إسرائيل تهمسُ حول صواريخ حزب الله..وتريد "مساعدة" لبنان!

المدن - عرب وعالم

الأربعاء 2020/08/05
تعكسُ مسارعة إسرائيل على لسان وزير خارجيتها غابي أشكنازي إلى نفي مسؤوليتها عن انفجار بيروت الكارثي واقتناعه بالسبب الذي أوردته السلطات اللبنانية، خشية الدولة العبرية من توجيه أصابع الإتهام إليها منذ الوهلة الأولى، خاصةً أن الانفجار جاء بعد ساعات قليلة من تهديد "صارم" وجهه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى "حزب الله".

اللافت أن إسرائيل تابعت انفجار بيروت وحيثياته باهتمام بالغ ولحظة بلحظة على المستوى الأمني والسياسي وحتى الإعلامي، لدرجة أنه كان الموضوع الأبرز بعد تنحية كل المواضيع الداخلية الملحة في إسرائيل جانباً.. فظروف الإنفجار وتوقيته ومكانه وحجم الضرر البشري والمادي يستدعي ذلك.

واستغلّت دولة الاحتلال الفرصة كي تُسجل لها موقفاً "إنسانياً" ولو بطريقة انتهازية، حيث أعلن الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي أن اسرائيل عرضت عبر "اليونيفيل" وفرنسا وجهات اقليمية ودولية أن تقدم أجهزة طبية إلى لبنان وأمور اخرى، مع إمكانية علاج المصابين اللبنانيين في المستشفيات الإسرائيلية.

وقال أدرعي: "بتوجيهات من معالي وزيريْ الدفاع والخارجية توجهت إسرائيل الى لبنان عبر جهات أمنية وسياسية دولية وعرضت مساعدة إنسانية وطبية. تتمتع إسرائيل بخبرة كبيرة في هذه المجالات وقد أثبتت ذلك خلال بعثات إغاثة إنسانية عديدة في أنحاء العالم في السنوات الأخيرة. إنّه الوقت لوضع جميع الصراعات جانباً".. وقد ذيّل تغريدته بعلمي لبنان وإسرائيل جنباً إلى جنب!

وكلّف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات، بمخاطبة مبعوث الأمم المتحدة نيكولاي ملادينوف لمعرفة ما الذي يمكن لإسرائيل فعله لمساعدة لبنان.

من جهته، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس أن إسرائيل عرضت إرسال مساعدات إنسانية وأدوية إلى لبنان بعد الانفجار. وجاء في بيان بهذا الصدد الثلاثاء، أن "إسرائيل توجهت إلى لبنان عبر القنوات الأمنية والدبلوماسية الدولية، وعرضت على الحكومة اللبنانية مساعدات إنسانية وطبية".

في المقابل، جددت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية المحسوبة على اليمين في تقاريرها بث رواية إسرائيل التي تتهم "حزب الله" بأن الحزب يحوّل ميناء بيروت ومطارها الى مراكز لجمع وتخزين الأسلحة ولا سيما الرؤوس المتفجرة الخاصة بالصواريخ "الدقيقة"، وفق ادعائها.

وذهبت صحيفة "إسرائيل اليوم" إلى أبعد من ذلك حينما قالت إن منطقة الإنفجار في بيروت تُعدّ أحد مواقع تخزين "الصواريخ الدقيقة" وفق الخريطة التي عرضها رئيس نتنياهو في الأمم المتحدة سابقاً في سياق محاولته إضفاء شرعية على المزاعم الاستخباراتية الإسرائيلية بشأنها. 

ووجدت الصحيفة ضالتها كي تقول إن الانفجار قد يمهد الطريق لنزع سلاح "حزب الله"، مع حرص الصحيفة على عدم التلميح  إلى أن الإنفجار بفعل فاعل، وإنما قد يكون عرضياً ولكن بسبب خطأ "حزب الله" و"لعبه بأرواح الناس من خلال تخزين أسلحة وذخيرة بين المناطق السكنية ووسط المدنيين لإخفائها".

وبينما شددت إسرائيل على دعايتها بعدم الضلوع بانفجار مرفأ بيروت لا من قريب ولا من بعيد، رصدت "المدن" تحليلات لبعض الباحثين السياسيين الإسرائيليين وخاصة مردخاي كيدار الذي خرج على شاشات التلفزة الإسرائيلية كي يجري مقارنة بين مستودع مرفأ بيروت ومستودعات مطار دمشق الدولي التي تم قصفت بصواريخ منسوبة لإسرائيل.. ويزعم كيدار أن الإنفجارات الثنائية التي تلت الإنفجار الأول دليل على وجود ذخيرة وليس مجرد مفرقعات.

وأكثر الأسئلة التي تشغل بال إسرائيل وأروقتها الإستراتيجية الآن هي: ماذا بعد هذا الإنفجار؟.. كيف سيؤثر على سلوك حزب الله الذي اعتبرت أنه في وضع أكثر حرجاً أمام الضغط الداخلي ولا سيما من الطائفة الشيعية؟

وبرزت الليلة محاولات إسرائيلية لإستشراف المستقبل، مشيرة إلى أن ما جرى سيدفع "حزب الله" إلى تخفيف وتيرة تصريحاته الحادة تجاه إسرائيل وحتى بشأن المواضيع الإقليمية، وسيتوارى خلف قيادات سياسية لبنانية معروفة باعتدالها.. لكنها ترى أنه من السابق لأوانه أن تحسم تل أبيب تقديرها حول ما إذا كان حزب الله سيواصل إصراره على نقل أو تطوير صواريخ "دقيقة" إلى لبنان أم سيتراجع.

وعلى صعيد المساعدات الدولية، تعتقد مستويات محسوبة على "الأمن القومي" الإسرائيلي أن الكارثة الضخمة التي نتجت عن الانفجار ستدفع دولاً إقليمية وحتى عالمية إلى عدم الاكتفاء بالتفرج على ما يجري في لبنان من ظروف آخذة بالتعقيد، بل إنها ستقدم مساعدات إلى الدولة اللبنانية ولكن وفق شروط ورقابة مشددة؛ خشية أن تذهب إلى يد "حزب الله".

وتقر المستويات الإستراتيجية في تل ابيب أن لبنان يبقى دولة لها وزنها الإقليمي، بغض النظر أنها ليست فاعلة بل مفعول بها ارتباطاً بكونها ملعباً للصراعات الإقليمية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024