الروائي السوداني حمّور زيادة: أنا "محظور" من دخول لبنان!

المدن - ثقافة

الثلاثاء 2019/06/18
أصدر الروائي السوداني، حمّور زيادة، تعميماً صحافياً عنوَنه "السلطات اللبنانية تمارس الحصار الانتقائي على فلسطين"، وشرح فيه كيف مُنع من دخول لبنان. وجاء في البيان:

"تشرفتُ بزيارة دولة فلسطين للمرة الأولى في ابريل 2016 بدعوة كريمة من مؤسسة متحف محمود درويش برام الله، للمشاركة في أسبوع الرواية العربية، ثم تشرفت مرة أخرى بزيارتها بدعوة من وزارة الثقافة الفلسطينية للمشاركة في فعاليات ملتقى فلسطين الأول للرواية العربية في مايو 2017. وكنت - في المرتين - بصحبة جمع كريم من الكاتبات والكتّاب العرب.

وكانت الزيارة متوافقة مع معايير الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل وحركة المقاطعة BDS.

إذ تنص معايير حملة المقاطعة على ما يلي:
عند توجيه دعوة لأي أكاديمي/ة أو فنان/ة أو مثقف/ة أجنبي/ة، تلتزم المؤسسات الفلسطينية بمبادئ ومعايير المقاطعة الأكاديمية والثقافية المقرة فلسطينياً في تنظيم الزيارة بحيث:
1. تُطبِّقُ معايير المقاطعة برفض تنظيم أية أنشطة مشتركة، مباشرة أو غير مباشرة، مع أي طرف إسرائيلي خاضع للمقاطعة تحت أي ذريعة، وبغض النظر عن الطرف المنظم لهذه الأنشطة...
‌2. ترفض التعاون بأي شكل مع محاولات بعض المؤسسات الأجنبية خرق المقاطعة عبر تنظيم أنشطة لأكاديميين أو فنانين أو فرق فنية من الخارج مع مؤسسات إسرائيلية خاضعة للمقاطعة ثم "تبييض" هذا التواطؤ بتنظيم أنشطة موازية، "متوازنة" لهم مع مؤسسات أو جهات ثقافية أو أكاديمية فلسطينية (وحتى من دون علاقة مباشرة بين الطرفين)؛
3. ترفض استقبال أي أكاديمي/ة أو فنان/ة أو مثقف/ة اجنبي/ة في المؤسسات الأكاديمية والثفاقية الفلسطينية خلال زيارة تشمل إقامة علاقات مع أطراف إسرائيلية خاضعة للمقاطعة،كي لا يستخدم الطرف الفلسطيني كورقة توت لتقويض المقاطعة؛
‌4. اهتداءً بتجربة المقاطعة في جنوب أفريقيا، تشجع الفنانين/ات والأكاديميين/ات الأجانب الزائرين/ات على تبني مبادئ نداء المقاطعة (BDS).

دخلتُ الأراضي الفلسطينية من الحدود الأردنية برخصة زيارة صادرة من السلطة الفلسطينية، وعلى ورق رسمي يحمل اسم السلطة الفلسطينية وشعارها وختمها. وكان في انتظاري في المرتين موظفون رسميون فلسطينيون حملوني من مطار الملكة عالية حتى مدينة رام الله، وعملوا على تسهيل كل خطوات التنقل والدخول.

وشاركتُ في احدى الزيارتين في دعم اعتصام أمهات الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. ولقيت في المرتين حفاوة من المثقفين والمواطنين الفلسطينيين أينما ذهبنا ككتّاب عرب. بل حتى بائعات اللوز في شوارع أريحا، كن يحتفين بنا، ويطلبن منا ألا ندعهم ولا ننقطع عن زيارتهم.

ودرجَت السلطة الفلسطينية على تنظيم زيارات عديدة للكتاب والمثقفين العرب في مناسبات مختلفة منها معرض فلسطين للكتاب.

رغم ذلك فقد تعرضتُ لما يلي:
في يناير 2018 توجهت الى لبنان للمشاركة في فعالية ثقافية لمؤسسة ثقافية عربية معروفة. فتم ايقافي في مطار رفيق الحريري واستجوابي لأكثر من ساعة عن "زيارتي لإسرائيل".
ومع ملاحظة ان جواز سفري لا يحمل أي ختم دخول، لدولة فلسطين ولا لإسرائيل، الا اني لم أُخفِ زيارتيّ، وأجبت بكل وضوح اني لم أزر إسرائيل لكني زرت فلسطين مرتين.
الضابط الذي قام باستجوابي أكد لي أكثر من مرة أنه لا فرق لديه. وأن كل الأراضي الفلسطينية محتلة، وانه لا يعترف بإسرائيل ولذلك تتساوى عنده زيارة يافا وزيارة رام الله. حاولت أن أبيّن له ان منطقه معوج. وأنه بهذا المنطق يحق لي نظرياً زيارة الداخل الفلسطيني المحتل، بينما معايير المقاطعة العربية تلزمنا بعدم زيارة هذه الأراضي، وتشجعنا على التعاون مع المؤسسات الرسمية الفلسطينية في الضفة الغربية/ دولة فلسطين. واحتججت بأن دولة فلسطين لديها سفارة معترف بها في لبنان، ومن حقها أن توجه الدعوات للمثقفين العرب لزيارتها. لكن كل ذلك لم يُجدِ.

وانتهى الأمر بمنعي من دخول لبنان، مع التنبيه عليّ شفهياً بأن أتقدم للحصول على إذن أمني خاص إن أردتُ زيارة لبنان مرة أخرى.

في يونيو 2019، تلقيتُ دعوة من قناة فضائية دولية للتسجيل معها في مكتبها في بيروت. فأخطرتهم بأني أحتاج لإذن أمني فقبلوا مشكورين بالتكفل به. لكنهم حين قدموا جواز سفري للأمن العام اللبناني كان الرد أني "محظور" من دخول لبنان!

أنشر هذا التعميم ليس لتغيير الوضع، ولا هو شكوى للجهات المتخصصة اللبنانية، لكن لتمليك الرأي العام والمثقفين العرب والفلسطينيين واللبنانيين تفاصيل هذا الموقف الغريب. إذ يُحظر كاتب عربي من زيارة لبنان، لأنه استجاب لدعوة رسمية من مؤسسة ثقافية بدولة فلسطين!

وأكثر ما يثير الدهشة أن عدداً كبيراً من الكتّاب والمثقفين العرب الذين زاروا فلسطين معي، أو في زيارات أخرى، لم يتعرض أحدهم لهذا الموقف. بل عند إيقافي في مطار رفيق الحريري، كانت معي روائية عربية زارت فلسطين أكثر من 10 مرات، ولم يتم التعرض لها. ولا أستطيع أن أنظر إلى هذا الحظر الانتقائي، ألا على أنه حظر يحمل دوافع عنصرية تجاه كاتب سوداني لا ينتمي الى المحيط العربي ذي البشرة فاتحة اللون.

لقد تشرفتُ بزيارة دولة فلسطين، وعلى استعداد لزيارتها متى نادَتني، حتى لو أدى ذلك لحظر دخولي إلى كل الدول العربية. فلن أكون معاوناً للحصار الإسرائيلي على الفلسطينيين. كما أني أتشرف بجواز سفري السوداني، ولن يُخجلني منه هذا الحظر الانتقائي العنصري.
وليخجل الذين يريدون محاصرة الفلسطينيين، ويمارسون هذا الحصار بانتقاء عنصري".
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024