السويداء: "الشريان الواحد" يشتبك مع "الأمن العسكري"

زين الحلبي

الإثنين 2019/06/17
شهدت مدينة السويداء توتراً واشتباكات مسلحة بين الفصائل المحلية و"المخابرات العسكرية"، ليل الأحد/الإثنين، على خلفية اختطاف مسلحين للناشط المعارض مهند شهاب الدين، واتهام الفصائل لـ"المخابرات العسكرية" بالحادثة.

مصادر "المدن" في السويداء قالت إن 5 مسلحين مجهولين، يستقلون سيارة نقل ركاب "فان"، اختطفوا شهاب الدين من أمام أحد أطفاله، أثناء خروجه من ورشته للنجارة في مدينة السويداء، مساء الأحد، ونقلوه إلى مكان مجهول. وشهاب الدين ناشط معارض، شارك في الاحتجاجات ضد النظام، وتربطه علاقات متينة بفصائل "الشريان الواحد". وكان مهند قد ظهر مؤخراً في مقطع مصور مع عناصر الفصائل في متحف سلطان باشا الأطرش، في القريا، حيث كسر فنجان قهوة، قائلاً إن صرح الأطرش هو المكان الوحيد الذي يستحق هذا التكريم، رداً منه على قيام رجل دين من السويداء بكسر فنجان قهوة أمام بشار الأسد، عند استقباله مواطنين من السويداء كانوا مختطفين لدى "داعش".

بعض الفصائل المحلية المنتمية لـ"الشريان الواحد"، تجمعت في منزل الناشط، وأطلق عناصرها النار بشكل كثيف بالهواء، تزامناً مع صدور بيان لـ"الشريان"، اتهم فرع "الأمن العسكري" باعتقال شهاب الدين، وأمهله حتى صباح الاثنين لإطلاق سراحه. لكن عناصر الفصائل لم يلتزموا بالمهلة، وانتشروا بعد منتصف ليل الأحد/الإثنين، في شوارع مدينة السويداء، ونصبوا حواجزاً مؤقتة، واعتقلوا 9 أشخاص بين ضباط وعناصر من قوات النظام و"المخابرات الجوية"، واحتجزوا سيارات لهم.

وتصاعد التوتر بعد انتشار الفصائل في محيط "المخابرات العسكرية" وقرب ساحة تشرين، إذ وقع تبادل إطلاق نار بين الطرفين، أدى لإصابة شخصين أحدهما من عناصر "العسكري" والأخر من قوات النظام. وتعرض فرع "الأمن الجنائي" لرشقات نارية أيضاً.

الفصائل انسحبت تدريجياً، الساعة الثالثة فجراً، من محيط "الامن العسكري"، بينما انتشرت تعزيزات عسكرية وأمنية لقوات النظام في محيط الفرع وقيادة "الفرقة 15"، ومنعت مرور السيارات من الطرقات المجاورة له، وقطعت التيار الكهربائي عن المنطقة لمدة ساعة.

ضابط من "الأمن العسكري" في السويداء نفى لوسطاء تدخلوا لاحتواء التوتر، مسؤولية الفرع عن اختطاف الناشط، زاعماً عدم توفر أي معلومات لهم عن الحادثة، وقال إن عناصر الفرع لن يتهاونوا في التصدي لأي هجوم يتعرضون له، وقد طلبوا تعزيزات من "الفرقة 15" لمؤازرتهم تزامناً مع استنفار جميع الفروع الأمنية بعد ورود تعليمات لها من "اللجنة الأمنية" بالتعامل الفوري مع أي هجوم عليها. لكن الفصائل تُصرُّ على اتهام النظام بالحادثة كونه الطرف الوحيد الذي له مصلحة باختطاف شهاب الدين.

مصدر من فصائل "الشريان الواحد" قال لـ"المدن"، إن الوضع المالي لشهاب الدين، لا يحسد عليه، وبالتالي فهو ليس هدفاً لعصابات الخطف، والتي غالباً ما تستهدف أبناء المحافظات الأخرى. وأوضح المصدر، أن معظم فصائل "الشريان" اتفقت على تحميل النظام المسؤولية والضغط عليه بمختلف الوسائل حتى أن دفع ذلك الى المواجهة. وأشار إلى وجود اختلاف بين فصائل "الشريان" على آلية العمل، وأكد أنهم أطلقوا سراح 3 عناصر من قوات النظام بعدما تبيّن أنهم دروز، واحتفظوا ببقية الضباط والعناصر، إذ تدور مفاوضات بينهم وبين النظام من خلال وسطاء في الوقت الحالي.

أشقاء مهند وبعض أقاربه تواجدوا مع الفصائل المحلية في المدينة ويتهمون النظام أيضاً، إلا أن بياناً منسوباً لعائلة شهاب نُشر في بعض مواقع التواصل الاجتماعي، استنكر اختطاف مهند، وتبرأ من رد فعل الفصائل على النظام، وأعلن أن العائلة مع "القانون ومؤسسات الدولة". وحاولت بعض المواقع الموالية للنظام تشويه صورة مهند، واتهامه بالعمالة، وتصوير منشورات له يترحم فيها على "حارس الثورة" عبدالباسط الساروت، والقول إنها "دعم للأرهاب".

وقد توقفت أجهزة المخابرات في السويداء عن اعتقال الناشطين المعارضين منذ أواخر 2015، ولكنها تتبع أسلوب الخطف لهم، بالطريقة ذاتها التي خطف بها شهاب الدين، وذلك عن طريق مليشيات موالية من أبناء السويداء. عمليات الخطف المضاد لعناصر النظام، ساهمت في وقف الاعتقالات داخل المحافظة خلال السنوات الثلاث الماضية.

تحركات النظام داخل السويداء عادت إلى الواجهة مجدداً في الأسابيع الماضية، بعد استهداف مجهولين لفروع الأجهزة الأمنية بالقذائف في عمليات يشتبه بتورط الأمن فيها، وكذلك اغتيال ضابط من "الفرقة 15". واستغل النظام تلك الحوادث للدفع بتعزيزات من "أمن الفرقة الرابعة" إلى السويداء، وسط عمليات تدشيم لنقاط "الفرقة 15".

"الأمن الوطني" كان قد كلّف "أمن الفرقة الرابعة"، بمهام "محدودة" في السويداء بهدف "محاربة العصابات المسؤولة عن عمليات الخطف والهجوم على الفروع الأمنية والتعامل مع جهات خارجية"، وفق ما ذكره مصدر أمني لـ"المدن".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024