"حماس"-دحلان: تنسيق أكبر..من دون تحالف

أدهم مناصرة

الخميس 2019/01/03

"كلهم جواسيس".. عبارة استخدمها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خلال مهاجمته بعصبية شديدة، قبل يومين، حركة "حماس" ومعها ما يعرف ب"التيار الإصلاحي" في "فتح" التابع للقيادي المفصول محمد دحلان، لتدل على أن العلاقة مع "حماس" قد انتقلت من مرحلة الإنقسام إلى أخرى جديدة عنوانها "الطلاق بالثلاثة"، كما يؤكد مصدر سياسي مطلع لـ"المدن".

وقال المصدر، إن عصبية عباس جاءت أثناء مشاركته بإيقاد شعلة إنطلاقة حركة "فتح" الرابعة والخمسين في رام الله، بعد تلقيه تقارير تحدثت عن منع الأمن التابع لـ"حماس" لكوادر وقيادات من "فتح" من إيقاد شعلة إنطلاقة الحركة في مدينة غزة واعتراض طريقهم، في مقابل السماح لحافلات فتحاويين محسوبين على تيار دحلان  بالمرور لايقاد الشعلة وذلك بعد تمييز حافلاتهم بصور الراحلين ياسر عرفات وابو علي شاهين. فما كان من عباس إلا أن اغتنم فرصة ايقاد الشعلة بأن شن هجوماً لاذعاً على ما شعر انه بلورة لتحالف بين "حماس" ودحلان لمواجهته.

لعل هذا الإتهام من عباس وما سبقه من حل للمجلس التشريعي، أكدا أن حبل الوصال بين "حماس" والسلطة في رام الله قد قُطع تماماً، وفق ما يؤكده قيادي في "حماس" لـ"المدن". لكن القيادي الذي فضل عدم ذكر اسمه، لم يُعطِ اجابة حاسمة حول طبيعة التطور الحاصل في العلاقة مع دحلان وتياره في غزة الآن، وما إذا كانت "حماس" عادت لتطرق أبواب القيادي المفصول من "فتح" من جديد بعد انهيار جهود المصالحة التي ترعاها مصر وانتقال الحالة إلى نقطة اللاعودة.

ويوضح المصدر، أن علاقة حركته مع تيار دحلان لا جديد عليها، فهي ايجابية منذ أن تولى يحيى السنوار قيادة الحركة في قطاع غزة، على قاعدة مفادها "ان علاقات حماس الداخلية مع تيار دحلان" مرتبطة أيضا مع الخارج وتحديدا مع مصر.

لكن هذا القيادي يعود ويقول إن حضور دحلان بالمشهد ليس كما كان متوقعاً من "حماس"، فقد بدا وكأنه لا يستطيع أن يجلب المال الكافي الكفيل بحل أزمات غزة، ولا يؤثر على دول اقليمية لتحسين العلاقة مع الحركة. وحتى أن القاهرة لعبت دوراً بالمصالحة منفردة على مدار السنة الأخيرة، ولم تستطع أن تفرض محمد دحلان في المشهد السياسي الفلسطيني، طيلة هذه المدة.

بيد أن المصدر يعتقد أن حاجة تيار دحلان لـ"حماس" أكبر من حاجة الحركة له، إلا أنه يقر في الوقت ذاته بأن كليهما له حاجة للعلاقة مع الآخر بالمحصلة. فتيار دحلان له مصلحة بتطوير علاقته مع "حماس" من منطلق أنها قوة ولها معادلتها الداخلية والإقلمية، وهو الأمر الذي يفيد التيار من ناحية منح حرية ومجال أكبر لنشاط كوادره في غزة لمواجهة عباس، أو من ناحية نشاطه في بعض الساحات الخارجية مثل لبنان.

ويصف القيادي في "حماس" العلاقة مع تيار دحلان بـ"المصلحية"، حتى أن الأخير عبّر في الفترة الأخيرة عن تفهمه للإجراءات والردود التي صدرت عن "حماس" ضد كوادر وقيادات "فتح" في القطاع الموالين للسلطة في رام الله.

وبخصوص ما يحمله الغد في ما يتعلق بمستوى علاقة "حماس" بتيار دحلان، يقول القيادي إن العلاقة ستستمر وفق الوتيرة الحالية، لكنها مع ذلك ستشهد في الأيام المقبلة مزيداً من تنسيق المواقف المشتركة وبدرجة عالية من التوافق، للرد على اجراءات السلطة وخاصة حل المجلس التشريعي. كما أن "حماس" تسعى في هذه الأثناء لإستثمار العلاقة "الجيدة" مع كتلة دحلان النيابية، وقوى أخرى لتعزيز حالة الرفض لخطوات السلطة برئاسة محمود عباس.

وبالنسبة لحجم تيار دحلان في غزة، يقول القيادي من "حماس"، إنه في حال ذهبت القبضة المالية للسلطة، فإن تيار دحلان ستكون قوته أكبر وبشكل لافت، هذا إن أخذنا بعين الإعتبار وجود أصوات فتحاوية تتأثر بالإعتبارات الجغرافية والمناطقية، فتعتقد أن محمود عباس لا يحب غزة وقد تسبب لها بالضرر الكبير، على حد قول المصدر.

ويتابع القيادي "ما يربط الكثير من عناصر فتح في غزة بالسلطة في رام الله هي المصلحة من أجل أن يحافظوا على استمرار رواتبهم ومواقعهم التنظيمية. وبمجرد وقف وزوال هذه الرواتب، فإنهم سيتحولون إلى تيار محمد دحلان مباشرة".

ولهذا، ينوي رئيس السلطة محمود عباس عدم المساس برواتب موظفي السلطة في قطاع غزة، بل والنظر في تصويب أوضاع آخرين المالية، وذلك في إطار محاولاته لعدم التسبب بنمو تيار دحلان عبر اتخاذ أي خطوات عصبية.

من جانبه، أكد مصدر سياسي مطلع من السلطة الفلسطينية لـ"المدن"، أن رئيس السلطة يعتقد أن مصر تآمرت عليه مع "حماس" ودحلان من أجل ليّ ذراعه، ما دفعه للغضب من القاهرة، ذلك أن تيار دحلان لا ينشط في غزة دون تسهيلات مصرية.

وبالتالي، يذهب رئيس السلطة محمود عباس غاضباً إلى القاهرة مطلع الأسبوع المقبل، للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي بغية نقاش تطورات المصالحة وحل التشريعي، وكذلك الجهود الأميركية لإعلان "صفقة القرن" خلال الربع الأول من العام الحالي.

ويضيف مصدر "المدن"، أن القرار لدى السلطة هو قطع كل اشكال العلاقة مع "حماس" والتعامل معها كما لو أنها غير موجودة. ويكشف عن ثلاثة خيارات مطروحة على طاولة عباس، أولها: انتخابات لمجلس تأسيسي لدولة فلسطين كبديل للبرلمان، وثانيها: انتخابات للمجلس التشريعي في الضفة فقط والقول إن حماس تتحمل مسؤولية عدم إجرائها في غزة. وأما الخيار الثالث فهو إبقاء الوضع على ما هو عليه، مع تجاهل وجود "حماس" وعدم اتخاذ قرارات جديدة ضد غزة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024