حماة: الجيش الحر يتجنب الوقوع في فخ محردة المسيحية

منهل باريش

الخميس 2017/03/23
أكد الناطق العسكري في "جيش العزة" النقيب مصطفى معراتي، لـ"المدن"، أن سبب تحييد مدينة محردة، ذات الغالبية السكانية المسيحية، جاء لنزع حجة "المسألة الطائفية واللعب على موضوعة حماية الأقليات التي يحاول النظام التركيز عليها".

ونشر المكتب الإعلامي في "جيش العزة"، مساء الأربعاء، مقطعاً مصوراً، خاطب فيه أهالي محردة، والمجتمع الدولي، ليُعلم الجميع بأن "مدينة محردة ليست هدفاً لجيش العزة". واتهم النقيب معراتي، النظام وروسيا بـ"المتاجرة بقضية حماية الأقليات واللعب على وتر الطائفية". ونفى أن تكون السيطرة على مزرعة شليوط المقابلة لمحردة ويفصل بينهما نهر العاصي، وشيزر غربي محردة، هي بهدف التقدم نحو المدينة. وأشار معراتي الى أن الهدف من معركة "في سبيل الله نمضي" هو السيطرة على مدينة حماة ومطارها العسكري. وعن التدخل الجوي الروسي المحتمل، قال: "دماء الشهداء، وأهلنا في المخيمات، يستحقون منا كل التضحيات، وبذل الغالي والنفيس للصمود في وجه الطيران الروسي أو غيابه".

معراتي وصف التقدم على مختلف محاور ريف حماة الشمالي، الذي بدأته المعارضة الثلاثاء، بـ"الخطوات المحسوبة بدقة. والإمكانيات البشرية والعسكرية تحتمل أكثر من ذلك".


خريطة ريف حماة الشمالي 23 اذار 2017 (LM)

القيادي في "جيش النصر" الملازم أول إياد الحمصي، قال لـ"المدن"، إن الهجوم على بلدة قمحانة، التي "تعتبر الخزان البشري للشبيحة"، بدأ صباح الخميس. ووصف الحمصي قمحانة بأنها "الجدار الأهم لجبل زين العابدين شرقاً ومدينة حماة جنوباً".

ويشارك "جيش النصر" و"جيش إدلب الحر"، في معارك ريف حماة بشكل مستقل، وينسقان مع قطاعي الهجوم؛ الشرقي في صوران ومعردس الذي تقوده غرفة عمليات "وقل اعملوا"، والمحور الأوسط الممتد من غربي قمحانة إلى أرزة والذي يعتبر الأقرب إلى مدينة حماة ومطارها العسكري، في حين يقاتل "جيش العزة" و"أبناء الشام" في محور غربي انطلاقاً من حلفايا، ضمن غرفة عمليات "في سبيل الله نمضي"، وتمكن خلال اليومين الماضيين من السيطرة على المجدل وخربة سوبين والشير ومعرزاف.

وتستعد حركة "أحرار الشام الإسلامية" و"فيلق الشام" و"جيش النصر" إلى دخول معركة حماة، من قطاع الغاب الشمالي، الذي يُعرف بـ"الطار الغربي"، الممتد من قلعة المضيق إلى كرناز المحاذية لبلدة السقيلبية، وهي مناطق سيطرة "جيش النصر".

الانهيارات السريعة في خطوط النظام، مردها أساساً إلى اعتماده على مليشيا "الدفاع الوطني" قليلة الخبرة، والتي كانت قد انهارت في معركة مماثلة العام الماضي، مع تقدم "جند الأقصى" و"جيش العزة" في صوران ومعردس. لكن الاقتتال الداخلي بين "أحرار الشام" و"جند الأقصى"، وانسحاب الجند من الجبهات الشرقية في معان وكوكب، أدى إلى استعادة النظام لكامل المنطقة بعدما استقدم تعزيزات كبيرة من جبهات حلب وحمص.

ويعتبر توحد عدد كبير من الفصائل في "هيئة تحرير الشام" السبب الرئيس للعملية الحالية، إذ سمح ذلك التوحد بإمكانية تحريك آلاف المقاتلين وعشرات الدبابات والمدفعية الثقيلة، تحت قيادة عسكرية واحدة، بعدما ساد التخبط السابق في غرف العمليات السابقة، وغياب قواعد صارمة لضبط الجبهات والقوات، عسكرياً وتنظيمياً. وهو ما ظهر واضحاً في سرعة السيطرة على صوران ومعردس، والسيطرة على تل بزام الاستراتيجي الذي يشرف على كوكب ومعان والكبارية، والسيطرة على التل تعني سقوط البلدات الثلاث تلقائياً.

ولا شك ان الاستعجال في المعركة سببه الأول التخفيف عن ثوار غوطة دمشق الذين يحاولون وصل منطقة القابون بجوبر، منعاً لاطباق الحصار عن الغوطة الشرقية.

تكتيكياً، ربما يتوجب على فصائل المعارضة تجنب "الفخ" الذي يرسمه لها النظام، من خلال انسحابه المفاجىء من بلدة شيزر، المحاذية لمحردة. فعيون المجتمع الدولي مفتوحة، تراقب ما يحدث. ولعل التحذير الروسي منذ يومين، باعتبارها خطاً أحمر، هو بداية الاستثمار السياسي ضد المعارضة. ويبدو من الأفضل لفصائل المعارضة التركيز على قمحانة، وتوسيع جبهة السيطرة جنوباً باتجاه كفرطون وتيزين، وصولاً إلى مطار حماة العسكري.

كما أن اقتحام مدينة حماة، إن لم يكن محسوباً، قد يكون من الأخطاء الاستراتيجية التي ستعاود المعارضة اقترافها، باعتبار تضم عدداً من السكان والنازحين يضاهي تقريباً العدد في مدينة حلب. وهو ما ستتحمل عبئه المعارضة، التي لم تنجح في تحمل أعباء مدينة إدلب، التي تعتبر أصغر إلى حدّ كبير.

التركيز على تقطيع أوصال قوات النظام والتقدم باتجاه الأهداف العسكرية الكبرى، والعمل على فتح طريق إلى ريف حمص الشمالي، وكسر الحصار عنه، قد تكون الأهداف الأكثر أهمية للمعارضة، التي لم تشفَ بعد من جرح حلب.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024