رفح المصرية:التهجير يتسارع والمنطقة العازلة تتوسع

المدن - عرب وعالم

الأربعاء 2017/09/13
بتصميمه على تعميق وتوسيع المنطقة العازلة في رفح المصرية، شمال سيناء، يبدو أن نوايا النظام المصري في هذا الموضوع تتعدّى بشكل كبير الأسباب المُعلنة بـ"الحرب على الإرهاب" ومواجهة تنظيم "داعش" في سيناء، إذ للمرة الثالثة على التوالي يطلب النظام المصري، ممثَلاً بمحافظ شمال سيناء، من الهيئات والمصالح الحكومية تنفيذ "الإخلاء الإداري" لجميع المباني التابعة لها، والتي تقع ضمن نطاق المرحلة الثالثة من المنطقة العازلة، في موعد أقصاه 30 سبتمبر/أيلول الحالي.

القرار الذي وُزّع على جميع الإدارات والهيئات والمصالح الحكومية- وعلى رأسها هيئات الكهرباء والمياه والصرف الصحي- نسب التعليمات الصادرة بضرورة الإخلاء، على أنها "قرارات من رئيس الجمهورية".

وفي ضوء هذه القرار، يعيش أهالي رفح المصرية حالة شديدة من الحصار تُنذر بتحوّل المدينة الزراعية، التي تنتج الخوخ والزيتون والعنب والموالح السيناوية المشهورة بجودتها داخل الأسواق المصرية، إلى مدينة فقيرة لا تتوافر في أسواقها السلع الأساسية والضرورية للعيش.

ويقول سكان في رفح لـ"المدن"، إن الهدف النهائي للسلطات هو إقامة منطقة عازلة بعمق 5-10 كيلومتر، وإخلائهم تماماً من السكان والمنازل والمنشآت. على أن يتمّ ذلك بمراحل وخطوات. ويتوقّع اهالي أن تُستكمل المرحلة الثالثة التي يجري تنفيذها حالياً، مرحلة رابعة وأخرى خامسة، وصولاً للمنطقة العازلة.

المرحلة الحالية للتهجير تشمل مناطق غرب وجنوب رفح، وصولاً إلى التماس مع حدود وسط المدينة. ووفقاً للأهالي، فإن الجيش المصري طالبهم بضرورة الإخلاء والتهجير، دون أن يوفر لهم بديلاً ملائماً ومناسباً، تاركاً للأهالي تدبير أمورهم بأنفسهم.

وعلى الصعيد الإنساني، يعاني أهالي رفح على مستويات عدة: فحظر التجوال لا يزال مفروضاً للعام الثالث على التوالي، وهم محرمون من الكهرباء للشهر الثالث باستثناء بضع ساعات كل بضعة أيام، حيث يتوقف معها العمل في الهيئات والمصالح الحكومية والبنوك وشبكات المياه والصرف الصحي وشبكات الانترنت والهواتف الأرضية والمحمولة، بالإضافة إلى انعدام توافر المنتجات والسلع في الأسواق والمحلات التجارية، مما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسعار.

ومنذ إعلان السيسي تطبيق حالة الطوارىء وما تبعه من فرض حظر تجول، يتم تمديدهما تلقائيا كل 3 أشهر، في مخالفة واضحة للمادة 154 من الدستور المصري، التي تنص على أن إعلان حالة الطوارىء وتمديدها لمدة واحدة فقط يستلزم موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، أما تمديدها لمدة أخرى يستلزم إجراء استفتاء شعبي، وهو ما لم يتم.

يُذكر أن المرحلة الأولى من بناء المنطقة العازلة/التهجير، بدأت في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، عند إعلان الجيش المصري إقامة منطقة عازلة بعمق 500 متر على الحدود مع غزة، وسط ترويج إعلامي وسياسي كبير لتلك الخطوة باعتبارها حاسمة تجاه القضاء على "الإرهاب" الآتي من غزة. آنذاك حذر أهالي سيناء والمعارضين للنظام المصري من أن هذه المنطقة ستتوسع، دون أن يلقوا آذان صاغية. وما دعم الحالة الشوفينية المصرية وساهم باستمرارها، الهجوم المزدوج الذي شنه مسلحو "داعش" ضد قوات الجيش المصري، والذي خلف آنذاك 30 قتيلاً.

وبعد ذلك، بدأت أعمال توسيع وتعميق المنطقة العازلة لتصل إلى كيلومتر واحد، وبلغ عدد المتضررين من مرحلتي التهجير الأولى والثانية 3 آلاف أسرة ومنزل، انتقل معظمهم لمحافظات خط القناة في بورسعيد والسويس والإسماعيلية.

في السياق ذاته، أصدرت "منظمة سيناء لحقوق الإنسان" قبل أيام تقريراً وثقت فيه أبرز الانتهاكات التي تعرض لها سكان شمال سيناء في النصف الأول من العام 2017 ، حيث قُتل 203 مدنيين، بينهم 17 امرأة و23 طفلاً، وأصيب 195 آخرين.

ولاحظ التقرير تزايداً في أنشطة الجماعات المسلحة في منطقتي العريش ورفح، مقابل تراجع لسيطرة القوات المصرية. وتفشت عمليات خطف المواطنين واقتحام البيوت بالقرب من المقرات والكمائن الأمنية، فيما توسعت عمليات القصف المدفعي والصاروخي للقوات المصرية، لتطال المزيد من البيوت والتجمعات المدنية في العريش.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024