ما مصير "الموك" و"الموم"..بعد وقف برنامج "سي آي إيه"؟

سيباستيان حمدان

الثلاثاء 2017/08/29
قالت مصادر خاصة لـ"المدن"، إن قرار الرئيس الأميركي إيقاف برنامج وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي إيه" لدعم المعارضة السورية المسلحة المعروف بـ"Train and equip"، لم يكن ارتجالياً. ترامب، ومنذ تسلمه السلطة بداية العام 2017، بدأ بنزع صلاحيات "سي آي إيه"، تدريجياً، وإعطاء صلاحيات أوسع لوزارة الدفاع الأميركية "بنتاغون".

وأشارت مصادر "المدن" إلى أن الصلاحيات الجديدة المعطاة لوزارة الدفاع تركزت في الملفين العراقي والسوري، وكان آخرها "البدء بتدخل وزارة الدفاع في عمل غرف العمليات الدولية". وأضافت المصادر، أن "برنامج وكالة الإستخبارات الأميركية لا يخفى على أحد، بل بات معلوماً لدى الرأي العام، في ما يعرف بغرفتي عمليات "الموك" و"الموم"، اللتين تتشكلان من ممثلي دول رئيسية، كبريطانيا وفرنسا وتركيا والسعودية والإمارات وقطر، وتتزعمها وكالة الاستخبارات الأميركية".

وكان الرئيس الأميركي قد أعلن في تموز/يوليو، إيقاف برنامج تسليح المعارضة السورية، مبرراً ذلك بالقول إن البرنامج "ضخم وخطير وغير فعال". السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام، كان قد عبّر عن قلقه من قرار ترامب، معتبراً الخطوة "إذا ما ثبتت صحتها، فستكون أشبه بالاستسلام الكامل للأسد وروسيا وإيران". وأضاف: "إذا صح قرار وقف تسليح المعارضة، فإن ذلك سيكون خسارة كبيرة أولاً: للسوريين الذين يتعرضون لهجمات بلا هوادة من قبل الأسد، وثانياً: لشركائنا من العرب، وثالثاً: لوضع الولايات المتحدة في الشرق الأوسط"، مشيراً إلى أن مثل هذه الخطوة ستعني "منح عاصمة عربية أخرى للإيرانيين".

وتشكلت غرفة "Military Operations Command" المعروفة اختصاراً بـ"MOC" في الأردن، و"Müşterek Operasyon Merkezi" المعروفة بـ"MOM" في تركيا، أواسط العام 2012، بشكل أولي، إلى أن بدأت العمل بشكل رسمي في العام 2013. وضمت الغرفتان مع بداية تشكيلهما في العام 2012 المجالس العسكرية للجيش الحر، وسط دعم محدود، قبل أن يتوسع عملهما منذ العام 2013، بعد ضم نحو 100 فصيل عسكري في الجبهتين الجنوبية والشمالية بتعداد يقارب 60 ألف مقاتل. وتوسع الدعم الخجول تدريجياً عبر تسليح الفصائل بمضاد المدرعات الأميركي "التاو"، ومن ثم بالراجمات البعيدة "بي 21".

وأكدت مصادر "المدن"، أن "الغرفتين لم تكونا داعمتين حقيقيتين للمعارضة على الأرض، إذ دائماً ما كانتا ترسمان الخطوط العريضة والحُمر، ولطالما أعاقتا وحدة الجيش السوري الحر".

مصادر "المدن" أشارت إلى أن وقف برنامج "التسليح والتدريب" لن ينعكس في غياب الدور الأميركي بشكل كامل في البداية، وقد يكون تأثيره محدوداً، فـ"التمويل العسكري والمادي، كانت وما زالت تقدمه دول الخليج العربي بسخاء من دون تذمر، وقد انفقت مليارات الدولارات على مدى السنوات الست الماضية". واعتبرت المصادر، أن غياب الدور الأميركي سيعطي فرصة لدول الخليج في أخذ مكانتها ضمن غرف العمليات، بشكل أكبر، بالشراكة مع الدول الأوروبية، لاسيما بعدما كان دورها في المجال العسكري محدوداً خلال السنوات الماضية.

مصدر مطلع رفض الكشف عن هويته، أكد لـ"المدن" أن غرفتي العمليات سوف تستمران بالعمل حتى نهاية العام الحالي. وسيبدأ تنفيذ مشروع جديد أواسط تشرين الأول/أكتوبر لإعادة هيكلة المعارضة المسلحة، وبنائها من جديد، لتكون قادرة على أخذ دورها، مع دور أكبر لمستشاري وزارة الدفاع الأميركية والأمن القومي.

واعتبر المصدر أنه سيكون من المنطقي، مع هذه التغيرات الأميركية "إعادة رسم سياسة جديدة لغرفتي العمليات، والعمل وفق السياسة الجديدة لواشنطن التي ترعى اتفاقات دولية مع موسكو" مشيراً إلى أنه "ليس هناك أدنى شك بأن المشروع الجديد يتضمن هيكلة جديدة".

وأشار المصدر إلى أن "فكرة الفيالق الخمسة في الجنوب السوري أو في الشمال، لا تتعدى التكهنات، فالضباب ما زال يغطي المشروع الجديد"، لافتاً إلى أن "ما أشيع عن سحب السلاح الثقيل من الفصائل لم يتعدَ كونه بالون اختبار لرد فعل الفصائل". وأكد المصدر أن "ما يجري حالياً سيكون بالطبع ومن دون أدنى شك، أقل من المستوى التي تريده المعارضة المسلحة السورية من الجهات الدولية"، معتبراً أنه "لا وجه للمقارنة في الدعم بين حلفاء الأسد وحلفاء المعارضة".

وقال المصدر إن "فصائل المعارضة السورية لا تزال مُغيّبة بشكل كبير عن البرنامج الجديد، لكن هناك رسائل إيجابية عن المشروع الجديد قد وصلتها، من دون شرح وتفاصيل". فقرار الرئيس ترامب، جاء سريعاً بعد تفاهمه الأخير مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حول الملف السوري. تفاهم جاء عقب مفاوضات أميركية-روسية أدت إلى إقرار وقف إطلاق النار في جنوب غربي سوريا، ما اعتبره محللون وسياسيون محاولة أميركية لإرضاء روسيا.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024