"جيش الفتح" يقلب ميزان القوى جنوبي حلب

خالد الخطيب

السبت 2016/06/18
سيطر "جيش الفتح" على بلدات برنة وزيتان، واستكمل سيطرته على بلدة خلصه الاستراتيجية، ليلة الجمعة-السبت، بعد معارك عنيفة شنها مقاتلوه ضد قوات النظام والمليشيات المقاتلة إلى جانبه في ريف حلب الجنوبي.

عضو المكتب الإعلامي في "فيلق الشام" أحمد الأحمد، أكد لـ"المدن"، أن "جيش الفتح" قتل أكثر من خمسين عنصراً من المليشيات خلال الساعات الأخيرة من المعارك، بينهم عناصر من "حزب الله" اللبناني و"حركة النجباء" العراقية و"الحرس الثوري" الإيراني، وعناصر من جنسيات أسيوية، بالإضافة إلى أسر عدد من عناصر المليشيات بينهم عنصر من "حزب الله".

ووفق الأحمد، فقد دمّر مقاتلو "الفتح" خلال المعارك التي استمرت منذ مساء الجمعة وحتى صباح السبت، 15 آلية عسكرية، بينها مدرعات ناقلة للجند "BMB" ودبابات وسيارات مزودة برشاشات ثقيلة، أثناء انسحابها من مواقعها المتقدمة في زيتان وبرنة.

وجاء التقدم الأخير لمقاتلي "الفتح" بعدما عاودوا الكرة، وشنوا هجوماً جديداً على بلدة خلصه، التي بقيت فيها جيوب للمليشيات عند أطرافها الجنوبية والشرقية وتلة الحماية. وكانت خلصه المحور الرئيس للمعارك طيلة الأسبوع الماضي، وتمت السيطرة عليها بعد ثلاث حملات عسكرية منظمة.



ومهّد "جيش الفتح" لتقدمه في الأجزاء المتبقية من البلدة والتلال المحيطة بها، بقصف مكثف بالدبابات والمدفعية والهاون والصواريخ متوسطة المدى "كاتيوشا" و"غراد". وتقدمت مجموعات المقتحمين خلف المدرعات وعلى الدراجات النارية لتصبح وجهاً لوجه مع المليشيات التي اشتبكت معها حتى ساعة متقدمة من فجر السبت.

وبينما كانت فصائل من "جيش الفتح" تتولى مهمة تأمين كامل خلصه من مقاتلي النظام والمليشيات، أشغلت فصائل أخرى تابعة لتحالف "جيش الفتح" جبهات الحويز وبرنة وزيتان والسابقية والسد، عبر قصف المواقع المتقدمة للمليشيات بالمدفعية والصواريخ، وشن هجمات وهمية على المواقع ذاتها، لتشتيت الجهدين الجوي والبري للنظام والمليشيات وروسيا.

وما أن تحققت لـ"جيش الفتح" السيطرة الكاملة على بلدة خلصه، حتى بدأت قوات النظام في بلدتي زيتان وبرنة بالانسحاب من مواقعها باتجاه بلدة الحاضر، لأنها أصبحت مكشوفة لنيران مقاتلي "الفتح" من ثلاث جهات، وبات طريق امدادها في متناول نيران "الفتح" الثقيلة والمتوسطة من مرابضها في تلال خلصه.

وشهدت بلدتا زيتان وبرنة عمليات مطاردة لقوات النظام والمليشيات المنسحبة، وأعلن "جيش الفتح" تمكنه من تفجير عدد من السيارات وقتل طواقمها، واغتنام كميات من الأسلحة والذخائر التي خلفتها المليشيات.

من جانبه، لم يتمكن الطيران الروسي من إنقاذ قوات النظام في هذه المعركة، رغم الغارات الجوية المكثفة التي شنها ضد مواقع "جيش الفتح" وطرق امداد قواته جنوبي حلب، مستخدماً كافة أنواع القنابل، الفوسفورية والعنقودية والفراغية، حيث استهدفت المنطقة بأكثر من خمسين غارة جوية طالت العيس والحميرة والقراص وخان طومان والخالدية والطريق الدولي حلب-دمشق.

ولم تفلح أيضاً قذائف المدفعية والصواريخ المنطلقة من مرابض قوات النظام في "معامل الدفاع" جنوب شرقي حلب، ومن بلدة الحاضر في إيقاف تقدم المعارضة، على الرغم من كثافة القصف التي حولت المنطقة إلى كتلة من نار خلال ساعات المعركة.

القائد العسكري في "جيش المجاهدين" النقيب علاء أحمد، أوضح لـ"المدن"، أن الاستراتيجية القتالية لـ"جيش الفتح" وفصائل المعارضة جنوبي حلب ناجحة للغاية، وأربكت المليشيات و"الحرس الثوري" الإيراني، وكبدتهم خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد، وباتت تقضم مواقع سيطرتهم بشكل متواصل عبر هجمات برية منظمة وهادفة.

وأضاف النقيب علاء بأن التقدم الأخير لـ"جيش الفتح" قطع الطريق على النظام والمليشيات وأصبح وصولها إلى الطريق الدولي حلب-دمشق، من الماضي، وذلك بعدما خسرت رأس حربتها المتقدم في برنة وزيتان، اللتين لا تبعدان سوى كيلومترات عن الطريق، وتفصلهما عنه بلدة الزربة فقط.

وأشار النقيب علاء إلى أن الهدف الأبرز لـ"جيش الفتح" الآن أصبح السيطرة على بلدة الحاضر بعدما وصل إلى مشارفها. ويمكّن التقدم الأخير لـ"الفتح"، من شنّ هجوم نحو الحاضر، وبشكل متزامن، من محورين شمالي وغربي، باعتبار منطقة الحاضر منطقة سهلية مفتوحة تسهل السيطرة عليها إذا ما تم ضرب الدفاعات الأولى.

وربما سيتبع "الفتح" الاستراتيجية ذاتها التي اتبعها في برنة وزيتان وخلصه، للسيطرة على الحاضر. أي عملية الالتفاف وتفادي مواجهة المواقع المتقدمة الأكثر تحصيناً والعمل على الخاصرة الخلفية. كما يمكن أن تحقق السيطرة على بلدات السابقية وعبطين والسد والشغيدلة، حصار الحاضر بشكل جزئي، وتهديد طريق الامداد نحوها، وبالتالي إجبار النظام والمليشيات على التراجع، وفق النقيب علاء.

معنويات مقاتلي "الفتح"، تشير إلى أنهم سيواصلون القتال جنوبي حلب، حتى الوصول إلى جبل عزان ومشارف "معامل الدفاع"، كي يستعيدوا المناطق التي خسروها إبان الهجمة البرية التي شنها النظام وحلفاؤه من المليشيات بغطاء جوي روسي، نهاية العام 2015. ولا يبدو الأمر شديد الصعوبة في ظل التقدم المتسارع لـ"الفتح"، والخسارات التي تتعرض لها المليشيات، والتي بدأت تنهار تباعاً.

مقاتلو "الفتح" يعون بأن الأهم في هذه المرحلة هو تحصين المواقع الجديدة التي سيطروا عليها، وبناء تحصينات هندسية، وتقوية الدفاعات ونصب قواعد رصد وأنفاق لتحميهم من ضربات جوية متوقعة من قبل الطيران الروسي، وهجمات معاكسة من قبل المليشيات لاستعادة مواقعها، فهي لن تستسلم بسهولة بالطبع.

من جانب آخر، يواصل الطيران الحربي الروسي والمروحي التابع للنظام، هجماتهما الجوية على مواقع ومدن وبلدات في حلب وضواحيها، على الرغم من الهدنة التي أعلنتها وزارة الدفاع الروسية في مدينة حلب، بدءاً من يوم الخميس الماضي، وتنتهي منتصف ليلة السبت. وطال القصف الجوي بالبراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية، السبت، أحياء طريق الباب والمواصلات والشعار وباب النيرب والفردوس والكلاسة وبستان القصر والشقيف وضهرة عواد، في مدينة حلب. وفي الضواحي الشمالية طال القصف بلدات حريتان وكفر حمرة. كما تركز القصف على الملاح وتل مصيبين وطريق الكاستلو، ما تسبب بمقتل عشرة مدنيين على الأقل وجرح ثلاثين آخرين.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024