روسيا والنظام يبتزان "قسد" شمالي حلب..بالانسحابات العسكرية؟

خالد الخطيب

الأربعاء 2021/04/14
تتعرض قوات سوريا الديموقراطية (قسد) لضغوط غير مسبوقة من جانب النظام السوري وروسيا في ملفات عديدة، أهمها المعابر والانتشار العسكري وحرية الحركة والتنقل بين مناطق السيطرة. وامتد التوتر والضغوط على قسد من مناطق شمال شرقي سوريا إلى مناطق سيطرتها في حلب والشهباء في ريفها الشمالي.

وشهدت مناطق سيطرة قسد في ريف حلب الشمالي والتي تطلق عليها اسم (مقاطعة الشهباء)، تحركات عسكرية مفاجئة للقوات الروسية وقوات النظام التي نفذت سلسلة انسحابات عسكرية من مواقعها وثكناتها القريبة من خطوط التماس مع المعارضة السورية والجيش التركي، ومواقع ونقاط عسكرية شبه دائمة، أهمها مطار "منغ" العسكري قرب أعزاز، وكشتعار وشيراوا وتل رفعت.

وقال مصدر محلي في تل رفعت ل"المدن"، إن "قسماً من الأرتال العسكرية المنسحبة، غادر المنطقة متوجهاً إلى القواعد الروسية في أطراف مدينة حلب وضواحيها القريبة، في حندرات على وجه الخصوص (أكبر القواعد الروسية المشتركة مع لواء القدس شمالي المدينة)، في حين بقي القسم الأكبر من القوات في منطقة الشهباء حيث تمركزت الآليات والناقلات العسكرية ومئات الجنود المنسحبين في ثلاث نقاط قريبة من كلية المشاة العسكرية والى الشمال منها، في قريتا حربل والوحشية".

وأضاف المصدر أن "القوات الروسية وقوات النظام لم تقدم أي تبرير لانسحابهم العسكري من المنطقة، والذي أشيع أنه سيستمر خلال الفترة القريبة القادمة حتى إخلاء جميع النقاط والمواقع العسكرية المنتشرة في 4 نقاط تمركز رئيسية، وباقي نقاط التمركز بالقرب من خطوط التماس مع المعارضة".

وقال نائب قائد فرقة المعتصم في "الجيش الوطني" الفاروق أبو بكر ل"المدن"، إن "انسحاب القوات الروسية وقوات النظام من بعض المواقع في ريف تل رفعت قد يندرج في إطار عمليات التبديل وإعادة الانتشار الروتينية. لم نرصد حتى الآن انسحاباً كبيراً يمكن أن يغير خريطة الانتشار العسكري في المنطقة".

من جانبه، قال الناطق باسم "الجيش الوطني" الرائد يوسف حمود إن "أي انسحاب روسي من مناطق سيطرة قسد شمالي حلب يعني بالضرورة زيادة في انتشار المليشيات الإيرانية التي تسعى الى ملء الفراغ وتكثيف وجودها في الجبهات مع الفصائل والجيش التركي". وأضاف ل"المدن" أن "وجهة التحركات العسكرية الروسية وأهدافها لم تتضح الى الآن ونرصد عن قرب كامل تطورات المشهد".

وأثار الانسحاب الجزئي للنظام وللقوات الروسية مخاوف الأهالي في منطقة الشهباء والتي تضم أكثر من 40 قرية وبلدة أكبرها تل رفعت (سيطرت عليها قسد مطلع العام 2016)، تقع جميعها تحت السيطرة المباشرة لمليشيا "قوات تحرير عفرين" وهي الذراع العسكرية والتنفيذية التي تمثل قسد ووحدات حماية الشعب الكردية في مواجهة المعارضة السورية والجيش التركي في ريف حلب.

وتجمع المئات من أنصار مليشيا "قوات عفرين" أمام مقراتها في تل رفعت وفافين وأحرص وحملوا مشاعل النيران وعبروا عن تضامنهم معها في حال بقيت وحيدة في مواجهة المعارضة، وتوجه المحتجون الى مواقع تجمع القوات الروسية المنسحبة بالقرب من قرية الوحشية وطالبوها بالتوقف عن عمليات الانسحاب، وأحرق المحتجون الإطارات وهتفوا ضد القوات الروسية التي وصفوها بالمتواطئة مع تركيا.

ويبدو أن التحركات الروسية شمالي حلب تندرج في إطار الضغوط التي تمارسها على قسد، لإجبارها على تنفيذ مطالب، أهمها القبول بفتح مناطق سيطرتها أمام عمليات الاقتراع للانتخابات الرئاسية منتصف العام الحالي وهو ما ترفضه قسد حتى الآن، والموافقة على تدفق منتظم للمشتقات النفطية وبكميات أكبر لتغذية مصفاتي حمص وبانياس وبالتالي إيجاد حل جذري لأزمتي الطاقة والنقل في مناطق النظام.

كما يعبّر الانسحاب الروسي الجزئي والتهديد بمواصلته، عن الغضب الروسي من "قوات عفرين" التي نفذت عملية هجومية ضد الجيش التركي في ريف حلب في 7 نيسان/أبريل، مستخدمة صاروخاً موجهاً روسي الصنع. وأسفرت العملية عن مقتل جنديين تركيين.

ويرى المحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن " الانسحاب الروسي من ريف حلب هو عملية ابتزاز جديدة لقسد". وقال "ل"المدن": "رأينا شيئاً مشابهاً قبل مدة في عين عيسى شمالي الرقة وفي تل تمر في ريف الحسكة عندما انسحب الروس لمدة 24 ساعة وعادوا الى مواقعهم". وأضاف أن "الروس والنظام لديهم مجموعة مطالب، والطريقة المثلى لإجبار قسد على تلبيتها يتم من خلال تهديدها بالجيش التركي والمعارضة".

من جهته، يقول الباحث العسكري العقيد أحمد حمادة ل"المدن"، إن "أكثر ما يقلق قسد وذراعها قوات عفرين في ريف حلب هو أن يكون خلف الانسحاب الروسي تفاهم ما بين روسيا وتركيا حول منطقة تل رفعت التي كثر الحديث عنها خلال السنوات الماضية".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024