عن نضال عزمي بشارة..والذباب الالكتروني

المدن - عرب وعالم

الإثنين 2020/08/10
كتب رئيس تحرير موقع عرب 48 الزميل رامي منصور مقالاً نشره عبر حسابه على "تويتر" دافع فيه عن رئيس المركز العربي للدراسات وأبحاث السياسة عزمي بشارة ضد الهجمة التي يتعرض لها:

ليست المشكلة مع الذباب الالكتروني فهم ذباب، المشكلة في أن مدمني الشاشات وتويتر يزرعون ثقافة الكذب والدجل والتصفية المعنوية الشخصية في الأجيال الناشئة، ويحرفون بوصلة النضال من أجل العدالة والحرية، لذا لا بد أخلاقياً ووطنياً وقومياً من مقاومة هذه الثقافة الخطيرة على العرب والمسلمين.

هؤلاء من الفاقدين لأي مصداقية، وإذا اشتهروا، فاشتهروا بأنهم من أهل الكذب والجبل والديماغوجية وينشرون ثقافة التعصب والكراهية خلف قناع التعصب الدين، فليس لدى أي منهم إنجاز نضالي أو أكاديمي أو حتى صحافي بالمعنى المهني للصحافة.

ما لا يعرفه هؤلاء من أبطال السوشيال ميديا أن عزمي بشارة لم يشتهر فلسطينياً وعربياً بسبب عدد متابعيه في "تويتر" و"فايسبوك"، أو بسبب إسهاماته الفكرية المهمة فقط، وإنما كونه مناضلاً أولاً في الميدان منذ كان فتياً وطالباً جامعياً وأستاذاً جامعياً.

اضطررنا في فلسطين للرد على الهجوم على عزمي بشارة لأننا لا نريد أن ننقل هذه الثقافة المريضة إلى فلسطين. لا وقت لدينا للترف في تويتر. قضايانا حقيقية وأكبر بكثير.

لكن لا بد من كلمة حق، وهي أننا تعرفنا إلى عزمي بشارة في أواسط التسعينيات مناضلاً وطنياً وعروبياً في زمن هرول فيه فسلطينون كثر للصلح مع إسرائيل، فيما هو أسّس حزباً فتياً حينها واستقطبنا نحن آلاف الشبان الفلسطينيين، وزرع فينا الوعي الوطني والقومي جيلاً بعد جيل، وصار لنا نموذجاً لمقاومة الاحتلال، ميدانياً وسياسياً وثقافياً، لحين بلغت الذروة في الانتفاضة الثانية التي شارك فيها لأول مرة فلسطينو 48 والتحوا بالضفة وغزة. وقد أصدرت لجنة أور الإسرائيلية التي حققت في الصدامات في تشرين الأول/أكتوبر 2000 والتي أدت لسقوط 13 شهيدا، تقريراً حمّلت فيه بشارة شخصياً المسؤولية عن تلك السابقة التي توحد فيها الوجدان في كل فلسطين بعد اقتحام شارون للمسجد الأقصى.

لم نعرف عزمي بشارة من "تويتر" و"فايسبوك"، بل عرفه جيلنا وأجيالنا اللاحقة –والسابقة أيضاً- في ساحات النضال والمواجهة مع الاحتلال. ولا أبالغ في القول إن بشارة تحوّل للعديد من جيلنا والأجيال اللاحقة مصدراً للإلهام -نعم مصدراً للإلهام- في الجمع بين النضال على الأرض، والقدرة على التنظيم السياسي، وحب المعرفة وسعة الآفاق والنجاح الأكاديمي، وأيضاً الواقعية السياسية لكن النقدية، بأن تحقيق الحرية للفلسطينيين لا يكون بالاستجداء ولعب دور الضحية، وإنما بالعزيمة والإصرار والنضال على الأرض وليس في المقاهي وثرثرات السوشيال ميديا. هكذا عرفنا عزمي بشارة وهذه القيم التي زرعها في أجيال فلسطينية كاملة، وهذا سبب شهرته، ليس شاشة فضائية أو "تويتر"، وإنما النضال في الميدان وثقافة النضال والتضحية.

لهذا السبب لاحقته إسرائيل مراراً وتكراراً، مرة بملاحقة قضائية ومرة بملاحقة أمنية، لأنها أدركت مدى خطورة مشروعه السياسي والديموقراطي والفكري على الدولة اليهودية، ومدى نجاحه في تقويض مشاريع أسرلة فلسطينيي 48 وتنشئة أجيال فلسطينية تعتز بهويتها وبعروبتها وتناضل في الميادين، لذا سعت للتخلص منه وتصفيته معنوياً، بشخصه ومشروعه الوطني في الداخل، تماماً كما يحاول البعض فعله اليوم.

من فلسطين... على قدر أهل العزم تأتي العزائم... وهنيئاً لحلفاء إسرائيل من حيث لا يدرون، إذ يزرعون ثقافة الفتنة في وطننا العربي، تماماً كما تريد إسرائيل.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024