استقالة غرينبلات:تأخر صفقة القرن..أم التفاوض مع إيران؟

أدهم مناصرة

الأحد 2019/09/08
لا معلومات واضحة حول أسباب ودوافع مبعوث الرئيس الأمبركي إلى الشرق الأوسط وأحد مهندسي خطة السلام الأميركية المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن" جيسون غرينبلات، حتى أن الإعلام الإسرائيلي نفسه بدا وكأنه تنقصه المعلومة بهذا الشأن؛ فاكتفى بالسرد الخبري للاستقالة.


وفق معلومات "المدن" فإن غرينبلات قد ألمح لإستقالته قبل بضعة اشهر، بذريعة "أسباب شخصية وعائلية" تتمثل في رغبته للعودة إلى عائلته، حيث أن لديه ستة أبناء، فضلاً عن أنه يريد العودة لعمله، إذ أن راتبه كموظف حكومي أقل بكثير مما كان يتقاضاه من مهنته كمحامٍ في نيوجرسي.

غير أن المتتبع لتغريدات غرينبلات على "تويتر" طيلة فترة عمله في هذا الملف، يدرك أن درجة دفاعه المستميت عن إسرائيل وانتقاده الدائم للجانب الفلسطيني ولكل من يقف في وجه الإحتلال، لا توحي أن استقالته من منصب كهذا جاءت لأسباب شخصية مجردة. ولهذا، حاولت "المدن" البحث في دوافع الإستقالة عبر استطلاع آراء أطراف سياسية عديدة تقيم في واشنطن وحتى في المنطقة العربية، فتوصلت إلى سيناريوهات عديدة، جميعها تضع الأسباب الشخصية للإستقالة "جانباً"، ذلك أن الأخيرة استُخدمت من غرينبلات كوسيلة لإخفاء السبب الحقيقي.

السيناريو الأول لدافع الإستقالة، هو أنها شكلت تعبيراً عن شعور استباقي لغرينبلات بأن صفقة القرن لن تنجح، ليس فقط بسبب الرفض الفلسطيني، أو لأن الدول العربية "الصديقة" لم تجرؤ على ممارسة ضغط على القيادة الفلسطينية كي تقبل بالصفقة، بل لأن إسرائيل كذلك ترفض بشكل قاطع بنوداً في الخطة.

السيناريو الثاني، فهو اختلاف وجهة نظر غرينبلات عن تلك التي يحملها الرئيس دونالد ترامب بشأن ممارسة الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لكي يقدم الأخير شيئاً يتعلق بتحسين صفقة القرن، مقابل ما منحه ترامب من هدايا متمثلة بنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وأخرى متعلقة بمساعيه لإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين، فضلاً عن ممارسة ضغط مالي وسياسي على السلطة الفلسطينية، ومروراً بـ"هدية الجولان".

فغرينبلات لا يريد ضغطاً على نتنياهو بل ودافع عنه مرات عديدة، لأنه يعتقد أنه ليس مطلوباً منه أن يتنازل، وأن صفقة القرن هي جيدة بصياغتها الحالية. ولهذا، أقدم غرينبلات على الإستقالة للتهرب من صدام محتمل مع نتنياهو.

السيناريو الثالث حول سبب استقالة غرينبلات من منصبه، يتعلق بإيران، لكنه ليس بعيداً عن نتنياهو، فالأخير غير راضٍ عن الأنباء التي تتحدث عن محاولة تقريب وجهات النظر بين إيران والولايات المتحدة، كتمهيد لبلورة اتفاق جديد بين طهران والقوى العظمى. حتى أن نتنياهو يمارس ضغطاً دبلوماسياً للحيلولة دون ذلك، سواء بإتصاله بالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لإقناعه بعدم جدوى وساطته بين ايران وأميركا، ومروراً بذهابه فجأة للقاء رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قبل يومين، كي يعمل الأخير على إقناع ترامب للحيلولة دون أي تقارب أميركي- إيراني.

ووفق معلومات "المدن"، فإن غرينبلات كما نتنياهو لم يكن راضياً عن أي مساعٍ تعمل على جمع واشنطن وطهران على طاولة الحوار. ويُقال إن هذا الأمر كان سبباً إضافياً دفع غرينبلات الى الإستقالة والإنسحاب في هذا التوقيت تحديداً.

وبالعودة إلى صفقة القرن، بدا غرينبلات من خلال تغريداته على "تويتر" مؤخراً، أنه كان متحمساً لإعلان الشق السياسي لصفقة القرن قبل الإنتخابات الإسرائيلية، وذلك بعد إعلان شقها الإقتصادي في مؤتمر البحرين في يونيو/حزيران الماضي، لكن ترامب حسم الأمر لاحقاً، عبر القول إن "الإعلان سيكون بعد انتخابات الكنيست".

ويبدو من هذا، أنه ربما كان لدى غرينبلات وجهة نظر مختلفة عن ترامب وباقي فريق الإدارة الأميركية، بشأن توقيت الإعلان عن الصفقة، ذلك أن إرجاء إعلانها أكثر من مرة قد أضر بمصداقيتها وبمصلحة إسرائيل- كما يراها هو.

إسرائيلياً، قالت قناة "كان" الرسمية، إن أفي بيركوفيتش، وهو مستشار جاريد كوشنر، سيحل محل غرينبلات، فيما أفادت صحيفة "معاريف" أن بيركوفيتش (30 عاما) الذي يعمل مستشاراً خاصاً في البيت الأبيض، هو خريج كلية الحقوق في جامعة "هارفارد" عام 2016، ومنذ تخرجه يعتبر المساعد الأيمن لكوشنر. وتم تضمنيه لفريق الخطة الأميركية مع كوشنر وغرينبلات والسفير الاميركي في اسرائيل ديفيد فريدمان.

واشارت الصحيفة الإسرائيلية، إلى أن بيركوفيتش، شارك في حملة ترامب للانتخابات الرئاسية عام 2016، موضحة أن تعيينه "أثار العديد من الأسئلة بين الدبلوماسيين السابقين الذين وجدوا صعوبة في فهم كيفية وضع هذه المهمة على عاتق خريج جامعي شاب يتخذ خطواته الأولى في عالم السياسة".

وبيركوفيتش نشأ في منزل يهودي أرثوذكسي، ودرس في إسرائيل مدة عامين في مدرسة دينية أرثوذكسية بعد المدرسة الثانوية.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024