"بند سري" في صفقة الفتاة الإسرائيلية..لماذا يخفيه نتنياهو؟

أدهم مناصرة

الجمعة 2021/02/19
يبدو أن صفقة "الفتاة الاسرائيلية" التي اجتازت قبل اسبوعين الحدود باتجاه سوريا، لم تتوقف عند حدّ استعادتها بوساطة روسية ووصولها مطار بن غوريون فجر الجمعة، مقابل إطلاق سراح راعيي أغنام سوريين والأسيرة نهال المقت.

وتصرّ أوساط سياسية وإعلامية في إسرائيل على وجود ثمن في بند سري في هذه الصفقة لم تدفعه إسرائيل بعد. وقد أثار الكشف عن بند سري، وُصف بأنه "الثمن الإضافي الذي دفعته إسرائيل لسوريا"، عاصفة إعلامية في إسرائيل؛ ما ولّد ضغطاً على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للكشف عن البند، متهمة إياه بعدم الإفصاح عنه لمصالح انتخابية شخصية.

ونقلت القناة الإسرائيلية "13" عن مسؤول إسرائيلي رفيع قوله إن "الثمن الإضافي في الصفقة الذي تم دفعه لسوريا لم يكن على حساب مواطني إسرائيل ولا يمس بمصالح إسرائيلية. وهذا الثمن رمزي وإنساني مع رؤية المصالح الإسرائيلية المستقبلية مقابل روسيا وسوريا في قضايا مستقبلية هامة لإسرائيل".

وقال مصدر مطلع ل"المدن"، إن إسرائيل سعت إلى النجاح في التوصل الى نتيجة "مُرضية" من جانبها وليس بثمنٍ كبير. لكنه لم يستبعد وجود ثمن سياسي يمكن أن تدفعه إسرائيل لاحقاً بشأن مسألة محددة مرتبطة مباشرة بالمصالح الروسية في سوريا.

لكنّ مصدراً آخر توقع في حديث ل"المدن"، أن الحديث يدور عن إطلاق سراح أسير إلى أسيرين اثنين "إضافيين" من دروز هضبة الجولان وربما من الفلسطينيين أو اللبنانيين، في المرحلة القادمة. وألمح المصدر إلى أنه قد يكون قد تمّ إطلاق سراح هذا الأسير او الأسيرين ولم يتم الاعلان عن ذلك حتى اللحظة.

وكشفت مصادر ل"المدن" أن إسرائيل لم تكن هي المُبادِرة في الحديث عن الوساطة الروسية في قضية الفتاة، إلا بعد أن جاء اتصال من قاعدة حميميم السورية إلى الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية، تُخبرها عن الموضوع رغم مرور خمسة عشر يوماً على واقعة اجتياز الفتاة للحدود المذكورة.. ثم سارع المستوى السياسي في اسرائيل إلى التواصل مع القيادة الروسية طالباً دوراً وسيطاً منها لاستعادة الفتاة.

وبعد ذلك سافر وفد أمني إسرائيلي وضباط استخبارات على أعلى مستوى إلى روسيا لنقاش بنود الصفقة وحدثت مفاوضات بشأنها. وهو ما دفع جهات سياسية إلى الاستنتاج بأن الصفقة تعدّت أبعادها أي "مسألة انسانية فقط"، كان بالامكان إنجازها دون ذهاب وفد برتب عالية إلى موسكو.

وتقول المصادر إن روسيا وجدت في قضية الفتاة فرصتها لطرح مطالبها أمام إسرائيل على الطاولة، بينها تخفيف وتيرة الغارات الاسرائيلية في سوريا. لكن الاعلام العبري لم يتمكن من معرفة ماهية البند في ظل فرض الرقابة العسكرية ومنع النشر. ولهذا، فإن مرافقة الوفد الأمني الإسرائيلي لهذه الفتاة من موسكو (بعد نقلها من سوريا) حتى تل ابيب لم يكن بروتوكولياً، بل هو كان في مهمة تفاوضية ليس بالسهلة، وفق المعطيات.

بدورها، قالت هيئة البث الإسرائيلية العامة "كان"، إن الثمن الإضافي للسوريين، صودق عليه خلال اجتماع الحكومة، قبل يومين. ولا يدور الحديث عن تحرير أسرى سوريين آخرين. وسبب حظر النشر هو منع رفع ثمن صفقات مستقبلية.

ووصف المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، "الثمن الإضافي" بأنه "بند غير مألوف"، وأن الكشف عنه من شأنه أن "يثير خلافات في أوساط الجمهور الإسرائيلي".
وتحدثت مصادر سياسية ل"المدن"، عن أن روسيا وإسرائيل بحثتا في سياق الصفقة العلاقة مع سوريا، وإمكانية عدم تصنيف دمشق على قائمة "الإرهاب".

ووفق المصادر، فإن نتنياهو أراد استغلال هذه الصفقة في هذا التوقيت كي يبعث برسالة إلى إدارة الرئيس جو بايدن، مفادها "إننا نصحّح العلاقة مع روسيا لنكون حاضرين في ترتيبات المنطقة".. فضلاً عن أن روسيا الآن هي على الخط لإيصال "رسائل تهدئة" إلى الدولة اللبنانية، لطمأنتها من أن إسرائيل غير راغبة بالحرب إذا لم تنزلق إليها. كما طلبت إسرائيل من دمشق عبر روسيا أن تضغط على حزب الله من أجل لجم أنشطته ضد إسرائيل، وألا يقوم الحزب بتنفيذ عمليات قبل الانتخابات الاسرائيلية المقررة في آذار/مارس 2021، من شأنها أن تحرج نتنياهو أمام الإسرائيليين.

وتروج جهات إسرائيلية بأن رئيس النظام السوري بشار الأسد يحاول إيجاد مسافة معينة مع إسرائيل تضمن له التخلص من عبء الوجود الإيراني في سوريا. ولهذا، يعتقد الأسد أن الطريق إلى واشنطن يمر حتماً عبر إسرائيل. وتستدل على ذلك، بطبيعة الرسالة التي وصلت من دمشق إلى تل ابيب بشأن قضية الفتاة الاسرائيلية، ومفادها "لدينا فتاة إسرائيلية اجتازت الحدود، ولا نريد توتير الأمر مع إسرائيل. لنحله بطريقة مُرضية".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024