حلب:المعارضة تصد هجمات النظام.. وتستعيد الراعي من "داعش"

خالد الخطيب

الخميس 2016/08/18
جددت المليشيات هجماتها، الخميس، في محاور حلب الجنوبية، وحاولت التقدم على محاور القراصي والعامرية وتلة المحروقات، ومهدت لتقدمها بقصف مكثف بالمدفعية والهاون الذي استهدف مواقع المعارضة منذ ساعات الصباح الأولى. وتمكنت المليشيات من التقدم فعلياً في نقاط عديدة، إلا أنها سرعان ما خسرتها أمام ضربات المعارضة العكسية، التي استعادتها وأجبرت مليشيات "حزب الله" و"حركة النجباء" والمليشيات الأفغانية على التراجع نحو مواقعها القديمة، بعدما خسرت أكثر من 20 عنصراً.

وكانت المعارضة السورية، قد تصدت لأعنف هجوم بري لمليشيات النظام، الأربعاء، في محيط الراموسة الصناعية و"مشروع 1070 شقة" في أطراف الحمدانية والمدرسة "الفنية الجوية". وشنّت الهجوم قوات النظام ومليشيات "حزب الله" اللبناني و"حركة النجباء" العراقية و"لواء القدس" الفلسطيني و"الحرس الثوري" الإيراني. وخسرت القوات المهاجمة أكثر من خمسين عنصراً، بينهم قائد "الفنية الجوية" العميد أديب بزي.

القائد العسكري في "جيش المجاهدين" النقيب علاء أحمد، أكد لـ"المدن"، أن قوات النظام والمليشيات لم تتمكن حتى اللحظة من استعادة أي من المواقع التي خسرتها مطلع آب/أغسطس، في محيط الكليات العسكرية في منطقة الراموسة، رغم الهجمات المستمرة على أكثر من محور، وبالتحديد على محوري سوق الجبس "عقرب" و"مشروع 1070 شقة" الذي دمرته الطائرات الروسية بشكل شبه كامل.

وأشار النقيب علاء، إلى أن هذا الهجوم هو الخامس لقوات النظام والمليشيات، على المحاور الواقعة إلى الشمال من "الكليات العسكرية"، وفي كل مرة كانت المعارضة في غرفتي عمليات "جيش الفتح" و"فتح حلب"، تتصدى بنجاح للهجوم وتكبد القوات المهاجمة خسائر كبيرة في صفوفها، وتدمر عربات وآليات عسكرية ثقيلة. وأخر الهجمات كانت الأربعاء، حيث تمكنت المعارضة من تدمير عربتي "BMB" بالقرب من "المدرسة الفنية الجوية" تحمل عناصر من "حركة النجباء" و"حزب الله".

وأوضح النقيب علاء، أن قوات النظام والمليشيات تستخدم قوة نارية هائلة، مدفعية وصاروخية، تمهيداً لاستعادة مواقع خسرتها، كما تتمتع بدعم جوي روسي كثيف يستهدف مواقع رمياتهم المدفعية والصاروخية. وشنّ الطيران الروسي أكثر من 400 غارة جوية، بالقنابل الفوسفورية والصواريخ الفراغية والقنابل العنقودية، خلال اليومين الماضيين، استهدفت مناطق عقرب وأطراف حي الحمدانية، والكليات العسكرية والراشدين والدباغات وطريق الراموسة الذي فتحته المعارضة نحو الأحياء الشرقية. وقتل في القصف الروسي على طريق الراموسة 30 مدنياً على الأقل، بعد استهداف حافلات نقل للركاب.

وتواصل المقاتلات الحربية الروسية هجماتها الجوية مستهدفة الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة، وطاول القصف بشكل متكرر أحياء القاطرجي والسكري وحلب القديمة والبياضة وكرم الميسر وباب النيرب والكلاسة وصلاح الدين والفردوس والصالحين والمرجة والمعادي والعامرية والمشهد والأنصاري. وتسببت الغارات على مدى الأيام الماضية، في مقتل 100 مدني على الأقل، وجرح العشرات. واستمر الروس في استهداف المدارس والمشافي والمراكز الصحية والخدمية.

القصف الروسي طاول أيضاّ، وبوتيرة مشابهة، ريفي حلب الغربي والجنوبي، وشهدت بلدات الأتارب ودارة عزة وقبتان الجبل والجينة وترمانين والمنصورة وخان العسل وابين وسمعان وعينجارة وخان طومان والزربة وخلصه وزيتان وجانبي الطريق الدولي حلب-دمشق، غارات مكثفة، كما استهدفت الغارات نفقاً في خان طومان، الأربعاء، ما أدى إلى تدميره وإغلاقه بعدما قتل داخله أكثر من عشرة مدنيين، بصواريخ خارقة للتحصينات، بالتزامن مع إعلان موسكو عن اقلاع طائرات حربية من إيران، وشنّ غارات على مواقع لتنظيمات "إرهابية" في سوريا.

من جانب آخر، تمكنت المعارضة السورية من السيطرة على بلدة الراعي في ريف حلب الشمالي، بالقرب من الحدود السورية-التركية، الأربعاء، بعد معارك استمرت ثلاثة أيام مع تنظيم "الدولة الإسلامية" في محيط البلدة ومنطقة الصوامع الواقعة إلى الشرق منها. وقتلت المعارضة 10 عناصر من التنظيم وأسرت اثنين، وتمكنت من تدمير سيارتين مفخختين يقودهما انتحاريان، بصواريخ مضادة للدروع "تاو" قبل وصولهما إلى أهدافهما.

وتحاول الفصائل الحلبية المنضوية في "غرفة عمليات حوار كيليس"؛ بسط سيطرتها على المزيد من المواقع على حساب التنظيم، بالتزامن مع التقدم المستمر الذي تحققه "قوات سوريا الديموقراطية" شمال شرقي حلب، وبعد فترة طويلة من الركود والفشل على جبهات المعارضة مع التنظيم.

وقد جرت العادة أن يستعيد تنظيم "الدولة" المواقع التي يخسرها في مواجهات مع المعارضة المسلحة في الشمال، في غضون ساعات، بعد تنفيذه لهجمات معاكسة. وكان يحقق مزيداً من المكاسب على حساب المعارضة، ما تسبب دوماً بضياع جهد شهور للمعارضة، في هجمة مرتدة واحدة من قبل التنظيم.

المعارضة تقول إنها جادة هذه المرة، أكثر من أي وقت مضى، في تثبيت نقاطها المتقدمة، وإنها ستعمل بكل طاقتها لتحقيق المزيد من التقدم على حساب التنظيم. وتعلل ذلك بأنها تتمتع الآن بزيادة عددية كبيرة في صفوف مقاتليها، بعد انضمام المزيد من الكتائب والألوية العسكرية إلى غرفة العمليات، مثل "الفرقة 23" التي أعلن عن تشكيلها حديثاً على أنقاض "الفرقة 16" التي انحلت بعد تعرضها لخسائر كبيرة في صفوفها في أحياء بني زيد والخالدية في أحياء حلب الشرقية، وهو مكان تواجدها التقليدي منذ دخول المعارضة للمدينة منتصف العام 2012.

ولا ينقص المعارضة في ريف حلب الشمالي، التسليح والتذخير، بالتوازي مع زيادة عدد مقاتليها بشكل طردي. وأصبح لديها عدد من المدرعات والدبابات وقواعد الصواريخ وصواريخ "تاو". وتملأ الشوارع السيارات رباعية الدفع "الشاصات" الحديثة والمزودة بالرشاشات الثقيلة والمتوسطة، وقلما تتواجد في جبهات القتال في وقت واحد، نظراً لعددها الكبير.

وتوازى العمل العسكري الذي شنته المعارضة على مواقع تنظيم "الدولة" في بلدة الراعي، مع محاولة "وحدات حماية الشعب" الكردية التي تقود "قوات سوريا الديموقراطية" التقدم نحو بلدة كلجبرين في ريف حلب الشمالي. وكلجبرين تقع في الوسط بين مارع وإعزاز. وتمكنت المعارضة من التصدي للقوات المهاجمة بعد ساعات من الاشتباك ليل الثلاثاء/الأربعاء، وقتلت عناصر من "قسد"، ما أجبرها على التراجع نحو مواقعها في محيط مطار منغ العسكري وبلدة عين دقنة.

ويأتي تحرك "قسد" بطبيعة الحال بعد نجاح المعارضة في التقدم نحو الراعي، وتحقيق مكاسب على حساب التنظيم، في الوقت الذي تحشد فيه "سوريا الديموقراطية" قواتها لخوض مرحلة جديدة من معاركها ضد التنظيم باتجاه مدينة الباب، التي تعتبر بوابة وصل مناطق الأكراد في الشرق والغرب الحلبيين. ويمكن القول إن "قسد" والمعارضة اليوم في سباق مع الزمن، في الوصول إلى الباب أو جرابلس.

وشنّ تنظيم "داعش" سلسلة هجمات برية، الأربعاء، على مواقع متقدمة لقوات النظام والمليشيات في محيط مطار كويرس العسكري في ريف حلب الشرقي، وأرسل عدداً من السيارات المفخخة التي ضربت مواقع وتمركز قوات النظام، وتبعتها اشتباكات ومعارك في محاور متعددة في القرى الواقعة بين مدينة الباب والمطار، قتل فيها من الطرفين أكثر من خمسين عنصراً.

وتأتي تحركات التنظيم على جبهات النظام إلى الغرب والجنوب من مدينة الباب، لتوسيع سيطرته في ريف المدينة نحو الغرب، وتأمين طرق الامداد الريفية القادمة من الشرق السوري إلى ريف حلب الشمالي. وذلك بالتزامن مع معركة وشيكة تبدو أكثر صعوبة من معركة منبج بين التنظيم و"قسد" في مدينة الباب، التي تعتبر عقدة المواصلات الاستراتيجية التي تصل مناطق التنظيم في شمال وشرق سوريا بمناطق سيطرته في حلب.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024