب القوات الأمريكية، في ظل وجود مجموعات لتنظيم داعش في السويداء قد يهدد أمن المنطقة ويتسبب بخرق أمني".


ويبدو أن تأمين ممرات آمنة لأهالي مخيم الركبان من دون تنسيق تركي لا ينهي ملفهم، لاسيما أنه لا يمكن وصول فصائل الجيش الحر والمدنيين إلى مناطق درع الفرات في ريف حلب الشمالي من دون موافقة رسمية تركية. مصدر محلي قال لـ"المدن"، إن "سكان المخيم هم الحلقة الأضعف بين مجموعة قوى دولية وإقليمية، الأردن وروسيا اتفقتا على حلّ المخيم، وأميركا أعلنت سحب قواتها، وتركيا لم توافق في وقت سابق على وصول دفعة من أهالي المخيم إلى جرابلس بريف حلب الشمالي".


وكان "لواء القريتين"، العامل في منطقة الـ 55، قد وقّع اتفاقاً مع نظام الأسد يقضي بخروج عناصر الفصيل مع خمسة آلاف مدني من الركبان إلى ريف حلب الشمالي، ولكن تم تعطيل الاتفاق لعدم وجود موافقة تركية بوصول هؤلاء إلى الشمال.


القرار الأميركي زاد من مخاوف أهالي مخيم الركبان من الوقوع تحت نيران نظام الأسد ومليشياته، أو إجبارهم على العودة إلى مدنهم في ريف حمص الشرقي، وما قد يؤدي إلى عمليات انتقامية  بحقهم.


مصدر من سكان المخيز قال لـ"المدن"، إن فصائل الجيش الحر المدعومة من أميركا تشكل "خط دفاع عن أهالي المخيم"، لكن إعلان واشنطن سحب قواتها من سوريا "يعني إنهاء تواجد الجيش الحر في المنطقة، ومن ناحية فإن العودة إلى مدننا في مهين والقريتين وتدمر بريف حمص الشرقي، تعني إجبارنا على العودة إلى الجلاد"، مشيراً أن "الكثير من سكان المخيم هم منشقون أو مطلوبون للنظام".


ويشهد مخيم الركبان عمليات تسوية فردية يجريها وجهاء المنطقة ورجال مصالحات مع النظام السوري، حيث تدفع الظروف الإنسانية الصعبة، والحصار المفروض على المخيم من قبل النظام، في ظلّ شح المساعدات الإنسانية والطبية الأهالي غير الملاحقين، إلى العودة هرباً من جحيم المخيم.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024