محمد خضير... بنو اسرافيل(*)

المدن - ثقافة

الثلاثاء 2019/03/12
قد يزدهر الشعر في زاوية الفيروز والبنيّ، بين الأغنية وقدح القهوة، محوطا بلوازم الطقس السري: الهمس والاشارة والموسيقى.

ثلاثة أصوات متآلفة، متناوبة على المنّ والسَّلوى، من بني اسرافيل، نافخ البوق في قيامة العراق المعاصر. البصرة والناصرية وثالثتهما بغداد المدورة. ثلاثة اسماء أصلية في طقس البوح والرمز والتجريد الشعري الهامس. أضلاع الفيروز والبنيّ المحترق.

النثر الشعري مساوٍ لما قد يصبح تجريداً موسيقياً، حركةً في الزمن، وآيةً محكمة الدلالة. ففي شعر أحمد عبد الحسين تصفح لكتاب الروح، وفي قصيدة صادق مجبل تطهير ذاتيّ، وفي تأمل علي محمود تحليق نحو الأعلى.

التجريد الشعري يتعلق بقرائنه، يتوق النزول الى أرض البشر، إلا أن جنسه التأملي يمنعه من الاختلاط بهذر القواميس الجامدة والسنن العرفية الميتة. الشعر التجريدي ائتلاف جوهري في صميم الصخب واللاجدوى. وفي طقس مثل هذا ينزع التاريخ (تاريخ العواصم المهيمنة والمدن الحجرية النفعية) ينزع أسماله، مولياً الأدبار، ملقيا بعصا السحر الفرعونية، أمام الحقيقة المتخارجة بصدق وتمكّن.
متى يكون للشعر هذه الغلبة على الزمان والمكان المحدودين بصدفة اللقاء وطقس التناول الرمزي؟
الشعر يغلب بأدواته فحسب. الفيروز والبنيّ، وبينهما العود المضروب على مهل؛ بمتعة الحضور والغياب؛ الاجتماع والانفراط على عجل. هكذا. كيلا يأسن الوقت وتطفح مجاري المدن الحجرية.

(*) مدونة نشرها القاص العراقي محمد خضير في صفحته الفايسبوكية.
©جميع الحقوق محفوظة لموقع المدن 2024