النظام يُعطل اتفاق الوعر.. ويتجه للتصعيد

أسامة أبوزيد

الثلاثاء 2016/09/20
أقدمت قوات النظام، صباح الثلاثاء، على إغلاق معابر حي الوعر الحمصي المُحاصر، ومنع دخول المواد الغذائية، من قبل الحواجز المطوقة له. قوات النظام أعطت مهلة لزائري الحي للخروج منه خلال ثلاث ساعات، قبل تصعيد جديد ينوي النظام تطبيقه على الحي، بحسب ما نُقل عن اتصال جرى بين رئيس فرع "أمن الدولة" عقاب صقر، مع "لجنة المفاوضات في حي الوعر".

تصعيد النظام الذي سبقه تأجيل إخراج الدفعة الأولى من مقاتلي المعارضة، التي كانت مقررة الإثنين، إلى إدلب، يشير إلى تغيير في خططه بعد انهائه لـ"وقف إطلاق النار"، مساء الإثنين/الثلاثاء، ورغبته في تنفيذ الأجندة الإيرانية لإفراغ الحي بالكامل من سكانه، بعدما كان يفاوض على خروج المسلحين فقط.

وكان أعضاء "لجنة المفاوضات" قد توجهوا، الإثنين، إلى فرع "أمن الدولة" في مدينة حمص، للوقوف على خلفية تأجيل خروج دفعة من مقاتلي المعارضة من حي الوعر المحاصر غربي حمص، برفقة ذويهم إلى محافظة إدلب شمال سوريا.

اجتماع "لجنة مفاوضات الوعر" مع رئيس فرع "أمن الدولة" عقاب صقر، وعدد من ضباط المخابرات، تخلله اتصال هاتفي من قبل رئيس "شعبة المخابرات السياسية" اللواء ديب زيتون، والمشرف على ملف مفاوضات حي الوعر. زيتون ضغط على اللجنة مؤكداً أن الطريق إلى إدلب "آمن"، مشدداً على ضرورة الإسراع في تسيير عملية الخروج، على الرغم من اعتذار "الأمم المتحدة" عن المشاركة في عملية الإخلاء، وسط إصرار زيتون على استكمال الاتفاق بشكل "سوري-سوري" ضارباً مثال "الاتفاق" الذي جرى في "معضمية الشام"، وفقاً لأقوال مصدر خاص من اللجنة لـ"المدن".

محاولات النظام لإقناع "لجنة مفاوضات الوعر" بإخراج الدفعة الأولى، لم تنجح مع تأكيد "اللجنة" على أن "لا ثقة للأهالي والثوار في الوعر بتلك الضمانات"، واشتراطها ضرورة رعاية "الأمم المتحدة" لاستكمال "الاتفاق"، ما تسبب في تأجيل خروج الدفعة الأولى، حتى إشعار أخر.

وكان ممثلو "الأمم المتحدة" قد أبلغوا "لجنة المفاوضات" من خلال مكالمة عبر تطبيق "سكايب" اعتذارهم عن مرافقة الدفعة المقرر خروجها صباح الإثنين نحو إدلب، عقب إخطار من المركز الأمني في قاعدة حميميم الروسية في محافظة اللاذقية، أشار إلى أن طريق الحافلات إلى إدلب غير آمن وقد يتعرض لقصف الطيران.

الإخطار الروسي بأن "الطريق إلى إدلب غير آمن" أثار كثيراً من علامات الاستفهام، نظراً إلى رعاية روسيا لعمليات "التهجير القسري" السابقة، والإشراف عليها، خصوصاً في حي الوعر. وبحسب مصادر "المدن" فالجانب الروسي كان قد شدد، في نهاية آب/أغسطس، على ضرورة "إخراج المدنيين والمسلحين" من حي الوعر، أثناء تواصل "اللجنة" مع الجانب الروسي لمناقشة المقترحات التي قدمها النظام في ذلك الوقت.

إلا أن الجانب الروسي ابتعد عن "استفزاز" المعارضة في الوقت الراهن، وقَبِلَ تأجيل موعد خروج الدفعة الأولى، بعدما أصدرت المعارضة بياناً، الإثنين، حمل توقيع 32 فصيلاً عسكرياً من كبرى الفصائل المعارضة إلى جانب "الإئتلاف الوطني" يُهدد بوقف العمل بـ"وقف إطلاق النار" في حال أقدم النظام على ترحيل أي شخص من حي الوعر. وذلك قبل أن تنهي روسيا والنظام العمل بالهدنة ليل الإثنين/الثلاثاء، واستهدافهما بالقصف العنيف لأحياء حلب المُحاصرة، وارتكابهما مجازر مروعة.

واعتبر معارضون أن "الإخطار الروسي" هو حركة "مقصودة" لتأجيل تنفيذ خروج الدفعة الأولى من حي الوعر، إلى وقت لاحق، بعد ظهور خلافات عميقة بين النظام والمليشيات الشيعية المطالبة بإفراغ حي الوعر بشكل كامل على غرار حمص القديمة وداريا.

وكان النظام يحاول المحافظة على وجود قليل من أهل حي الوعر، إذا ما سيطر عليه، ودخلته قوات فرع "أمن الدولة" والشرطة، وفقاً لبنود الاتفاق التي نشرته "المدن" قبل ثلاثة أسابيع. وذلك لمنع تضخم نفوذ المليشيات الشيعية التي تقاتل إلى جانب النظام في حي الوعر، بعدما فقد النظام السيطرة عليهم في قرية المزرعة المجاورة للحي. فالمليشيات في المزرعة تعمدت قصف الحي مع كل تفاهم بين "لجنة الوعر" والنظام، رفضاً لأي اتفاق لا يقضي بإفراغ الحي بشكل كامل.

والطريق إلى إدلب ينطلق من "مديرية الشؤون الفنية" نحو قلعة المضيق في ريف حماة (أخر نقاط سيطرة النظام قبل إدلب) مروراً ببعض القرى والبلدات والتي أصبحت مراكز نفوذ للمليشيات الشيعية والعلوية المقاتلة إلى جانب النظام، والمتمايزة عنه في مصالحها. الأمر الذي قد يدفع تلك المليشيات المعارضة لبنود الاتفاق غير القاضي بتهجير كامل أهل حي الوعر، لاستهداف الحافلات التي تقل مقاتلي المعارضة.

خلاف المليشيات مع النظام، حول بنود اتفاق الوعر، يزيد من رصيدها في حاضنة النظام الشعبية التي ترى في اتفاق الوعر الحالي "مهزلة" قام بها النظام، لأنها لا تهدف إلى إفراغ حي الوعر من أهله "الإرهابيين" بحسب توصيفهم.

وكان محافظ حمص طلال البرازي، قد قال في تصريحات نقلتها وسائل إعلام سورية رسمية، الإثنين، إن الاتفاق "هو للقضاء على تواجد المسلحين في الوعر وفتح باب التسويات للمطلوبين والمتواجدين في الوعر وأن من يدعي غير ذلك هو كاذب". وأضاف البرازي أن "عمليات التسوية قائمة وهناك نحو 700 مسلح تقدموا للتسوية وأن ما يحدث بالوعر مشابه لحمص القديمة التي تشهد اليوم أماناً واستقراراً".

مصادر المعارضة من الوعر نفت لـ"المدن" إجراء أي عمليات تسوية في الحي، وأن ما يفعله النظام مجرد "دعاية لتخفيف غضب الموالين له في حمص والمطالبين بإفراغ الحي كاملاً".

وكان العشرات من أهالي الوعر، قد تجمعوا صباح الإثنين في انتظار قدوم الحافلات، لنقل 200 مقاتل من المعارضة وأكثر من 700 شخص من ذويهم والمصابين بأمراض خطيرة، وذلك ضمن الاتفاق السابق.

وكان النظام قد أفرج الأسبوع الماضي عن 194 معتقلاً بينهم 17 امرأة، في إطار بنود الاتفاق، من سجون فرع "آمن الدولة" في حمص، على أن يتم استكمال باقي البنود لاحقاً، وتبيان مصير بقية المعتقلين، وخروج دفعة من مقاتلي المعارضة، وتسلم النظام لنقاط ومراكز حكومية في الحي.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024