الميليشيات الإيرانية تنسحب..لواء القدس يقاتل "داعش" وحيداً

خالد الخطيب

الثلاثاء 2020/09/01
زجّ "لواء القدس" بالمئات من المتطوعين الجدد في المعارك التي تشهدها البادية الشامية ضد تنظيم "داعش"، بعد أن أنهى في وقت مبكر عدداً من الدورات التدريبية للمتطوعين في معسكراته وألحقهم بشكل مستعجل بالعمليات العسكرية.

ولا يزال باب الانتساب (التطوع) إلى صفوف اللواء متاحاً، وذلك بدعم من القوات الروسية التي جعلت من "لواء القدس" رأس حربة في عملياتها العسكرية الانتقامية "الصحراء البيضاء" ضد التنظيم بعد مقتل جنرال روسي كبير في ريف دير الزور منتصف آب/أغسطس.

ووصل المئات من المتطوعين الجدد في صفوف "لواء القدس" الى البادية السورية للاشتراك في العمليات العسكرية ضد داعش، وأرسلت معسكرات التدريب التابعة للواء في حندرات شمالي حلب والنيرب شرقها عدداً من الأرتال العسكرية بعد أن أنهت بشكل مفاجئ الدورات التدريبية، الأمر الذي تكرر في معسكراته في دير الزور، وذلك بهدف سد النقص الذي حصل في صفوف اللواء الذي تعرض لخسائر كبيرة في المواجهات مع داعش مؤخراً.

وتوجهت تعزيزات عسكرية من "لواء القدس" في ريف دمشق وحماة ترافقها تعزيزات من "الحرس الجمهوري" نحو مناطق البادية السورية، ومن المفترض أن تبدأ مرحلة جديدة من العمليات العسكرية المدعومة من روسيا خلال الأيام القليلة القادمة.

ويقدم اللواء للعناصر راتباً شهرياً قدره 200 دولار أميركي وهو ضعف الراتب الذي يحصل عليه العنصر المتطوع في صفوف المليشيات الإيرانية، بالإضافة إلى ميزات الحماية والإجازات والمساعدات الغذائية، وهي عوامل جذب سهّلت على اللواء ضم أعداد كبيرة إلى صفوفه منذ بداية العام 2020. وتؤشر قائمة أسماء قتلى اللواء مؤخراً إلى أن ثقله وتواجده لم يعد محدوداً في حلب التي تأسس فيها، وأصبح لديه مقاتلون من مختلف المناطق، في درعا وريف دمشق حماة وحمص ودير الزور والرقة.

المواجهات والانتشار
انطلقت عمليات "لواء القدس" في البادية منذ بداية حزيران/يونيو، وبدأ منذ ذلك الحين في توسيع انتشاره وأنشأ العديد من نقاط التمركز وذلك بدعم من القوات الروسية التي أمدته بمزيد من العتاد الحربي وأجهزة الاستطلاع والرصد لحماية مواقعه ومجموعاته الثابتة والمتنقلة أثناء تنفيذ مهمات التمشيط والملاحقة لخلايا "داعش" التي نجحت إلى حد كبير في استراتيجيتها (حرب العصابات) في المناطق المفتوحة.

انخراط "لواء القدس" المبكر في معارك البادية بطلب روسي كان من المفترض أن يحقق أهدافاً عديدة، أبرزها، سد الفراغ الذي أحدثه انسحاب المليشيات الإيرانية الجزئي خلال عمليات إعادة الانتشار التي نفذتها في البادية الشامية (المنطقة الصحراوية الواقعة جنوبي دير الزور والرقة وشرقي حمص وحماة حتى الحدود السورية-العراقية)، وبهدف حماية طرق المواصلات التي تخترق البادية نحو الوسط والجنوب السوري، وحماية حقول النفط والحفاظ على تدفق منتظم للإمدادات، بالإضافة إلى تطمين السكان المحليين المذعورين بسبب كثافة الهجمات التي كان ينفذها عناصر "داعش".

الناشط الإعلامي عهد صليبي من دير الزور قال ل"المدن"، إن "الدعم الروسي للواء القدس في البادية وفي دير الزور تحديداً جعل منه قوة لا يستهان بها في المنطقة، وقد بات واجهة للنفوذ الروسي في مناطق شرق سوريا في مواجهة النفوذ الإيراني المتمثل بالمليشيات المنتشرة بكثافة على امتداد الضفة الجنوبية الغربية لنهر الفرات في الرقة ودير الزور وصولاً إلى البوكمال على الحدود العراقية".

وأضاف صليبي أن شادي محمد حديد، الملقب ب"الكاميروني" هو من يدير العمليات العسكرية للواء بتنسيق مباشر مع القوات الروسية. وتتواجد القيادة المركزية للواء القدس في حي الفيلات بمدينة دير الزور، وبشكل أقل في النواحي الجنوبية الشرقية والشمالية الغربية في التبني وغيرها حتى مشارف معدان.

وتستهدف هجمات "داعش" في البادية المليشيات الروسية والإيرانية على حد سواء، لكن الأخيرة نجحت في التقليل من خسائرها بعد أن نفذت عمليات إعادة انتشار لمجموعاتها معتمدة استراتيجية تجميع القوات في نقاط مركزية محددة ومحصنة في المدن والبلدات الرئيسية بدلاً من الانتشار الواسع للمجموعات الثابتة والمتنقلة في المناطق المفتوحة.

في حين وقعت مجموعات "لواء القدس" وغيرها من التشكيلات المساندة لها بدعم روسي في فخ "داعش" والذي برع بشكل غير مسبوق في هجماته الخاطفة وهو ما فتح شهيته على تغيير تكتيكاته مؤخراً من حيث الاحتفاظ بالمواقع والتحصن على تخوم المواقع العسكرية وحقول النفط والمدن والبلدات التي حوّلها اللواء إلى مراكز انطلاق لعملياته الهجومية ضد التنظيم.

داعش يستنزف لواء القدس
شاركت مليشيا محردة بزعامة سيمون الوكيل، ومليشيا السقيلبية بزعامة نابل العبد الله، بالعمليات العسكرية التي قادها "لواء القدس" في البادية، لكن اشتراكها في العمليات كان محدوداً وتركز في منطقة السلمية. وفي نهاية حزيران/يونيو انسحب الجزء الأكبر من مليشيا نابل والوكيل المدعومتان من روسيا بسبب الخسائر التي تعرضت لها، وبقي لواء القدس ومعه مجموعات قليلة من "الفيلق الخامس" و"الفرقة 25 مهام خاصة" في منطقة عمليات واسعة في مواجهة هجمات مكثفة وأكثر ضراوة للتنظيم.

تعرض اللواء لاستنزاف غير مسبوق في المواجهات مع "داعش". وخسر عبدو رستم وهو أحد قادته، إضافة إلى عدد آخر من مقاتليه في هجوم ل"داعش" استهدف التبني.

وفي وسط البادية الشامية حيث تُقدر مساحة المنطقة المستهدفة بالقتال بحوالي 18000 كلم مربع، خسر اللواء عدداً كبيراً من عناصره بين قتيل وجريح بسبب العبوات والألغام التي نشرها التنظيم على نحو واسع في الطرق الصحراوية الوعرة. كذلك خسر "لواء القدس" باديتي حلب وحماة (خط خناصر السلمية) أكثر من 20 عنصراً، وأصيب في المواجهات محمد أبوليل، وهو مسؤول الإعلام الحربي ومسؤول المنتدى الثقافي للواء القدس.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024