مصر: عنان يعيد الانتخابات الرئاسية إلى سكة المنافسة

محمد عبدالمعطي المحمد

الجمعة 2018/01/12

أعاد رئيس أركان الجيش المصري السابق سامي عنان، الانتخابات الرئاسية في مصر إلى ساحة المنافسة بإعلان ترشحه رسمياً، بعدما ظن كثيرون أن الرئيس عبدالفتاح السيسي في طريقه إلى حسمها بالتزكية.

يأتي ترشح عنان، بعد أيام من إعلان رئيس الوزراء المصري الأسبق، أحمد شفيق انسحابه من السباق الانتخابي بعد إعادة "تقدير الموقف العام (...) ولأنني لن أكون الشخص الأمثل لقيادة الدولة خلال تلك الفترة"، وفق البيان الصادر عنه، وهو ما أرجعته مصادر مقربة من شفيق إلى ضغوط كبيرة مورست عليه من رئاسة الجمهورية والأجهزة الأمنية، شملت تهديدات بملاحقات قانونية له ولأسرته وحملات تشويه إعلامي مكثفة.

في هذا السياق، قالت مصادر "المدن"، إن شفيق وحملته الانتخابية قد يعلنان في وقت لاحق دعم عنان، حسب تطورات الأوضاع السياسية في مصر، وهو ما قد يمثل انقلاباً وتهديداً حقيقياً لفرص السيسي في الانتخابات، إذ إن المرشح الآخر، المحامي خالد علي، لا يمتلك حظواً كبيرة، مع اعتماده بشكل كبيرعلى تيار ثورة 25 يناير، وهو تيار جرى تشويهه وشيطنته في الشارع المصري، كما أن الضربات الأمنية المتلاحقة له منذ يوليو/تموز 2013 أنهكته وأفقدته قدرته على الحشد والتواصل في الشارع، بالإضافة إلى صعوبة حصوله على 25 ألف توكيل من المواطنين.

ويلزم قانون انتخابات الرئاسة المصرية المرشحين بالحصول على 25 ألف توكيل انتخابي من المواطنين في 15 محافظة، على ألا تقل حصة المحافظة الواحدة عن ألف صوت، أو الحصول على 20 توكيل من نواب في البرلمان.

ويخشى مراقبون للوضع السياسي المصري أن يتعرض عنان لنفس الضغوط التي تعرض لها شفيق، من أجل إجباره على الانسحاب من السباق الانتخابي، خصوصاً وأن نقاط قوة شفيق وعنان تبدو متشابهة جداً في مواجهة السيسي، فكلاهما ينتميان إلى المؤسسة العسكرية المصرية؛ لكن في المقارنة بين السيسي وشفيق وعنان، احتل الأخير المرتبة الثانية في الهرم القيادي العسكري المصري، في نفس الوقت الذي كان فيه السيسي في المرتبة 154.

كما أن لعنان تجربة مماثلة لشفيق، في انتخابات عام 2014، التي جاءت بالسيسي رئيساً للبلاد، حيث تعرض عنان لضغوطات كثيرة من أجل سحب ترشيحه، وهو ما قام به بالفعل، بعد يومين من إعلان حملته الانتخابية تعرضه لمحاولة اغتيال.

وسطع نجم عنان عقب حادث الأقصر الإرهابي عام 1996، الذي أسفر عن مصرع 58 سائحاً، حيث تدخل عسكرياً بقواته لصد الهجوم وضمان السيطرة على الأوضاع، عندما كان يتولى قيادة فرقة الدفاع الجوي في الأقصر، وهو ما كان سبباً في صعوده المتوالي والسريع داخل التراتبية العسكرية، وصولاً إلى رئاسة الأركان، مدعوماً بشكل شخصي من الرئيس الأسبق حسني مبارك.

كما أن عنان قبل توليه رئاسة الأركان، وهو المنصب الأعلى عسكرياً في قيادة القوات المسلحة، تولى قيادة قوات الدفاع الجوي، بخلاف السيسي الذي قضى فترة طويلة من حياته العسكرية "ضابطاً مكتبياً"، بالإضافة إلى أنه من جيل حرب أكتوبر، التي بنى عليها السادات ومبارك حكمهما.

إضافة إلى ذلك، كان عنان قد تولى منصب نائب رئيس الجمهورية عقب تنحي مبارك، ما أتاح له تواصلاً قوياً مع القوى السياسية والحوارات الوطنية التي أدارها وأشرف عليها آنذاك. وبحسب كثيرين، فإن علاقته مع السيسي سيئة للغاية، وللأمر شواهد عديدة، فعنان هو القائد العسكري الوحيد من بين أعضاء المجلس العسكري الذي أدار البلاد عقب تنحي مبارك، الذي لم يتم دعوته إلى الحفلات والمراسم البروتوكولية الخاصة بالقوات المسلحة.

وفي حال استمرار ترشح عنان، فإنه سيكون وريثاً لدولة مبارك، التي ما تزال تناوىء السيسي حتى الآن، كما أنه سيحظى بدعم التيار الإسلامي العام، وفي القلب منه الإخوان المسلمين، فضلاً عن علاقاته الواسعة وولاءات يحظى بها داخل أجهزة الدولة، والقوات المسلحة.

©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024