الثلاثاء
2021/10/12
كتبت الشاعرة والكاتبة الأردنيّة زليخة أبو ريشة في صفحتها الفايسبوكية: "عندي في هذا الأسبوع ثلاث جلسات في المحكمة، لثلاث قضايا؛ اثنتان في يوم واحد. والتهم تتعلّق بتجاوز الخط الأحمر للتعبير. والمدَّعي هو الإسلام السياسي عبر المدعي العامّ. ونظراً لصعوبة حركتي وتنقُّلي، سأحجز مكاناً على الرصيف أمام المحكمة لأبات فيه، مع طاقم إسعاف للطوارىء، مع حرس الأمن الوقائي؛ فالله وحده هو الذي يعلم ما الذي يمكن أن يحدث لامرأة في التاسعة والسبعين، عندها جميع أمراض الشيخوخة (القلب، وضغط الدم، والسكّري، والعيون، والمفاصل، والعظام)!".
وعلق الشاعر عيسى مخلوف: نقرأ هذه الكلمات وسط صمت عربي مَديد وهائل يغطّي جرائم قتل، فكيف لا يغطّي الآن ثلاث جلسات في المحكمة، وفي مدى جغرافي تضؤل فيه قيم الحرّيّة والعقل والقانون إلى الحدود الدنيا؟
الذين يتحدّثون عن "المسّ بالذات الإلهيّة"، ويُنَصِّبون أنفسهم مدافعين عنها في الأرض الخراب، لا يَفقَهون شيئاً عن الإنسان وعن أبسط حقوقه.
إنّهم نتاج أنظمة العنف والجهل، الأنظمة غير القادرة على بناء مدرسة واحدة بالمعنى الحديث للكلمة.
وكتب
يحيى القيسي: الدعاوى المرفوعة على الأديبة زليخة أبو ريشة بهدف "جرجرتها" في المحاكم رغم أنها في التاسعة والسبعين من عمرها، رسالة ترهيب واضحة لمن يفكر بتدبر آيات الله تعالى أو ممارسة حرية التعبير، كي يترك الدين ومشاغله للمتخصصين في الشريعة، وموظفي وزارة الأوقاف ودائرة الافتاء.. وكأن الدين حكر على هذه الفئة، أو أن الإسلام فيه كهنوت ورجال يمثلون الله على الأرض!
آيات كثيرة تحضّنا على التدبّر والتفكّر والتأمل والقراءة، دون أن يكون هناك عقاب حتى على من يرفض الدين نفسه، فما بالكم بمن يقدم اقتراحا أو ينتقد سلوكا، أو يراجع ما ورد في الفكر الديني النقلي الذي وصلنا بقمحه وزوانه!
ما يجري لزليخة مؤشر سلبي لا يليق بدولة تحتفل بمؤيتها ولا بحقوق الإنسان ولا بحرية التعبير كما أسلفت، وهذه الدعاوى لن ترهب أي مفكر أو متأمل عن المضي بطريقه.. فالأولى الرد على الفكر بالفكر نفسه لا بالعرض على المدعي العام وما يتبعه من إجراءات تصلح للمجرمين والمُكفّرين لا للمفكرين..!
وعلقت
ميس يحيى عبدالرحيم: "دعاوى كثيرة رفعت على الكاتبة زليخة أبو ريشة من الجماهير التقية الورعة بتهمة التطاول على الأديان وطالبت بمحاكمتها، والسبب أنها تطرب لسماع الأذان واقترحت سماعه بصوت عبدالباسط أو أم كلثوم - التي لها مقاطع كثيرة من القرآن الكريم بصوتها - فقامت الدنيا ولم تقعد لماذا؟ لأن صوت المرأة عورة وهذا فيه الكثير من التعدي على دين الله تعالى وسنة رسوله! هوجمت على مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات تقترح (من باب السخرية) سماع الأذان حسب المقامات الموسيقية، علمًا أن الأذان يُقرأ فعلًا على مقامات مثل سيكا حجاز صبا ونهاوند مثلًا.
كالعادة نحن كما وصفنا غوستاف لوبون أو علي الوردي على أهبة الاستعداد للتشجيع والهتاف في قضية ليس لنا منها إلا القشور. أما سياسات التجييش فقد نجحت تمامًا في تشكيل القضايا السخيفة ضمن قالب ديني لأنها الأسهل في إثارة العاطفة لدى شعوب تؤمن دون أن تفكر. فأصبحت القضايا التي تهيج لها الشعوب سخيفة سطحية لا علاقة لها بالرب من قريب أو من بعيد.
ماذا عن مقدسات الله المغتصبة؟ ماذا عن جوع المسلمين في بلادهم؟ ماذا عن تهجير الملايين من ضحايا سياسات تتكالب على تقسيم ثروات بلاد العرب؟ ماذا عن حكومات تعمل على إهانة، إذلال، ابتزاز، سحق شعوبها؟ أصبحنا مُستعمرين بشكل مضحك، فرق مشجعة لا تفقه في اللعب شيئًا.