بشارة:لبنان يترك للفوضى..واسرائيل لن تحارب خدمة للسعودية

المدن - عرب وعالم

الإثنين 2017/11/13
ضمن حلقة حواريّة في برنامج "تقدير موقف" على شاشة "التلفزيون العربي"، قال المفكّر العربي الدكتور عزمي بشارة، مساء الأحد، إن ما يجري في السعودية هو "تحول كبير" إلى "ملكية مطلقة"، اتضحت ملامحه منذ عُيّن محمد بن سلمان، وليّاً للعهد. واعتبر بشارة أن ثمّة مشكلة بنيوية تتجلّى الآن في نظام توريث الحكم: "الآن وصلنا إلى جيل مثل جيل عبدالعزيز الذي وصل إلى الحكم سابقاً، الآن لم يعد هؤلاء أولياء لآل سعود بل لآل سلمان".

وأضاف بشارة: "هناك تحديث في الاقتصاد السعودي، والهدف الأول هو الاستفراد في الحكم.. هناك ملك واحد، وليست هناك مشاركات ولا إقطاعيات سياسية كما كان في السابق، حين كان يتم استرضاء الأمراء الطامحين إلى الحكم بمنحهم مناصب وإقطاعيات ليقوموا بنهبها.. هذه كانت بنية المملكة".

وشكّك بشارة بـ"مكافحة الفساد"، قائلًا: "فلاديمير بوتين جاء إلى السلطة لمحاربة الفساد، وبشار الأسد جاء إلى السلطة لمحاربة الفساد، فجاء بفاسديه بدل الفاسدين القدامى؛ جمال مبارك كان يدّعي أنه سيصل إلى الحكم لمكافحة الفساد، وكذلك سيف الإسلام القذافي.. الشرعية التي يحتاجها شاب حين يصل إلى الحكم إما شرعية ديمقراطية، أو أنها تتمثل بشعار مكافحة الفساد".


وحول التنسيق مع إسرائيل، قال بشارة: "واضح أن هناك اتجاهاً حقيقياً للتطبيع مع إسرائيل بدأته الإمارات، لدرجة أن الإنسان يعتقد أنهم حلفاء والعرب أعداء، هم ينظرون الآن إلى الفلسطينيين كأنهم عقبة، لديهم خوف من كل الشباب العربي، وإمكانية مستقبل أفضل في الوطن العربي، إسرائيل أيضاً تخشى ذلك، وأسوأ سنواتها كانت 2011، ومن يشاركها كان الإمارات". وأضاف: "إسرائيل لا تخرج إلى حروب في خدمة السعودية، بل على العكس هي تتمنى أن تقوم السعودية بذلك".

وحول الصاروخ الذي أطلقته جماعة "أنصار الله" مؤخّراً على الرياض، رجّح بشارة أن "الحوثيين لا سلطة كاملة لإيران عليهم.. هم ليسوا كحزب الله، ولكن يُدفعون أكثر فأكثر إلى حضن إيران.. إيران لا تريد التورط في حرب مع دول خليجية، تريد أن تبقى السعودية متورطة في اليمن ومستنزفة في اليمن، لأنها اعتقدت أنها قد تحسم الموضوع بسلاح الطيران، لكن ما حصل هو أنها تحولت إلى ارتكاب جرائم حقيقية، ودمرت اليمن، وتورطت وشوّهت صورتها العالمية، في ما عدا صورتها بسبب سياستها الداخلية، وأيضاً لم تستطع أن تغلق الملف وتخرج خاسرة، فالحوثيون الآن هم من يقصفون المدن السعودية، والسعودية لا تستطيع أن تخرج الآن دون إغلاق هذا الملف".

وعن استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، اعتبر بشارة أن الرسالة هي أنه "لا تسويات مع التمدد الإيراني"، لكنه أوضح أنّ الغائب في الرؤية السعودية هو تقديم البديل، معتبراً أن لبنان الآن "يترك إلى الفوضى"، وأن مقاطعة لبنان اقتصادياً تدمر الجميع.

وأضاف: "إسرائيل لا تخرج إلى حروب في خدمة السعودية، بل على العكس هي تتمنى أن تقوم السعودية بذلك، والسعودية لا تستطيع أن تقوم بعمل عسكري في لبنان.. إسرائيل وضعت بشكل واضح الخطوط الحمر لعمل عسكري في لبنان نقلاً عن التصريحات الرسمية والأبحاث الإسرائيلية".

بشارة أوضح أن صراع المحاور برمّته، وإقحام المنطقة في معسكرات، يبعد المنطقة عن قضاياها المحوريّة المرتبطة أساساً بقضية فلسطين. وتحدّث بشارة عن المصالحة الفلسطينية، معتبراً أنّها "مصالحة مرحّب بها" رغم أنّها تأخرت كثيراً. ورأى أنّ المصالحة هذه المرّة تبدو أكثر جدّية بسبب توفّر الإرادة: "لأن الأطراف كلّها مأزومة". فتحولت سلطة "حركة حماس" إلى إشكالية كبيرة في ظل إعالة قطاع غزة في ظلّ الحصار. والسلطة الفلسطينية تواجه أزمة انسداد آفاق المفاوضات. وللنظام المصري في ورطة أمنية حقيقية في سيناء، ولا يستطيع أن يتدخل في قطاع غزة، لأن "حماس" أثبتت أنّها "قويّة عسكرية قادرة على محاربة أكثر من عدوان إسرائيلي شرس ضد القطاع".

وحول حصار قطر، قال بشارة إن سلوك الدول المحاصرة لا يدل على تقليل في التصعيد، وإن الخطاب السياسي غير مسبوق في حدته ومفرداته، وأضاف: "هناك إعلان واضح عن استراتيجية حصار، اتضح أنه حصار اقتصادي طويل المدى ومحاولات للتضييق على قطر في المحافل الدولية، واستغلال ملفات دولية حساسة، كالاتهمات والافتراءات في ما يتعلق بملف الإرهاب". وقال: "لا أحد يصدق أن الموضوع موضوع إرهاب. من حارب الإرهاب في تاريخ السعودية أكثر من محمد بن نايف؟ والآن هو معتقل".

لكن، "ما حصل هو العكس، تحسُّن في وضع قطر"، معتبراً أن إحدى نتائج الأزمة هي "بلورة هوية وطنية قطرية في خضم الصراع مع السعودية، كأنه استقلال جديد لقطر". وأضاف: "أستطيع أن ألخص ما يجري بكلمتين؛ هي حرب قذرة، تستخدم فيها كل الوسائل، وهناك مؤامرات حقيقية لسلب قدرة قطر على استضافة كأس العالم، والضغط على الدول من أجل عدم استيراد الغاز، وحصل ذلك مع بنغلادش ولم ينجح"، وأشار إلى إفشال حملة المرشح القطري لرئاسة "يونسكو" حمد الكواري، موضحاً أن "له مواقف عروبية عامة، ولم تكن له مواقف مسبقة متطرفة تجاه هذا الطرف أو ذاك".

وتحدث بشارة عن المخاوف من حرب ضد قطر، مؤكداً أنها لن تتم بدون إذن أميركي مستبعداً أن تسمح المؤسسة الأميركية بذلك، وأن المسؤولين في قطر متأهبون لأي خيار، وأن الحرب الإعلامية الاقتصادية هي التي يتم استخدامها الآن ضد قطر الحريصة على التوصل إلى تسوية متبادلة للازمة عن طريق الحوار، وبما يحفظ سيادتها الوطنية لكن الطرف الآخر يريد كسب الوقت ويختلق اموراً غير صحيحة لاستمرار الازمة ومنها أكذوبة دعم قطر لـ"الأخوان المسلمين".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024