نائل بلعاوي.. المشهد المظلم في أوروبا 2020

المدن - ثقافة

الإثنين 2020/03/02
لم تعد أوروبا 2020 هي تلك التي عرفناها في 2015، تلك المتسامحة والمرحبة والفاتحة أبوابها في وجوه اللاجئين، فقد تبدلت الأحوال والمعطيات والسياسات والمشاعر، واختلفت الوقائع بالتالي عما كانت عليه آنذاك.. صارت مظلمة وقاسية ونقيضة لسابقاتها الوردية والإنسانية الكثيفة!

ذهب التسامح الأوروبي وغاب الترحاب، والأبواب أغلقت، وعادت ثقافة "نحن اولاً" إلى مطرحها الأثير والراسخ في الوعي الجمعي عند سكان هذه القارة الموحدة الان، رسمياً وشعبياً، حول خطاب "لا نريد المزيد من الاجانب"!

رسمياً وشعبياً، أكرر، فالخطاب الرسمي المعلن والواضح والصريح، يؤكد أن أبواب القارة لن تٌفتح، وردود الأفعلل الشعبية مرحبة وسعيدة بمثل هكذا قرار، وهي واضحة ومعلنة ومرئية في المواقع والصحف، كما في المقاهي والشوارع والسجالات الدائرة حول هذه القضية.

اتحدث هنا عن الوقائع ولا أحلل بالطبع، والوقائع هادرة ولا تحتاج تحليلاً أو عبقرية تفكك ألغازها: اليمين الأوروبي في أوج تألقه وسطوته، وخطابه يدور حول ثيمة واحدة : "خطر الأجانب"! والأزمات الاقتصادية مشتعلة في أنحاء القارة.. ثم كورونا! نعم كورونا.. هذا الفيروس الذي تحول إلى سبب جديد لرفض استقبال المزيد من اللاجئين: "لا نعلم شيئاً عن أعداد الذين أصيبوا بكورونا من بين هؤلاء الذين يحاولون الوصول الينا، ماذا لو كانت الأعداد كبيرة، وهذا ممكن، ومذا سنفعل حينها؟".

قرأت هذا الكلام حرفياً في صحيفة نمساوية اليوم، وهو منتشر الآن في الإعلام الأوروبي عموماً!

المشهد مظلم تماماً، ولا أعتقد بأن اولئك الذين يحلمون بمغادرة تركيا واليونان إلى أوروبا الغربية، على علم أكيد بظلامية المشهد القائم. وربما يعلمون ولا يبالون؟ فأوضاعهم الكارثية تستدعي الركون للأحلام والأوهام والاشتباك بمخالب المجهول، وهنا بالضبط تبرز مهمة المنظمات السورية الفاعلة والصادقة، إن وجدت، لتقول لأولئك الضحايا الذين تقطعت بهم السبل: لا تضعوا حيواتكم وأموالكم القليلة في سلال تجار الأوهام والأرواح، فأوروبا اليوم ليست أوروبا 2015، ومراكز الاحتجاز الكبيرة تنتظر على الحدود.
وهي مهمة جليلة ومطلوبة على الفور.

(*) مدونة نشرها الكاتب الفلسطيني نائل بلعاوي في  صفحته الفايسبوكية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024