"الكعب الأبهر" لراهيم حسّاوي... الأختُ حبيبةً أزليّةً

المدن - ثقافة

الجمعة 2021/11/12
تصدر قريبا عن منشورات هاشيت انطوان رواية  "الكعب الأبهر" للكاتب السوري المقيم في ألمانيا، راهيم حسّاوي... رواية بحبكة بسيطة بطلها محرر أدبي شاب شخوصها اخته وجيرانه وزملاؤه في العمل. تتحدث عن يوميات هؤلاء وعلاقاتهم بعضهم ببعض. لكن محورها الاقوى يظل علاقة البطل بأخته. ربما هي الرواية الأولى في العالم العربي التي تحاكي موضوع الاخوة. هي بمثابة قصيدة حب وعرفان للاخت، فأخت الراوي لم تنل نصيبها من العلم بسبب ظروف العائلة المادية وموت الوالدين بينما اكمل اخوها، البطل، تعليمه، الان بعد ان كبرا، يحاول الاخ ان يعترف بفضل اخته عليه في تعزيز ثقتها بنفسها وتعويضها عما فاتها من معلومات واستحقاقاات ومحكّات.

جاء في تعريف الرواية:
كان ذلك أول حبّ في حياتي، لوجهٍ لم أحفظ سواه. ضحكتها تقودني إلى فكّ التفاصيل بعضها عن بعض، واستياؤها يقودني إلى ربطها، والنوم بجانبها يمنح الليل سكينة، والنظر إلى وجهها في لحظات ما قبل النوم يفتح باباً لشمس الصباح، والمكان الذي تكون فيه يملأ قلبي بالفرح. كانت، حين تركض إلى المطبخ لإطفاء البوتوغاز، يسبقها قلبي إلى ذلك، وأثناء ارتشاف الشاي كنتُ ألمح وجهها بعينين أتركهما فوق حافة الكوب، وأحياناً تتوافق نظرتانا من فوق حافة الكوبين ونحن نتقابل على طعام الإفطار. كنتُ أرتشف عينيها، وكنتُ أهتمّ بمكان جلوسها، فإمّا أنْ أجلس بجانبها فأشعر بكثافتي، أو أنْ أجلس في الجهة المقابلة لها فأشعر بامتدادي. وحين يقرع أحد جرس باب البيت وتسبقني في فتحه لا أنظر في وجه الزائر، بل في وجهها حين تستدير، وكأنّها هي الزائرة بعد فراقٍ طويل. 

وكنتُ أرى أنّ الأشياء تأخذ مكانتها منها، وتتوسّطها، كالليل والصباح والظهيرة. منذ صغرها حتى بلوغها السابعة والثلاثين لم تزل مفعمة بالإحساس والمشاعر، وأصغر الأشياء تؤلمها، نظرة سيّئة إليها أو كلمة في غير مكانها تجعلها تشعر بالألم. وليس من عادتها أنْ تستعجل البكاء، تبكي في وقتٍ مفاجئ بعد عدّة أيام، وكأنّها كانت تقاوم مياه سدّ أصابته الشقوق. حتى الآن، لا تزال ريّا تعلو فوق كلّ ما تراه عيناي، مثل قطعة خشب تطفو على الماء، فهي خلاصي السعيد، مثل آخر دولار في جيبي يكفي لركوب حافلة توصلني إلى البيت. 
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024