أقوى انتاجات النظام السوري..قرض العيد للأكل والشرب

نور عويتي

الأربعاء 2020/07/22
أصبح المواطن في سوريا بحاجة إلى قرض لشراء احتياجاته الغذائية الأساسية، وعلى ما يبدو فإن النظام السوري بات يعترف بأن الرواتب التي يصرفها للموظفين والعاملين في مؤسساته وقطاعاته غير كافية لتأمين لقمة عيشهم، ليطرح مؤخراً قروضاً خاصة بشراء المواد الغذائية بالتقسيط.
سوريا قرار قرض العيد
وأعلنت المؤسسة السورية للتجارة الثلاثاء، عن بيع المواد الغذائية وغير الغذائية المتوافرة في صالاتها ومنافذ بيعها بالتقسيط بمناسبة اقتراب عيد الأضحى بين 20 تموز/يوليو و19 آب/أوغسطس، وقد حددت سقف التقسيط ب150 ألف ليرة سورية، على أن يكون المستفيدون من هذا القسط هم العاملون الدائمون في الدولة أو العاملين المؤقتين الذين لم تنتهِ عقودهم، وعلى أن يتم سداد المبلغ من رواتبهم خلال 12 شهر.

هذا القرار يبدو إقراراً صريحاً من حكومة النظام السوري، بأنها لا تقدم للموظفين رواتب تقيهم الفقر والجوع؛ فالمواطن بات بحاجة لمبلغ 150 ألف ليرة سورية للحصول على المواد الغذائية والرئيسية في أسبوع العيد، في الوقت الذي يبلغ المعدل الوسطي لرواتب الموظفين في سوريا 50 ألف ليرة فقط.

وقد ترافق القرار مع غضب كبير من الشارع السوري، بسبب صرف الدولة للقروض على شكل بضائع من مستودعاتها، بدلاً من إعطاء المبلغ ذاته نقداً للموظفين، لتكون الدولة هي المستفيد الأكبر من تلك العملية وليس المواطن، فهي تعمل على تصريف أكبر كمية من المواد في مؤسساتها، وخصم ثمن تلك المواد من رواتبهم؛ ليشبّه البعض القرض المحدث بأنه عودة لنظام العبودية، إذ تقدم الدولة للعاملين فيها طعاماً وشراباً بدلاً من النقود.

إضافة إلى ذلك، هناك تخوّف كبير من قبل المواطنين من أن تكون البضائع المعروضة في تلك المراكز فاسدة أو شارفت على انتهاء صلاحيتها. ويبدو هذا التخوف مبرراً ومنطقياً، ولاسيما أن المؤسسة السورية للتجارة في محافظة حمص أعلنت قبل شهر عن مزايدة علنية لبيع عشرات الأطنان من المواد منتهية الصلاحية والمخزنة في المستودعات حسب موقع "بزنس سوريا".

ويقول مصدر يعمل في أحد أفرع المؤسسة في ريف دمشق إن "أغلب المواطنين لا يرغبون بشراء الخضروات من المؤسسة بالرغم من انخفاص أسعارها مقارنةً بأسعار السوق، والسبب أن أغلب الخضروات والفاكهة التي تباع هنا تكون قد شارفت على الفساد، وبالأخص البندورة التي تفسد بسرعة".

ويضيف ل"المدن"، أن "اغلب العروضات هي معلبات شارفت على انتهاء صلاحيتها، وبالأخص التونا. وهناك مواد تأتينا مغلفة دون علامات تجارية، ولا يكتب عليها مدة صلاحيتها كأكياس الزعتر وبعض أنواع المعكرونة".

وبعيداً عن جودة المواد المتواجدة في مؤسسات الدولة، فإن التبضع منها أمر معقد وصعب أيضاً، إذ إن أغلب المراكز في ريف دمشق مغلقة ومتوقفة عن العمل، كما هو الحال في فرع صحنايا، الذي لايزال مغلقاً منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع. إضافةً إلى عدم توافر المواد الرئيسية الأكثر طلباً، التي تباع في الأسواق بأسعار خيالية، كالرز والسكر والسمنة والزيت واللحوم وحليب الأطفال. ورغم ذلك فإن الطوابير الطويلة التي اجتمعت بسبب الفقر والعوز ستصعّب من مهمة التسوق من مؤسسات الدولة. وفوق كل ذلك، فإن كميات المواد الموجودة لا تغطي احتياجات الجميع.

ويتحدث مصدر من ضاحية قدسيا عن عمل المؤسسة التجارية هناك قائلاً: "منذ أكثر من شهرين لم تبِع المؤسسة الرز، بحجة أن شحنة الرز لم تأتِ من لبنان بسبب ظروف كورونا. وعندما يتوافر في المؤسسة كميات قليلة من السكر أو الزيت، يتم إغلاق المؤسسة لساعات قصيرة ويُمنع دخول المواطنين، وعندما تفتح المؤسسة أبوابها نكتشف أن الموظفين قد قاموا ببيع تلك المواد لأقربائهم قبل توافد المواطنين. إضافةً إلى ذلك، لا تلتزم المؤسسة في قدسيا بالتسعيرة المنصوص عليها من قبل الدولة، فالموز بحسب ورقة الأسعار الرسمية ب2500 ليرة، لكن يتم بيعه ب5500.  وعندما نتجادل مع الموظفين بسبب اختلاف الأسعار يكون جوابهم بأن التعديلات الجديدة على الأسعار لم تطبع بعد".

ولا يشمل القرار الموظفين السابقين في الدولة المتقاعدين عن العمل. ويقول مصدر ل"المدن"من دمشق، وهو موظف متقاعد: "لم أستفِد من المؤسسة بعروض التقسيط أو بدون عروض التقسيط، فأنا ليس لدي القدرة على الوقوف في طوابير الانتظار التي لا تحترم كبار السن ولا تعطيهم الأولوية في العبور، والدولة تتعامل مع المتقاعدين بشكل سئ للغاية، خاصةً في الظروف الاقتصادية السيئة التي نعيشها حالياً، فلا زيادة رواتب تشملهم ولا تمنحهم قروضاً، فقط يأخذون الضرائب من رواتبنا؛ وكأننا عبء ثقيل عليهم يتمنون التخلص منا".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024